سلاح المرأة الذي لا تستعمله …مذكرات عروس


*هانم الشربيني

( ثقافات )

تمنيت وأنا أكتب هذه السطور أن أكون سيدة يمنحها زوجها ذلك اللقب “امرأة المستحيل ” ، تذكرت فى تلك اللحظة الشخصية التى لطالما تعلقت بها وكتبها د.نبيل فاروق فى سلسلة الروايات البوليسية والتى وجهها للشباب تحت عنوان رجل المستحيل ، يتوقف عقلى عند الكلمات التى كتبها فى “المغامرة الكبرى ” ،والتى قال فيها أدهم صبرى رجل من نوع خاص فهو يجيد إستحدام جميع أنواع الأسلحة ،من المسدس إلى قاذفة القنابل ،وكل فنون القتال من المصارعة وحتى التايكوندو ..هذا بالإضافة إلى إجادته التامة لست لغات حية ،وبراعته الفائقة فى إستخدام أدوات التنكر والمكياج ،وقيادة السيارات والطائرات وحتى الغواصات ،إلى جانب مهارات اخرى متعددة ،لقد أجمع الكل على أنه من المستحيل أن يجيد رجل واحد فى سن أدهم صبرى كل هذه المهارات ولكن أدهم صبرى حقق هذا المستحيل ،واستحق عن جدارة ذلك اللقب الذى أطلقته عليه إدارة المخابات العامة لقب “رجل المستحيل “
السؤال الذى يجرى بداخلى ،وخلف أسئلة متلاحقة كان …هل يمكن أن تمتلك إمراءة بحجمى المتواضع مهارات التعامل مع الرجل ؟،هل لابد ان تتسلح كل امراءة بفهم خاص للتعامل مع الرجال ؟، هل لرجال الشرق عقلية خاصة ؟، هل النساء فى مصر والعالم العربى خرجنا من عباءة شخصية أمينة التى سطرها يوما الأديب العالمى نجيب محفوظ ، هل حررننا قاسم أمين ، هل نحن النساء درجة ثانية خلقنا الله لنعيش فى كنف الرجل لنطيعه ونخدمه ونسهر على راحته ؟
بصراحة أسئلة كثيرة تلاحق عقلى الصغير وأردت عزيزى القارئ أن تشاركنى حيرتى فى الإجابة عليها .
اعتراف :انا أصدقائى الكتب .. نعم أشتكى ..الشكوى لغير الله مذله ، بس الكتب فيها الشفاء ، نعم الكلمات التالية قدمت لى الدواء والإجابات على أسئلتى التائهة ، هيا ننظر لها سويا .
سلاح المرأة الذى لا تستعمله ..
سألتنى سيدة هذا السؤال المحرج :
-من المسئول أولا عن الهناء الزوجى ،الرجل أو المرأة ؟
ووجه الحرج فى هذا الأمر أنى اذا أردت الإجابة بالصدق والصراحة ،فإنى سأتهم حتما بمحاباة الرجل ..
قد يكون من الصواب والكياسة وحسن السياسة أن نقول إن الأسرة شركة مساهمة ،يقدم فيها كل طرف نصيبا معينا من الهناء ..
ولكن السؤال قد وضع من غير شك للحالات المستعصية .ومن بينها تلك الحالة التى يغفل فيها أحد الطرفين أو يتهاون عن تقديم القسط ،هل تفلس الشركة فى هذه الحالة ؟أو أن هنالك رصيدا مدخرا أو سلفيات أو تسويات يجب أن يتحمل أعباءها الطرف الأخر عن طيب خاطر حتى ينقذ الشركة ويسير أمورها ويعيد إليها الثقة والثبات ،ويرد عليها مركزها الموطد الأركان …
قالت السيدة على الفور : 
ومن الطرف الذى يتحمل أعباء السلفيات والتسويات ؟
– مركز الشركة ولا شك .أعنى المدير المقيم ..المركز طبعا هو البيت ..واذا قيل بيت إتجه الذهن فى الحال إلى المرأة فهى المديرة المقيمة التى تدير أموره وتدبر وتدبر شئونه …
حقا المرأة فى مركز البيت ولكن …
-أكثر من ذلك …المرأة فى البيت مثل الروح فى الجسم .من المسئول عن شقاء الجسم وعن هناء الجسم ؟أليست هى الروح التى تحل فيه ؟..
فأطرقت السيدة لحظة تفكر ..ثم رفعت رأسها قائلة :والرجل ! ما وظيفته إذن فى هذا الجسم ؟
فقلت بلا تردد :
الرجل فى هذا الجسم هو الرأس … الرأس المفكر ..الذى يعرف كيف يحتال على الرزق ،وكيف يأتى بالنقود ،ولكنه لا يعرف كيف يوحى بهناء أو شقاء …تلك هى مهمة الروح ..كل شعور أو إحساس ينعم به الجسم أو يشقى هو من إيحاء الروح ..كذلك كل نعيم أو جحيم يحل فى البيت هو من وحى المرأة ..
الأ تعترف أن من الرجال من يأتون إلى البيت بالجحيم!
أعترف ..ومثلهم أيضا مثل الرأس الذى يتعب صاحبه ،ويكدر غيره بالأفكار المظلمة والحواطر القاتمة .ولكن الروح بضيائها واشراقها تستطيع أن تبدد سحب الأفكار السود ،كذلك المررأة بلطفها وإبتسامها وتسامحها ونبل قلبها تستطيع أن تطرد من بيتها أشباح الجحيم .
فقالت السيدة بارتياب :
-رأس الرجل ليس هينا ألى هذا الحد ..إن من الرؤوس ما لا يستطيع أن يحطمها الصخر !
فقلت بإقتناع:
-هذا صحيح ..من الرؤوس ما لا يحطمها الصخر …ولكن ..ثقى أن كل الرؤوس يحطمها القلب .ما من رأس وقف أمام قلب الا كان القلب هو المنتصر ..
فأطرقت السيدة وهمست :
ربما كان هذا حقا ..ولكن …
فبادرت مقاطعا :
لا تقولى “ولكن “..المصيبة كلها :أن المرأة التى تعرف قوة القلب نادرة جدا ..أكثر النساء يصارعن الرجال بسلاح الرجال .وتجعل رأسها يواجه رأسه ..وإذا وقف رأس امام رأس فى بيت أو أسرة فالويل كل الويل لهذا البيت وهذه الأسرة ..أنه الشقاء والشقاق والعراك والنزاع ..رأس ضد رأس ،كصخرة ضد صخرة ..ولكن إجعلى قلبك هو الذى يتلقى رأس زوجك ،فالرأس اذ إلتقى بالقلب كالصخرة إذا ألقيت فى النبع .
-هذه الكلمات كتبها توفيق الحكيم فى 17 يوليه 1946.فى مجلة أخر ساعة .
تعليق :طبعا هذه النصائح التى قدمها توفيق الحكيم قدمت لى كعروسة من أمى مثلى مثل كل البنات ، وبالرغم من أن الزمن تغير ، وأصبحنا نعمل ،ولم يعد الرجل كما قال الحكيم هو الرأس والمرأة فى البيت مثل الروح كما يقول ، أرى أن أزمتنا أن المجتمع وقف عند تلك النقطة الرجل هو الرأس ،والمرأة هى القلب والروح ،اذن لماذا خلق الله للرجل قلب فى جسده ، اذا كان لا يستخدمه ،أنا أرى أن الله خلقنا مختلفين ولكن فى جسد كل منا قلب ينبض ، أزمتنا فى الشعور .
سؤال أخير لماذاتتعلق عين الرجال فى الشوارع على جسد المرأة ؟..وفى بيتها من الواجب أن تعامله بقلبها ، هل من الطبيعى أن تروض وحوش الشوارع بقلوب حانية مطيعة فى المنازل ،؟ المجتمع حقا لا يحتاج لتعليم المرأة كيف تتعامل 
مع الرجل؟…. ،بل يحتاج لتربية الرجال أولا .
صحفية وقاصة من مصر .

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *