“الرواية التاريخية” في ملتقى فلسطين الثقافي




( ثقافات )

ضمن برنامج الندوات الشهرية المتخصصة ، عقد ملتقى فلسطين الثقافي بمدينة رام الله ندوة أدبية تحت عنوان ” مفهوم الرواية التاريخية ” وذلك بمقر الملتقى في مكتبة دار الشروق-رام الله ، يوم السبت 18/10/2014، وقد استضاف فيها كلاً من الروائي الدكتور أحمد رفيق عوض ، والدكتور الباحث والناقد ابراهيم ابو هشهش وأدارها الشاعر الدكتور ايهاب بسيسو ، الذي بدأ الندوة متسائلاً عن المفاهيم الاساسية لكتابة التاريخ من خلال السرد الروائي ، وعلاقة ذلك بتحديد الهوية الثقافية والقومية ، ومشيراً في الوقت ذاته الى الجهد الروائي الفلسطيني بهذا الصدد ومساهمته في ترسيخ مفهوم ” الفلسطنة” مؤكداً بهذا الصدد ان في الأدب يعني –ضمن أمور اخرى – الأدلجة والنمذجة .
وفي مداخلة ، اشار الباحث والناقد الدكتور ابراهيم ابو هشهش الى البدايات الاولى لظهور الرواية التاريخية في الغرب حيث بدأت على بد العالم الانكليزي والتر سكوت عام 1801 ثم وصلت الى العرب في بداية القرن العشرين على يد الروائيين من لبنان ومصر ، وكان اولهم جورجي زيدان الذي كان متقدماً في فن الرواية التاريخية من حيث البناء والتوظيف ، رغم الانتقادات التي وجهت اليه الا انه كان رائداً في هذا المجال ، وعّرج ابو هشهش على ذكر النماذج والتيارات التي حكمت اشكال ومضامين الرواية التاريخية العربية ، من حيث رغبتها في اعادة كتابة التاريخ او اعتباره غير منجز او امكانية التواصل مع هذا التاريخ سلباً او ايجابياً ، واعتبر هشهش ان الرواية التاريخية عموماً تعتقد ان التاريخ في صيرورة دائمة ، وان الرواية تحاول ان تعيد فهم تلك الصيرورة بشكل او بآخر ، وعدد ابو هشهش وظائف الرواية التاريخية بالقول انها تسعى الى تعزيز الرواية القومية أو أن تعيد الاعتبار الى رموز او مراحل او حوادث ، ولكنها في نهاية الامر تقدم مفهوماً راهنا او رؤية جديدة .
من جهته ، قال الروائي الدكتور احمد رفيق عوض ان ما كتبه من روايات ومسرحيات انما كانت انشغالاً واشتغالاً بمشروع طموح يتعامل مع التاريخ باعتباره المنطقة الأوسع والأرحب للبحث عن ثوابت ومرتكزات ثقافية افرزتها الثقافة العربية والاسلامية ، ولهذا ، فإن كل ما كتب طرح السؤال الاكثر اهمية بالنسبة له وهو : لماذا هذا الغياب العربي عن مشهد الحضارة الانسانية منذ عقود طويلة ،واين كان الخلل ، في الجمهور ام في الثقافة ، في الدولة او في المجتمع . وقال د. عوض ان احدى اهم المشاكل التي حاول التعامل معها هو حضور حكم العسكر في التاريخ العربي الاسلامي ، وهو نظام حكم عطل إلى حدٍ كبير تطور المجتمعات العربية والاسلامية بشكل كبير . واضاف عوض ان رواياته التاريخية وكذلك المسرحية انما عكست ايضا صراع الذات العربية والاسلامية مع نفسها ، وكذلك مع الاخر النقيض ، واعتبر ان احدى محركات الثقافة العربية الاسلامية هو صراعها مع الاخر منذ القرن السابع الميلادي حتى اليوم ، وقال ايضاً ان في رواياته التاريخية يظهر مفاهيم يؤمن بها ومنها ان التاريخ لا يتكرر ولا يعيد نفسه ، وان التاريخ ليس فقط انعكاساً لادارة الانسان فقط ، بل ان هناك مشيئة الله التي تتدخل لحكمة لاندركها ولا نعلمها ،واضاف ان التاريخ يتحرك ليس فقط بالجمهور ةانما بالقادة .
وقد اثارت الافكار التي طرحها المتحدثون الكثير من الجدل مع الحضور ، حيث تساءل هؤلاء عن مدى تزييف التاريخ او ادلجته الى درجة تغيير وقائعه او تقديمه بشكل صادم ، كما طرح الحضور اسئلة حول غياب الرواية الادبية الفنية التاريخية الفلسطينية وعدم اهتمام العالم العربي بها ، ومدى توظيف هذه الرواية في تأسيس ما يكمن وصفه بخدمة حدود الدولة ، وقد اتفق الحضور على أن الوطن اكبر من الدولة ، وان الرواية الفلسطينية التاريخية كغيرها من اجناس الادب الاخرى تواجه معضلة كبرى في الحفر والتأسيس لوطن اشكالي عمل كثيرون من أجل اجهاضه او تذوبيه .

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *