مولانا جلال الدين الرومي: إنارة وتنوير



نجوى الزهار *

( ثقافات )


تقدمت بالسؤال لمن اكرمني الله تعالى بالتعرف عليه وهو العلامة المحب القاضي الشيخ , ماذا تقول يا شيخنا في كلمة “مولانا” ؟

( أجاب مشكورا محذرا من الاسمية والتأسيمية , كان محمد جلال الدين يدعى عادة “خدواندكار” أو مولانا خواندكار التي تعني شيخنا , وقد أعطاه والده ذاك الاسم وهو ما يزال صغيرا مستجيبا لما أنه فيه من ايمان وتقوى.

ثم أضاف : لنبدأ بالنظر في لغتنا العربية أولا ثم في الدلالات الشرعية المنقولة :

1- من الناحية اللغوية

مولى : يطلق في اللغة العربية على ضدين

– السيد

– العبد

المولى : المالك والسيد – العبد – المنعم عليه – الصاحب – الحليف – الجار – الشريك – الابن – ابن العم – الصهر – القريب مطلقا , والنون هي للإضافة في حالة المفرد ابراهيم مولاي وفي حالة الجمع ابراهيم مولانا

2- من ناحية الشرع :

وكما جاء في القران الكريم “النبي أولى بالمؤمنين من انفسهم” وهذه الاضافة لا تقتضي الحصر , وتبقى القاعدة أن النص على الشيء لا ينفي ما عداه .

وهؤلاء الذين يضيقون الخناق على من يطلقون هذا اللقب عن كائن من كان من الناس بحجة كونه لقبا أو اسما حصريا لله تعالى عز وجل – وهو ما برهنا خلافه- وبالتالي يكون تأسيمية في التشدد والغلو في الدين .

ولقد ورد في الحديث الشريف ” بعثت بالحنيفية السمحة”

3- من الناحية الفقهية

كلمة ولي شائعة في الفقه الاسلامي , وهي العبودية من الزمن القديم , أي السيد المالك للعبد, الى ان ادركت الانسانية بوعيها الكامن وفي ضميرها الالهي انه لا ينبغي ولا يجوز لإنسان أن يستعبد اخيه الانسان فبادروا الى الغاء هذا النظام , أي العبودية, فكان هذا كرامة للإنسانية جمعاء , وكما ورد في الآية الكريمة ” ولقد كرمنا بني ادم “).

واورد هنا قصة الكنز الخفي والتي استعارها كاملة الكاتب باولو كويلو في قصته الخيمائي من تراثنا من المثنوي لمولانا جلال الدين الرومي

الكنز الخفي :

بدَد واحد من أهل بغداد كل ما ورثه من مال فعضه الفقر , وبعد أن توجه بدعاء حار الى الله , رأى في المنام أن صوتا يقول له أن في القاهرة كنزا مدفونا في مكان ما , وبعد أن وصل القاهرة خالي الوفاض قرر أن يمد يده الى الناس بالسؤال , لكنه خجل أن يفعل ذلك قبل حلول الليل , وعندما كان يمشي في الشوارع , أمسك به الشرط , معتقدين أنه لص , وأخذوا يضربونه قبل أن يعرفوا أمره على حقيقته , وفي النهاية استطاع أن يتكلم وأخبرهم بمنامه , واستطاع بما اظهر من صدق في اللهجة أن يقنعهم بما قال , قال له رئيس الشرط : “أدرك انك لست لصا , وانك رجل طيب , ولكن قل لي : كيف كنت من الغباء بحيث تجازف في هذه الرحلة بناء على مجرد منام ؟ – أنا نفسي كثيرا ما حلمت بكنز مدفون في بغداد (وسمى شارعا وبيتا محددا) ومع ذلك لم أنطلق برحلة كهذه ” .

وعلى الحقيقة كان البيت الذي ذكره رئيس الشرط بيت بطلنا البغدادي , وبعد أن شكر البغدادي الله لحسن حظه وتأكد أن سبب العَنَت الذي لقيه انما كان خطأه , عاد الى بغداد حيث وجد الكنز مدفونا في بيته.

(المثنوي , 6 , 4206 وما بعد)

الناي

وكل سماع يبدأ بالمقدمة الشهيرة للمثنوي التي يكون فيها الناي رمزا لروح الصوفي الذي ينوح لأنه بعيدا عن عالم الروح.

– استمع لهذا الناي كيف يشكو , انه يتحدث عن الام الفراق ]قائلا[ :

– منذ ان قطعت من القصباء, والرجال والنساء يبكون لبكائي .

– اريد صدرا مزقه الفراق حتى اشرح له الم الاشتياق.

– فكل من ابعد عن أصله يظل يبحث عن زمان وصله .

– وقد صرت نائحا في كل ندي , وغدوت ملازما لأهل الالام ولأهل السعادة.

– وكل شخص ظن أنه صار حبيبا لي , ولم يبحث أحد عن اسراري من الداخل .

– وليس سري ببعيد عن نواحي , ولكن ليس للعين والاذن ذلك النور الذي تدركان به أسراري.

– وليس الجسم بمستور عن الروح ولا الروح بمستور عن الجسم , ولكنه ليس لشخص إذن برؤية الروح.

– ان صوت الناي نار , وليس هواء منفوخا , فلا كان من ليست لديه هذه النار .

– ان نار العشق هي التي حلت في الناي , مثلما أن جيشان العشق هو الذي جعل الخمرة تغلي.

– الناي صفي كل من أبعد عن حبيب , وانغامه مزقت ما أسدل على ابصارنا من حجب.

(المثنوي , 1 , 1 وما بعد)



* كاتبة من الأردن

شاهد أيضاً

بين فدوى طوقان وآني أرنو.. هل تجرؤ المرأة العربية على كتابة سيرتها الذاتية؟

(ثقافات) بين فدوى طوقان وآني أرنو.. هل تجرؤ المرأة العربية على كتابة سيرتها الذاتية؟  أمل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *