البيدق


*يوسف أبو شعيب

( ثقافات )

ومع أن الحرب كانت تدور في عَقله إلا أنه لم يَتخيل بأنها سَتحمله من رأسه حتى مربعات الديناميت لكنّ ملمس أصابعها الناعم جَعله يتأكد من قوة المُغناطيس المزروع أسفل قَدميه هذا المِغناطيس الذي كان يختلف من حيث القوة والحجم عن مغانط القِطع الكبيرة وهو الذي كان يتجاذب مع موته وقوفاً ويتنافر مع رغبته في الحياة .
تباً للأحجار الكبيرة المختبئة خلف قوانين اللعب كم كانت تحرص على الحياة ، وتباً لتلك الألوان التي كانت تخطف رؤيته حتى أبعد خداع بَصريّ على وجه تلك الرقعة .
ما زالت الظلال تتقافز من أجل التقاط شظايا الضوء المُرتدة عن وجه الواقع وهو مازال يحاول أن يتكئ عليها من أجل القيام بالحركة التالية حتى يبتعد بمقدار خطوة وفي أي اتجاه بعيداً عن عين الموت السحرية التي كانت تتفرس ملامح وجهه المَطموس تحت قسمات العُبوس.
نعم فمثلما كان عليه أن يُضحي بحياته في كل لحظة ، فقد كان عليه أن يَعيشها فهو يُشبه كل الأحجار لكن المسافة التي كانت تتعمد أن تخذله كانت تُزين لهُ الوصول .
لقد أصبح قريباً من خَط النهاية و البداية حيث سترحل روحه عن هذا الجسد الصَغير وتسكن في جَسدٍ آخر أكبر منه ومع أنه كان يتمتع بحرية الاختيار إلا أنه كان يَحلم بالموت مثل مَلك.

شاهد أيضاً

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات) يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت حسن حصاري منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *