مُكتفية بما نالت من أرواحنا


*ناصر سالم المقرحي

( ثقافات )

مُكتفية بما نالت من أرواحنا
وهي تُطمئن شيخوختها العارمة
عما قليل
ستنطفئ الحرب هنا
وتنشغل الحياة بترميم احتمالاتها
ورتق أحلامها الممزقة
واللحاق بما فاتها .
عما قليل 
ستندلع في أرض أُخرى
طازجة وفتية
منتشيه بعبثيتها
واثقة من مؤهلاتها في التخريب
وسيكتوي بنارها من لم يشعلها .
أشتاقت إليهم بيوتهم الحزينة
وتاقت الدروب إلى خطاهم الجذلى
عما قليل سيعود المُبعدون
والمدينة ستغتسل بصخب سكانها . . من جديد
يمسحون ما تراكم على أشجارها من صمت ومن وجوم
ويؤثثون وحشة العصافير
ويعيدون للموسيقى لمعانها
وكما يحدث بعد أي حرب طاعنة في القسوة
سيُحب الناس بعضهم أكثر . . حتى حين
وسيتذكرون أوقات الخطر
أججت أشواقهم
وكثفت عواطفهم .
ليست شرا خالصا
فللحرب حسنات أيضا
على ألا تعود
سيُحيون ذكراها في أنفُسهم . . خلسة
وسيؤرخون بما قبلها وما بعدها
ويعدونها الدرس الأقسى في مدرسة الحياة
وسيهشونها من أدمغة أبناءهم
كلما تكاثف ذباب أسئلتهم البريئة
وسيفكرون ألف مرة قبل تلبية نداءها 
والأستسلام لإغواءها مرة أُخرى
ومثل أي حرب بعد أن تستنفد قسوتها
ستنطفئ الحرب
وسننشغل حتى حين 
بكنس رمادها من أنفسنا .
________
*شاعر من ليبيا 

شاهد أيضاً

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات) يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت حسن حصاري منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *