الأميركية نيلي هاربر لي تصرّ على قتل العصافير الساخرة



*محمد المذحجي

لندن – تحتل “نيلي هاربر لي”، الكاتبة الأميركية الشهيرة ومؤلفة الرواية المعروفة “أن تقتل عصفورا محاكيا”، مربعين من جدول الكتب الأكثر مبيعا في الولايات المتحدة الأميركية، في عمر يناهز الـ88 عاما.

تحدث أحيانا عودة الكتابات الكلاسيكية إلى قائمة الكتب الأكثر مبيعا، ولكن هذه المرة تمكنت “نيلي هاربر لي” أن تُلفت انتباه عشاق الكتب في الولايات المتحدة بكتابين. أحدهما نسخة إلكترونية من روايتها الشهيرة “أن تقتل عصفورا محاكيا”، التي تم نشرها قبل أقل من شهر في 8 يوليو 2014، والإقبال الواسع عليها جعلها تقتحم قائمة الكتب الأكثر مبيعا في فترة قصيرة جدا. والثاني هو كتاب كتب عن حياة هذه المؤلفة الأميركية المعروفة عنونته كاتبته “مارجا ميلز” بـ”جار العصفور المحاكي: الحياة مع هاربر لي”.
كتاب عن هاربر لي
تم نشر كتاب “جار العصفور المحاكي: الحياة مع هاربر لي” من تأليف “مارجا ميلز”، قبل أقل من ثلاثة أسابيع، ولقي إقبالا شعبيا واسعا. وتحاول “مارجا ميلز” في هذا الكتاب دراسة حياة مبدعة “أن تقتل عصفورا محاكيا”، والتركيز على حياة “نيلي هاربر لي” وشقيقتها الأكبر سنا. فقد استأجرت “مارجا ميلز” البيت المجاور لبيت هاتين الشقيقتين وأقامت هناك لفترة من الزمن لتتمكن من تأليف هذا الكتاب.
ورغم أن “نيلي هاربر لي” أكدت أنها لم تتعاون مع “مارجا ميلز” لكتابة هذا الكتاب، وأنها لا تعلم بكتابته، فإن الرسالة التي كتبتها “أليس لي”، شقيقة “نيلي هاربر”، لـ”مارجا ميلز”، تدلّ على أن الشقيقتين كانتا على علم بتأليف هذا الكتاب مسبقا.
وقد أصدرت شركة “Penguin Books للنشر”، التي نشرت كتاب “جار العصفور المحاكي: الحياة مع هاربر لي”، بيانا وأعلنت فيه عن سرورها وفخرها البالغ لنشرها هذا الكتاب، الذي حصل على ثلاث نجوم ونصف من أصل أربع نجوم التي يمنحها النقاد، ودخل قائمة الكتب الأكثر مبيعا في الولايات المتحدة الأميركية خلال فترة وجيزة.
بعد نصف قرن
تم نشر كتاب “أن تقتل عصفورا محاكيا” قبل 54 عاما، وفاز هذا الكتاب بجائزة “بوليتزر”، في نفس سنة إصداره، وبقي 848 أسبوعا على قائمة الكتب الأكثر مبيعا. وعاد كتاب “هاربر لي” إلى قائمة المبيعات في عام 2010، احتفالا بمرور 50 عاما على نشره.
ويحكي هذا الكتاب قصة “أتيكوس فينتش”، المحامي الذي تقبل مسؤولية الدفاع عن مواطن أسود متهم بالاغتصاب من قِبَل سكان بلدة صغيرة، ولكنه في واقع الأمر كان بريئا. و”غريغوري بيك” أدّى دور “أتيكوس فيتش” في الفيلم المستلهم من قصة هذا الكتاب.
ولدت “نيلي هاربر لي” في ألاباما بـالولايات المتحدة الأميركية، وتحديدا بلدة “مونروفيل” يوم 28 أبريل 1926. كان والدها محرّر جريدة ومحاميا في محكمة ألاباما. في طفولتها قرأت “هاربر لي” بغزارة، وكانت جارة ثم صديقة طفولة للكاتب الأميركي المعروف “ترومان كابوت”.
بعد التخرج من المدرسة الثانوية في عام 1944، التحقت لي بجامعة “هانتينغون” بـ”مونتغمري”. وعملت على نيل شهادة في الحقوق بجامعة ألاباما. وهناك بدأت بالكتابة في عدد من المنشورات الطلابية، وعملت سنة واحدة كمحررة لمجلة الحرم الجامعي للفكاهة.
ولم تكمل “لي” شهادة الحقوق، ودرست صيفا بجامعة أوكسفورد في أنكلترا، قبل أن تنتقل إلى نيويورك في عام 1950. حيث عملت كموظفة حجز في إحدى شركات الطيران. بعد أن كتبت عدة قصص قصيرة، أكملت “نيلي هاربر لي” رائعة “أن تقتل عصفورا محاكيا” في صيف 1959، ونشرت هذه الرواية في 11 يوليو 1960، لتنال تزكية واسعة من النقاد.
هجرة غير مكتملة
وصرحت “هاربر لي” في عام 1964 عن روايتها الشهيرة، بأنها لم تتوقع لها أيّ نجاح، قائلة: “كنت آمل لها موتا سريعا ورحيما على يد النقاد، لكن في الوقت ذاته تمنيت أن تعجب شخصا ما، بشكل كاف حتى يشجعني. تمنيت القليل ونلت الكثير جدا، وبشكل ما كان هذا مرعبا مثل ذلك الموت السريع والرحيم الذي توقعت”.
بعد كتابة “أن تقتل عصفورا محاكيا”، صحبت “هاربر لي” الكاتب “كابوت” إلى “هولكومب” بـ”كانساس”، لمساعدته في جمع المعلومات حول ما نشر في مقالة عن مقتل مزارع وعائلته. واستخدم “كابوت” المادة لأجل روايته الأفضل مبيعا في ذلك الزمن.
لم تنشر هاربر لي بعد روايتها الشهيرة إلا القليل من المقالات القصيرة، وعملت على رواية ثانية بعنوان “الوداع الطويل”، لكن في النهاية هجرتها غير مكتملة. في منتصف الثمانينات شرعت في كتاب وثائقي عن قاتل آلاباما التسلسلي.
لكن “لي” تركت الكتاب أيضا حين لم يرضها. وحين لاحظ الناس ابتعادها عن الحياة العامة ظنوا أنها قد تعدّ لمنشورات جديدة، كما كان الحال مع “جيروم ديفيد سالينغر” و”رالف إليسون”. وأخيرا في عام 2007 نالت الميدالية الرئاسية للحرية على مجمل مسيرتها الأدبية.
______
*العرب

شاهد أيضاً

أول رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي

(ثقافات) أوَّل رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي: أركيولوجيا الصورة في رحلة ابن بطوطة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *