*يوسف أبو شعيب
( ثقافات )
أعمدة الخَيمة التي كانت تتعمد عدم النظر في عينيها والهرب بنظراتها نحو الأرض خوفاً من التحديق في وجه الأفق جعلتها أكثر إصرارا على ممارسة الحلم بتلك الشرفة ذات الأبواب الزجاجية و الأصص المزروعة بشتى أنواع الزهور .
صَحيح أنها لا تساوي شيئاً أمام مشهد بيارات البرتقال وكروم العِنب والزيتون …هكذا كانت تقول إلا أنها ستكون قادرة على تَضميد أصوات العصافير و إصلاح نَبضات قلبها التي أصبحت تُشبه الصرير بعدما أصيب قلبها بالمرارة والصدأ.
أجل سأعمل على تحقيق ما أريد قريباً ولن أقلد الخيمة في اتكالها على غيرها ، فالخيمة ورغم مرور الوقت ما زالت خيمة لكنني سَأدخل حلمي من أوسع الأبواب .
ما أجمل الوقوف على الشرفة والتلويح للشمس قبل أن تغلق عينيها على مَشهد الشاطئ البعيد وحزن الميناء ، وكم هو ممتع هذا الجري مع الطرقات حتى تلك الأسلاك الشائكة ونزع الشظايا من أقدام المسافات لكنّ الأجمل من ذلك أن تَجري الطرقات معي حتى نهاية الدهليز والوقوف على الشُرفة .
صدقت إحداهن عندما قالت أن أوراق الصُحف التي لم تتوقف عن الثرثرة في أمور السياسة والحرب تتمتع بمقدرة عجيبة على تنظيف الزجاج وزيادة قدرته على الرؤية ، لهذا فقد صار من المؤكد أن أبعاد الصور المنعكسة على شبكيتي ستكون أكثر صدقا كلما زادت نظافة الزجاج أو عندما تتوقف الصحف طوعاً وكرهاً عن تلك الثرثرة قالتها في نَفسها وهي تُعدُّ لحلم آخر أوسع من الشرفة ورؤى أبعد من رؤية الزجاج…