( ثقافات )
صدر ديوان شعري جديد للشاعرة العراقية المقيمة في عمّان مي مظفر بعنوان غياب (2014) .
اختارت الشاعرة في مقدمتها لديوانها ان تقول :
سألتني صديقتي الشاعرة بشرى البستاني عن اسم ديواني الجديد ، فقلت “غياب” . شيء من الأسى طفا على وجهها السمح ، وهي تتساءل عن سبب اختيار هذا العنوان المتشائم . قلت : منذ سنوات ونحن نعيش حالات من الزوال : الوطن أولا ، وما تبعه من فقدان الإرث الحضاري ، ثم الأمن والبيت والأهل والأصدقاء ، أخيرا وليس آخرا فقدان الذاكرة العامة والخاصة . كان ذلك قبل أن يحل الغياب الأكبر: رحيل رافع .
كتبت قصائد هذا الديوان ما بين 2009-2014 . ولدى اكتمال جزء كبير منه ، عرضت القصائد على رافع ، قارئي الأول والأهم ، فلامست مشاعره أول ما لامست ، بنبرة صوتها الخافتة ، وتماهت مع ما يعتمل في وجدانه من مرارة الفقدان . تحمس لها ، واختار ثلاثة نصوص ، علقها ، مكتوبة بخط الثلث ، على لوحة برامجه القادمة ، تمهيدا لإنتاج محفظة Portfolio من ست صور محفورة ومطبوعة Prints بعنوان ” غياب ” ، وكتب إلى جانبها بخط يده تفاصيل العمل محددا نوعية الورق والتقنية . كان ذلك في مطلع 2013 ، ولم يتسن له تحقيق المشروع .
بعد رحيله واصلت العمل على إكمال الديوان الذي غدت فيه فكرة الغياب أشد تعقيدا على المستويين العاطفي والفكري . إنسان وفنان معطاء مثل رافع الناصري ، ترك ما ترك من إرث فني وثقافي وتعليمي ، لا يمكن أن يغادر الحياة كما يغادرها أي إنسان ، وهو لا يمكن أن يغيب . فأثره في كل مكان ، ومكانته راسخة في قلوب محبيه وأصحابه وعشاق فنه .
أما أنا ، فمن أجل سلامة البقاء بما يؤهلني الحفاظ على تركته للقادم من الأجيال ، حرصت على أن أحيط نفسي به كما كان وكنا ، وبأيام العمر الجميلة التي أمضينا على مدى أربعين عاما . أراه يطل علي صباح مساء بتجلياته الجمالية ، بدفاتر يومياته ورسائله ، وما حقق من مشاريع وما بقي مدونا ، يخاطبي وأخاطبه ، حتى لم أعد أدري من الغائب منا ومن الحاضر : أأنا الغائبة في حضوره الطاغي ، أم هو الحاضر في غيابي ! هل رحيله غياب، وهل بقائي حضور ؟
من أجواء الديوان نقرأ :
أحياء بغداد انطوت
لم يبق غير حديقة مهجورة
وصحيفتين بلا حروف في نهار كلما
انتحرت عقارب وقته
أبقت على وهم الرجوع .
يقع الديوان في 96 صفحة من القطع المتوسط . تصميم الغلاف للفنان العراقي محمد نمير .