*محمد وليد الحاجم
( ثقافات )
يتدفق من خيالها بناء جمالي لتنتقل بحريّة، وفق حالة الهيمنة التخييلية، التي تعيشها في لحظة تجرّدها من الايقاعات والقيم المعبرة عن افكارها.
تتخذ الفنانة ريما فروخ من مفردات بيئتها وجسد المرأة رؤى فلسفية في تفاعلات مفردات إنسانية باللوحة، فلوحتها تعبير وجودي عن سمو الذات، فهي تكشف حقيقة ما، استطاعت ببراعة ادارتها خلق لغة لونية تخصها وحدها من دون غيرها مكنتها تصوير ذاتها فيها.
بداية حديثنا تناولت من ريما وبداياتها مع الفن واللوحة، لتقول: إنسانة، فنانة فطرية، وأم لعائلة، بداياتي الفنية كانت منذ صغري مع الريشة فكانت دائماً اللوحة ملاذي الوحيد التي من خلالها أستطيع أن أعبر عما يخلد في نفسي، والى جانبها القراءة. كنت احب جداً الكتب الفلسفية، واعتبرها غذاء. تزوجت في سن مبكرة بسن 15 عاماً، لكنني لم ابتعد عن اللوحة، ولا عن القراءة، وجدت نفسي أحمل مسؤولية عائلة وزوج وفيما أصبح لدينا أطفال، فعندما أصبحت ابنتي البكر هديل في سن السابعة تقريباً، كنت دائماً أجلس معها لتتعلم الرسم، كنت أريدها أن تكون مهيأة وأن ترسم، كنت أحس بسعادة عندما أعلمها، واحاول ان أكتسب المزيد كي أتقنها اياه، الفن كان بداخلي لكن ربما الشكر الأكبر لأولادي، لأنهم لم يبعدوني عن اللوحة.
وعن كيف يتولد الاحساس، قالت: اللوحة هي علاقة الروح بالجسد، اشعر أنني استنشقه كالهواء تماماً، ودائماً يسري في دمي، لانه نابع من إحساس داخلي وعواطف.
الانسان والطبيعة أساسيان في لوحاتي
وعن مواضيع لوحاتها، قالت: “الانسان والطبيعة موضوعان أساسيان في لوحاتي. وجود الإنسان في الطبيعة ووحدته وانسجامه التام معها، يجعل طابع الحلم طاغياً على ألواني. لوحاتي هي في الغالب أحلام يقظة واغلبها استقيه من حالتي التي أعيشها فأنقلها بصدق. أرسم الأنثى في عالمها الذي يشع بالفرح والرقص، أصور الأنثى بجميع حالاتها، من الفرح والحزن، أصورها بجميع حالاتها بتناقضاتها، بحسناتها، فهي دائماً تعطي الرقي في لوحتي، كما هي في الحياة، لا أحب أن أظهر المرأة بشكل غير جميل، كما يفعل الكثيرون، أو بطريقة غير جميلة. تتميز لوحاتي بألوانها الحارة بالرغم من أنها تطرح على مستوى مختلف، وضمن ظروف أكثر تعقيداً مما تطرح في الطبيعة يعتمد على التداعي الطليق للأفكار بشكل لا شعوري وهي تؤلف بين أشياء حالمة بالفكر لتتمازج مع موضوع المرأة وارتباطها بالحلم.
وعن مكانة المرأة والحرية في لوحاتها، قالت: الحرية في لوحتي مشاعر متأججة دوماً لتحقيق عمل يعتق النفس ويحررها ويعيد اتزانها وتوافقها مع الطبيعة.. أو يعيد تنسيق هذه العلاقة بتثوير الواقع إلى ما تحلم به.
وعن المسؤول عن فقدان الفن ألقه، قالت: “مدّعو الحس الفني والذوق الفني، في أي فن إنساني، وأينما وجدوا، هؤلاء من يحط من مستوى الفن، اكان الفن التشكيلي أم غيره من انواع الفنون الجميلة، هؤلاء هم من يحطوا من قدر الفن، ويهبطون به إلى عوالم سفلية لا قرار لها. وأيضاً تسهم بعض الغاليريات التي باتت تجارية عليها بجزء أكبر من المسؤولية التي تتحمّلها من انحطاط الفن، وأصبحت تبتز الفنان من خلال الاحتكار حتى درجة الاستعباد والإذلال، وأنا أرفض هذه النظرة التجارية المادية للفنان والفن. أي فن يمكن ان يبدعه فنان روبوت. لأن الفنان الحقيقي لا يمكن احتكاره، ولا يمكن أن يكون فنه تجارة وقابلاً للمقاولة والسمسرة . فالتجارة تسللت إلى الفن وعبثت به. وواجب الفنان في هذه الحالة أن يكون وفياً لفنه وثائراً على ما يعطل إبداعه وفيض الجمال فيه.
وعما تقدم في فنها، قالت لنا: أقدم عملاً فنياً فأنا أقوم بتجسيد دلالات وإيحاءات ذات مضمون فني يعبر عن ذاتي وما أريد إيصاله.
وعن مشاركتها بالمعارض، قالت فروخ: «شاركت في العديد من المعارض الجماعية، وآخرها معرض «ابداع بالكلمة واللون والضوء» الذي أفتتحه وزير الثقافة روني عريجي في قصر الأونيسكو شهر آذار هذا العام، جسدت فيه علاقة الفرح والربيع، سررت جداً لاستحسان الفنانين للعمل.
أسرتي اول نقادي
وعن دور النقد في الفن قالت فروخ «النقد له دور كبير، كل نقد بناء هو جميل، ولا يمكن التقدم الا بالنقد و عين الناقد هي التي شجّعتني على المشاركة، وأعتبر أن أخواتي وزوجي هم أول نقاد أعمالي.
وهل اللون يفرض نفسه على اللوحة، تقول: “ليس هناك أي لون يفرض، بل هناك لون يناسب لوحتي، وحالة اللوحة.
وعن مشاريعها المقبلة، تقول فروخ: “أحضر لمعرض فردي، ويحتاج وقتاً لا يقل عن شهرين أو اكثر”.
وعن أي مدرسة تنتمي لوحاتها، أجابت فروخ: ” تنتمى الى المدرسة التعبيرية التلقائية”.
وعن أي الألون تحبّ تقول: “أحب جميع الألون، لكن اللون الأخضر أقرب اليّ. ربما لأنه يحمل صبغة الطبيعة، وجمالها”.
“كعك العيد” تحية لغزة
وختمت جواباً على سؤالنا عن تفاعلها مع المجزرة التي استهدفت غزة في تموز الماضي، قالت: “نحن كفنانين مع السلام وضد الحرب، ومع غزة وفلسطين وضد الاحتلال، وبموازاة تقديم الفنان امير عيسى أغنيته “وعد غزة”، في إفطار دعا له الاتحاد الوطني لطلبة سورية في لبنان لدعم غزة وفلسطين، قدمت لوحتي الفنية “كعك العيد”، لإيصال فكرة ومعاناة كل امرأة فلسطينية وهي على أبواب العيد كيف تستقبله بالجنازير لخنق الفلسطينيين، وآلة القتل التي ترتكبها الآلة الإسرائيلية، بدلاً من حلوى العيد.