اشتهاءات !


*ماجد شاهين

( ثقافات )

( 1 ) و الرصيف المُشتهى ! 
والرصيف ُ المُشتَهى ، فيه أصدقاء ٌ وقورون و فيه أصدقاء آخرون أنصاف ُ مجانين وفيه أشخاص وأصدقاء أعدّوا أذهانهم لــ ِ ( جنون مُحتمل ) و فيه وعنده صخب خفيف و بنّ ٌ برائحة نفّاذة و شاي ٌ من الصنف الملائم للفقراء ولعابري الطريق .
.. وفي الرصيف المُشتَهى ، باعة جوارب و سراويل داخلية من الصنف الرديء وتنفع للاستخدام لمرة واحدة .
.. و عند الرصيف ، شحّادة ( مستعطية ) تقابلك في اليوم أكثر من عشرين مرّة لكي تستطيع الحصول من الرصيف والشارع على حصّة 
( المتعهد ) الذي تعمل لديه و على حصّتها التي تريدها غلةّ وافرة .
.. و في الرصيف المشتهى ، رائحة عفن المياه التي انبعثت من خراب أنابيب الغائط ومخرجات الأجساد الآدمية .
.. في الرصيف المشتهى ، شخص ٌ ضليع في الغموض و مبدع ٌ في التزامه الصمت ، و يظنّ أننا لا نعرفه .
.. في الرصيف ، أقفاص عصافير للبيع ، لا أحد يشتريها .
.. في الرصيف المُشتَهى ، إسكافيّ يطوّع الأحذية لكي تغدو صالحة للاستخدام سنة إضافية أخرى ، و في الرصيف خائط أردية يرتق ما يغطي عورات الجسد .
.. في الرصيف ، فتية يتنادون ويتصايحون وفيه باعة حطب و باعة خطب و فيه وعنده قطط تسعى إلى رزقها و آدميّون ينهرونها أن لا تقترب .
.. في الرصيف : أنا و صاحبي الذي أوشك أن يفقد بعضه ، و جدار مكتوب عليه : هنا تُصنَع ُ الحكايات .
( 2 ) و شار ع ٌ مُشتَهى !
والشارع ُ المُشتَهى ، شار ع ٌ لم يتطاير فيه رذاذ الشتيمة ، وإن ْ 
هدر فيه صوت أو ارتفع فيه السعال ُ إلى ضجيج الوجع .. شارع يتقن فيه وعنده حرّاس الذاكرة طرد َ ( نُتف ِ الخرابِ ) و إبقاء فضاء الناس خالياً من سيرة الملتاثين .
.. والشارع ُ المُشتَهى ، شارع لا يُخرج ُ فيه رغيف الخبز لسانه لنا فيما نحن يذبحنا اللهاث .
.. والشارع المشتهى ، نعرف فيه من وجوه الناس متى سيهدل الحمام .
( 3 ) و في الماء المُشتَهى ! 
في مجرى الماء ، السيل القليل ، والماء لم يعبث بها تكدّر ٌ ولم يخالطها عفن ٌ ، هناك في المجرى / السيل / شقيق النهر ، كان عرض المجرى يزيد عن مترين و المسافة بينهما زادت عن مائتي متر .. هو هنا في أوّل الطريق / الماء ، يبعث رساله عبر ورق الشجر القليل و يحمل حجراً صغيرة ويرمي بها هناك فتضرب في المجرى و تتطاير الماء و قد تصيب وجهها .
.. هل قلت ُ و جههَا ؟
الوجه قد يكون في روح الماء أو على صفحة الماء أو في آخر المسافة عند الحجر الصغيرة التي تطايرت معها ملابس الماء .
..
هناك ، أنثى الماء تخلع شالها لتغسل الضفيرة بماءٍ كان داعبه حالم ٌ في الطرف الآخر .
.. 
هناك أنثى الماء ” تحفن ” الماء وتغرف و تجعله على خدّيها كأنّما ترطّب غياب الفاكهة .
..
في الماء / عند مجراها / عند الحصى القليلة اللامعة / عند وجه الفتى / عند يديّ البنت الناعمتين … عند وقت العصر : تجتمع الحكاية والرائحة وتؤلّفان سيرة البلد والولد و قصّة الحياة التي لم يكتبها أحد !
..
هناك ، في النهر القليل وربّما في الأماكن كلّها ، في روح الماء : ترفع اليمامة نشيدها و تنادي .

شاهد أيضاً

قصة “الظل” لإدغار آلان بو

(ثقافات) قصة الظل[1]. إدغار آلان بو ترجمة: عبد القادر  بوطالب                أنت الذي تقرأ ما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *