*
حاولت الكاتبة المصرية عزة كامل الابتعاد عن المباشرة كأن تنطق النساء بالحكمة ويفتعلن وعياً أكثر عمقاً من السياق الاجتماعي الذي ينتمين إليه، فكان اللجوء في قصة «شبح البحيرة» إلى أسطورة عودة روح الضحية للانتقام من قاتليها.
ولم يكن بطل القصة الطبيب الشاب الغريب عن القرية يدري أن التي تعد له الطعام ثم تغادر منزله هي «المرأة الشبح» إذ تتصرف كروح هائمة بآلية كأن الطبيب غير موجود، وحين يخبر أهل القرية بأمرها يتواطأون عليها مرة أخرى ويؤدون طقوساً تنتهي بطمأنته أن روحها خرجت «في هيئة أفعى، وقد تم قتلها الآن،. لن تزعجك هذه المرأة أبداً».
ولكن المرأة زارته في مساء اليوم التالي وقضت الليل معه وفي الصباح أخبرته بأنها تزوجت شاباً من القرية وكان يعاملها بالحسنى فاعتبروه أحمق وضعيفاً لأنه «يتعامل مع زوجته كأنها ند له» واتهموها بالخيانة وحرضوه على قتلها ففعل ثم اختفى هو الآخر إلى أن طفت جثته فوق البحيرة.
ولكن روح المرأة التي قتلت ضحية الجهل والتخلف أصبحت نذير شؤم ولعنة على القرية كأنها قربان لتنبيه نسائها وفتياتها إلى ضرورة التمرد على الرجال، فتحولت حياتهم إلى جحيم «إنه انتقامي، انتقام المرأة من الذات الذكورية» على أمل أن يأتي يوم لا يستطيع فيه رجل اتهام امرأة زوراً بالخيانة وقتلها.
فوق التلال
والأرواح حاضرة أيضاً في قصة «فوق التلال المضطربة، وريقات تتساقط في صمت»، إذ تكون بديلاً عن قسوة الحياة «عن هذا العالم الواقعي الذي يحرمنا اللذة والمتعة. إن الأرواح تعيش في عالم أكثر اصالة حيث يتحرر الإنسان وبتحرر الحب من كل القيود».
ومجموعة عزة كامل تضم 15 قصة قصيرة وتقع في 150 صفحة متوسطة القطع وأصدرتها «دار العين للنشر» في القاهرة بغلاف من تصميم صابرين مهران.
وفي قصة «فرس الليل» تكون المرأة سبباً في أن تجعل من أحد الشباب بطلاً تراجيدياً يذهب إلى حتفه دفاعاً عما يؤمن به. فبعد أن أنقذها من قبيلة تختطفها، سارع للزواج منها ولكن القبيلة المعادية واصلت الإغارة فما كان من الشاب إلا أن ترك زوجته وذهب إلى الخلاء «استقر في حضن الجبل كذئب متعطش للحرب يغالب طرائد البرية ووحوشها».
بين القاهرة وبيروت
وتحضر الحرب في قصة «شراشف بيضاء» التي تدور بين القاهرة وبيروت وبطلتاها امرأة مصرية وممثلة لبنانية ترى أن «الشيء الذي جعلنا نشيخ بسرعة هي الحرب… إنه إحساس لن يعرفه إلا من عايشه» فترد عليها المصرية قائلة إن المصريين يشيخون أسرع على الرغم من عدم المعاناة من الحرب مثل اللبنانيين.
المرأة المصرية ترى الشيخوخة المبكرة سببها «القهر والفقر».
ولا تقدم قصة «أجراس وصياح» إجابة عن اختلاف الدين بين الشاب آدم المسيحي والفتاة المسلمة ضحى ولكن القصة تطرح هذا السؤال: «أليس الله محبة؟ أليس الحب هو أسمى شيء في الوجود؟. أليس الحب فعلاً مقدساً؟».
______
*رويترز