( ثقافات )
صدرت هذه الأعمال الشعرية للشاعر السوري شاهر خضرة في مجلدين عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر 2014 . وقد ذيل الشاعر الكتابين بآراء نقدية .
على ظهر المجلد الأول نقرأ للشاعر التونسي المنصف المزغني رأيا نقديا يقول فيه :
حين أقرأ الشعر أبحث عن بيت . أعتقد أن الشاعر هو من يملك بيتا . والبيت مناخ وروائح وزوايا ونوافذ يطل منها الناس العاديون . حين ازور بيت شاهر الخضرة ، أشعر أني في رحلة إلى قرية الشاعر بحكاياها وشؤونها الصغيرة ، واراه في الزاوية يحكي ويلتقط ما يمكن أن يورطك في مناخ البيت ملتجئا إلى أهم ما يجعل الشعر نابضا : الدراما والصراع . أما لغة شاهر فلا تشبه إلا ماء الحياة – معدن الشعر.
وأما الشاعر منصف الوهايبي وهو من تونس أيضا فيقول :
شاهر خضرة شاعر- كاتب ، وأنا قلما أطلقت هذه الصفة ، إلا على هؤلاء الشعراء الكتاب الذين يجمعون بين ” الابولونية ” (التوازن والتناسب والتناغم ) و” الديونيزوسية ” (الصادفة والعشوائية والغرابة ) ، أو هم يراوحون في الفسحة القائمة بينهما شكلا وصورة ودلالة . يوهمك شاهر انه مأخوذ بالأشياء القريبة الدانية ، وصفاء اللغة وانسجام صورها السائغة المقبولة ، ومحاولة تثبيت الهارب الزائل والاستمساك به أو رد آخره على أوله ؛ وكأن النص ” مسطح عاكس” يقع عليه ما يقع من بائد العوالم ، وينجرف إليه ما ينجرف من أضواء الماضي وظلاله .
ثم يأخذك، في رفق، ليطوح بك بين عوالم تغطس وتطفو ، وتهرب وتعود ، وتتفكك وتتركب ؛ وحدود تتقوض ثم يعاد بناؤها في لمح اللغة .. هذه كتابه ” لانموذجية ” ، أو ” لا قياسية ” يمتلك صاحبها قدرة لا تخفى على إدارة نصه على محورين متواشجين : الانشطار والتفرع من جهة ، وتجمع العناصر بشكل دائري حول نواة واحدة من جهة أخرى . من أين مأتى هذه القدرة ؟ أكاد أقرر غير متريث أنها ترجع إلى تمكن شاهر من الكتابة بلغتين : الفصحى والمحكية .. وأظنه بذلك يفعل ما لم يفعله شعراء العربية في الأزمنة الحديثة: تطعيم العربية بما هو منها وليس منها ؛ حيث تنمو أغصان وثمار جديدة في شجرتها . لأقل هذه شعرية تختصر الواقع في رموز، وتعلي من شأن الكلمة حتى لتقدمها على المشار إليه.. هذه النصوص تكريم للحياة، تكريم للغة.
تقع الأعمال الشعرية في مجلدين الأول 424 صفحة ، والثاني 534 صفحة .