د. إيمان عبد الهادي *
أحتاجُ مثلَ مُريدةٍ؛
ألّا أطيلَ وقوفَ أسمائي الوحيدةِ في الزّحامْ
أحتاجُ خلوتَكَ القصيّةَ
أيّما ترفٍ تنزّهُهُ القصيدةُ عن مجالسةِ الغمامْ
يا أيّهذا «الجوهريُّ» قضيتُ عمري كُلَّهُ وأنا أقشِّرُ برتقالتَكَ السّخيّةَ
نزَّ حامِضُها على جُرحي
وأشعَلَ من دَمي _ دمها المُدامْ
هيَ حكمةُ البِنتِ الصّغيرةِ : أنْ تشُكَّ بأنَّ هذا الشّعرَ والِدُها القديمُ
وأنَّ تكوينَ الأنوثةِ
كانَ كوَّنَهُ «الكلامْ»
منذ انتهينا للسّرابِ وأنتَ تبدأُ خطوةً للبحرِ
لم أفهم مفارقةَ الطّريقِ؛
أم انّها خلِقت ليمشي (شاعرٌ) حتّى تخومِ الأسئلةْ
اصنع طريقاً للوصولِ:
أكلّما طاردتُ فكرتكَ التي ما بينَ منزلتينِ
كنتَ المنزلةْ
أوَ كلّما دخلَ اليقينُ عليَّ في المحرابِ
شفّكَ في الطّعامْ
هذي القصيدةُ قد نذرتُ أنا لأبيضِها كلاماً فاتناً
ونذرتُ للتأويلِ أحجيةَ الصّيامْ
فلِمَ استحلتَ غوايةً حينَ استبقنا للنّوافذِ نُشرِعُ الشمسَ النّؤومةَ في الضحى
كانَ انتحى
ليلٌ
لتكبرَ غابةٌ
وأصيرَ ليلى؛ يا لسلّتها التي لم تتسع تفاحَكَ العالي
ولم تأكلكَ _حينَ دنوتَ_ في الشّجرِ الحرامْ
عيناكَ نازفتان؛ هذا الحبرُ شفّافٌ
سيكتبُ فِكرةً أميّةً
وأنا سأقرأُ ظلّكَ الموزونَ، فامنحني يدكْ
لغزُ الأصابِعِ غيمةٌ بيضاءُ تمشي؛ كيفَ لي أنْ أَتبعَكْ
الآن أهبِطُ جنّةً أخرى
فلقِّنني من الأسماءِ ما يكفي لموتِ قصيدةٍ ولبعثٍ إنسانٍ يحدّقُ في (أمانتِها)
ويحملُ نسلها اللغويّ في نخعِ العِظامْ
ها كاهلي ألقي وديعتَكَ العظيمةَ؛
سوفَ تحرُسني خُطوطُ العنكبوتِ من الذينَ يصادِرونَ الرّيشَ من لغةِ الحمامْ
والله لو وضعوا الكواكِبَ في يميني؛
لاخترعتُ مجرّةً تحثو سدائِمكَ النّبيّةَ في مداراتِ الهُلامْ
أنا لا أبيعُكَ أيّها الوطنُ الألدُّ
ولا أبيعُكَ يا قصيدتيَ التي لم تأتِ بعدُ
ولا أبيعُكَ؛ حينَ يُغتالُ المؤلِّفُ باسمِ وهمِ «البنيويّةِ»
سوفَ أبدأُ هجرتي بالرّملِ إنَّ الرّملَ _ ياصحرائيَ المُثلى_ هو العدَدُ الذي لا ينتهي
سأظلُّ أمشي كيَ أُناهِزَ خطوتي (الأخرى)؛ ويخضرَّ الحُطامْ
لن يحتفي ببكاءِ نرجستي سوى أثرِ النّدى؛ والآخرونْ
لهم غبارٌ في الظّنونْ
كلّ الذينَ تشاكسوا شركاءُ فيَّ، وأنتَ وحدكَ _ أيّها المنبتُّ_ تكويني ومُفتَتَحُ الخِتامْ
نظّارةٌ: لأرى بعينيكَ اللتينِ من اللغةْ
أفُقَ المعاني البالغةْ
ما خلفَ برزخِ هذهِ الأطلالِ؛ غيرُكَ يا أَمَامْ
ماذا أقولُ؟ أقولُ مرَّضني الطّبيبُ
أقولُ لا خصمٌ سواكَ ولا حبيبُ
أقولُ يختصمونَ فيكَ وأنتَ _ يا رؤيايَ _ في عيني تنامْ
وكسيرةٍ ذاتيّةِ: لا أنتَ أنتَ ولا أنا نفسي؛ كلانا مُستبدٌّ في المَقامِ وفي الغرامِ
إذ الغرامُ هو المقامْ
إن كُنتُ لن أنجو من النّسيانِ والذّكرى المتينةِ
خذْ من الأسماءِ ما يكفي صفاتِكَ، واتّخذني ليسَ إسماً أو صفةْ
ليسَ ذاتاً مُترَفةْ
هل أستحِقُّ صهيلكَ الكونيَّ حينَ ضبحتَ أم حذَرَ اللجامْ
الرّحلةُ الكبرى مكانٌ مبهمٌ؛ والحلمُ كانَ كما يُرامْ!
في السّرّ واقفةٌ ؛فحرّر باطني من شاعرٍ لن يأتِ بعدي مرّتينِ
سِوى ليعبُرَ نهرَ مسألتي؛ لأنَّ النّهرَ يُعبَرُ مرّةً
ويريحَ رأسي _مرّةً أخرى_ هنالِكَ
تحتَ شاهِدةِ الرُّخامْ!
* شاعرة من الأردن
الدستور