ليلى الأطرش تنحاز إلى القدس وتوقع روايتها “ترانيم الغواية”




آية الخوالدة*

 في حفل أقامه منتدى مؤسسة عبد الحميد شومان الثقافي في العاصمة الاردنية عمان، وقعت الروائية الاردنية ليلى الاطرش «ترانيم الغواية»، بحضور نخبة من المثقفين والمهتمين، ويأتي التوقيع بعد حصولها على جائزة الدولة التقديرية في حقل الآداب في مجال الرواية بالتساوي مع الروائي جمال ناجي، والروائية سميحة خريس. 
ترأس الجلسة وأدار الحوار عبدالله رضوان وشارك فيها ابراهيم خليل، فايز رشيد، وليد أبو بكر. وابتدأ خليل مداخلته بذكر روايات الكاتبة التي صدرت قبل «ترانيم الغواية»، موضحا: «وتشرق غربا 1988 ، وامرأة للفصول الخمسة 1991 ، وليلتان وظل امرأة 1998 ، وصهيل المسافات 1999، ومرافئ الوهم 2005 ، ورغبات ذاك الخريف 2010 ، وأبناء الريح 2012 ، لتؤكد الاطرش رسوخ قدميها في حقل الكتابة الروائية في كل من فلسطين والأردن».

وأضاف لعل من الأسئلة التي تراود القارئ قبل غيرها، سؤال العنوان، فقد اعتاد القارئ على الربط بين رواياتها وما تختاره لها من عناوين تسلط الضوء على المضامين أو الرؤى التي تتطرق إليها في الرواية. بدءا من و»تشرق غربا» حتى رواية «ابناء الريح». فالعنوان لديها يسلط الضوء على الخفي والمضمر من دلالات النص، اكثر مما هو علامة او سمة طاغية على غلاف الكتاب، ومن يقرأ الرواية يكتشف مباشرة، وبدون أدنى مواربة، أن كلمة الغواية وما يشتق منها من كلمات قريبة المعنى تتكرر فيها تكرارا لافتا.
واكد فايز رشيد ان «ترانيم الغواية» للأطرش تأتي في وقتها تماما، حيث تتعرض القدس والأقصى إلى مؤامرة التهويد والاقتحامات. والرواية تشكل انحيازا للقدس مقارنة مع بعض الروايات الشبيهة التي تطرح القضية بحياد سلبي. 
وقال، الرواية منحازة في ما بين سطورها الى القدس الفلسطينية العربية بكل اسلامييها ومسيحييها واهلها. استوقفني عنوان الرواية: فإذا كانت الترانيم تعني طرب الاناشيد الصغيرة الدينية، وإذا كانت الغواية تعني الإمعان في الضلال، فهذا يعني ان الروائية قصدت هذا العنوان، الذي لم يأت صدفة وإنما تعمدتهـا، ولكن أي إمعان في الضلال تعني؟ وفقا لرؤيتي ومن قراءتي للرواية فإنه الضلال المتمثل في الصراعات العلنية احيانا والمخفية في الكثير منها، صراعات بين الطوائف والمذاهب، صراع بين العديد من العائلات الكبيرة التي تتنافس على الزعامة (من أجلها وليس من أجل خدمة الناس) إنها الغواية التي كانت احد اسباب ضياع جزء كبير من القدس على طريق التهويد! هذه الغواية التي نرى بعضا من مظاهرها في مدينة الله، والمتفجرة علنا في عالمنا العربي، بما يهدد بالمزيد من الضياع للمدنية المقدسة، وللعديد من اقطار العالم العربي، إن في تخريب نسيجها الاجتماعي أو في تفتيتها إلى دويلات متحاربة. غواية الجهل بما يخططه المستعمرون وأعوانهم الصهاينة غواية جهل القيادات.
فيما اشار الكاتب الفلسطيني وليد أبو بكر إلى أن ليلى الأطرش لم تلتحق بالنمط السائد في كتابتها للرواية: إذ خرجت مبكرا من عباءة السيرة الذاتية التي يلجأ إليها معظم الكاتبات العربيات، ولجأت إلى المجتمع الذي تعيش فيه، وهي تلاحظه بعين الفنان التي تربط الظواهر، وتخرج منها بعد ذلك بالصيغة الروائية المناسبة، البعيدة عن الذات في وقائعها، القريبة منها في موقفها من القضايا التي تعالجها وهي تطرح فيها وجهة نظر، لا يمكن ان توصف إلا بأنها تنحاز إلى العصر، وإلى تقدم المجتمع، بالمقياس الحداثي للتقدم.
وتجربة ليلى الأطرش في المجتمع استوعبتها في عدد من اعمالها، فاتضحت مثلا في تناول الاقتصاد الطارئ، وتأثيره على التكوين الشخصي للناس، وعلى سلوكهم، في مجتمعات خبرتها جيدا، كما انعكست بشكل ريادي في تحليل الشخصية الإعلامية، من خلال تجربتها في الاعلام. 
واضاف أبو بكر:»خلال استلهام التجربة الحياتية، وبناء شخصياتها الروائية، يسجل للكاتبة ايضا قدرتها على التعامل مع ما هو حساس من مواضيع، كان من بين ذلك ان عالجت موضوع التطرف الديني، قبل ان يستفحل الى الحد الذي نلاحظه الآن، وربما قبل ان يفطن إليه كثيرون ايضا».
وعن روايتها قالت الأطرش «ترانيم الغواية هي قصة حب محرم، إطارها العام هو التبدلات التي حكمت القصة وتسببت فيها. والسؤال: هل يكتفي الكاتب حين يتصدى لفترة تاريخية لم يعشها ان يعتمد على المراجع والكتب؟ وهل يمكن الكتابة عن مدينة إن لم يعش عبقها؟»
الكتب والوثائق والخرائط وشهادات اهل القدس على الإنترنت ومذكرات رجالاتها وسير حياة شيوخها واسرار طوائفها لم تكن تكفي، عشرات المراجع عن الحياة الاجتماعية والعادات والتقاليد والمذكرات وصراع الطوائف وبناء القدس الجديدة قرأتها، ولكنها كتب ومراجع مبذولة لمن يريد ويبحث.
واعترفت الكاتبة بأنه ليس سهلا ان تقاوم اغواء التاريخ وأنت تكتب رواية عاش ابطالها في زمن مضى، كانت أمامي أسرار كثيرة وخفايا سياسية واجتماعية ودينية مثيرة. وأنا أكتب عن مدينة ولدت متعددة فالقدس، ومنذ وجدت، سكنها الأقوام وقصدوها لمكانتها وقدسيتها وتحاربوا من أجلها.
«ترانيم الغواية» رواية كتبتها في ثلاث سنوات، فبين التفكير والبحث وإعادة الكتابة ومحاولة التوصل إلى نوع التفكير ولهجة الأبطال امتد بي الزمن.

– القدس العربي

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *