*
«لا أعتقد أن فيلم (نوح) سيستخدم لكسب جمهور المؤمنين، لكني اكتشفت أن (ISIS) تستخدم مشاهد من فيلمي لإيصال رسالة، وهذا مبهج، لأن الفيلم مُنع في عدد كبير من الدول الإسلامية». قائل هذه العبارة قبل يومين المخرج دارن أرونوفسكي الذي واجه ما واجهه من هجوم كبير عندما قام في العام الماضي بإخراج فيلمه «نوح».
وللتحديد، فإن الهجوم لم يكن إسلاميا فقط. صحيح أن دولا إسلامية، بينها دول عربية عدّة، منعت الفيلم من العرض، لكنه لم يعجب أيضا كيانات دينية مسيحية ويهودية، ولم يعجب النقاد، ولم يعجب الجمهور؛ إذ لم يحقق الإقبال المنشود. لكن أرونوفسكي لا يحدد المشاهد التي يقوم تنظيم داعش باستخدامها ولأي غاية، ولو أن كل شيء ممكن مع هذا التنظيم الذي، كما يُقال، أبدى خبرة في استخدام التكنولوجيا الحديثة لاستقطاب مؤيدين ومنضمّين إليه على نحو لم تستخدمه تنظيمات دينية أخرى في ميدان الحرب الدائرة الآن.
* هوليوود مبتعدة بالطبع عن تحقيق أفلام لها علاقة بما يدور حاليا من أحداث في الشرق الأوسط. لا تؤيد ولا تنتقد أي فريق، ولا تريد أن توجع رأسها بمشكلات هي في غنى عنها. والحلقات الجديدة من برنامج «24» امتنعت غالبا عن تقديم إرهابيين عرب أو إسلاميين، ولو أنها واصلت تقديم بطلها «كيفر سذرلاند» على أنه العميل الأميركي الذي يتصدّى لكل أشكال الإرهاب ومن مختلف مصادره.
لكن امتناع هوليوود عن المشاركة في نكش التربة التي قد تعود عليها بمشكلات هي في غنى عنها، لا يعني أنها لم تعد محشوّة بمواضيع وحبكات حول الإرهاب، الذي ليس من الضروري أن يكون عربي المصدر، لكن من الضروري وجوده. في السنوات الأربع الأخيرة شاهدنا حفنة من الأفلام الكبيرة التي تتعامل وهذا الموضوع مثل «كابتن أميركا: المنتقم الأول» (2011) و«كابتن أميركا: جندي الشتاء» (2014) و«آيرون مان 3» (2013) و«سكايفول» (2012) وثلاثية «المستهلَكون» كما «صعود الفارس الداكن» (2012). وسقوط البيت الأبيض في «أولمبوس سقط» (2013) تم على يدي إرهابيين بيض أميركيين يتعاملون مع كوريا الشمالية! وأصل البلاء في «يوم جيد للموت بمشقّة» (2013) و«مهمّة: مستحيلة» (2012) وفي الفيلمين الحديثين «رجل نوفمبر» و«المساوي» (من إنتاجات هذه السنة) هم الروس. وفي «جاك رايان: مجنّد شبح» تقتضي الخطّة الروسية تقويض الاقتصاد الأميركي من ناحية والقيام بهجوم إرهابي من ناحية أخرى. هذا ما دفع عددا من السينمائيين الروس إلى دعوة الحكومة إلى معاقبة هوليوود بمنع عرض أفلامها (أو «الحد منها على الأقل» حسبما قال أحدهم) بسبب العداوة التي تبديها هوليوود حيال الروس. أمر لن يحدث حاليا. بالطبع هي شكل من أشكال الحرب الباردة (ليست باردة تماما) بين طرفين عاشا وسيعيشان مستقبلا على طرفي نقيض دائم.
_______
*الشرق الأوسط