*يوسف أبو شعيب
لم يعد بإمكان صرخاتها الضَعيفة أن تتسلق قمة الألم الشاهقة… تلك القمة التي كانت تُطل منها على الموت دون أن تلتف ولو قليلاً نحو روحها الهاربة إليه… ، لكنّها كانت تثق بقلبها الذي لم يبخل على أحد بالمحبة وتثقُ به لأنه لن يتوقف عن النبض دون أن يخوض مع البقاء معركة أخيرة…
أذكر أنني وعدتها بتركيب جَرس كبير لكنّ أصابعها التي ذابت على وجنتي من حرارة دموعي جعلتني أكف عن رسم نغمات النجدة على سَلالم النجاة ….. لقد جعلتني أتوقف عن التفكير في أي شيء غيرها هي الآن وهي فيما مضى وهي المسافرة من غير وداعٍ إلى ما بعد فوات الأوان…
كم كانت تُحب البحر …قال أبي أنها كانت ملكة الحوريات قبل أن تتنازل عن عرشها من أجل تعيش معه العمر في يوم واحد على هذه القطعة الصغيرة المسماة باليابسة إلا أن حنينها للماء الذي تحَوّل بفعل سحر النهايات إلى تُراب..
أبواق الحزن تَصدح في نَفسي وأشواقي لها تُردد في رأسي أسئلة كثيرة …تُرى لماذا لم عن تُخبرني عن هذا الرحيل أنا الذي عشتُ عُمري بمثابة المرافق الشَخصي لها …؟؟ ولماذا لم تُخبرني عن موعد رحيلها أنا الذي لطالما أجبرتها على اصطحابي معها حتى في تلك المشاوير التي كنتُ أكرهها فقط لأكون معها لحظة بلحظة فهي لي أكثر من أم ووهي لي أكثر من غرام…
رَحلت فعاد الغول إلى ذاكرتي وَحملت الطيور المهاجرة صوتها حتى أقاصي الغياب لكنّ روحها ما زالت تؤلف الأغنيات في صدري ” يا الله ينام ….يا الله ينام … وأذبح له طير الحمام “