حجر أسود فوق حجر أبيض


*سيزار فاييخو/ ترجمة: نزار سرطاوي

( ثقافات )

لسوف أموت في باريس، في عاصفة مطرية، 
في يوم أذكره مسبقاً. 
لسوف أموت في باريس – وهذا لا يزعجني – 
سيكون ذلك دون أدنى شكّ في يوم خميس مثل اليوم، في فصل الخريف.
سيكون يوم خميس، لأن هذا اليوم، الخميس
بينما كنت أُدوّن هذه السطور، وجّهت كتفيّ 
إلى الشر. لم يحدث أبداً كما حدث هذا اليوم أنْ استدرت، 
ووجهت رحلتي بأسرها نحو الدروب التي أكون فيها وحيداً. سيزار فاييخو مات. ضربوه 
جميعاً، مع أنّه لم يفعل بهم شيئا، 
ضربوه بقسوة بالغة بعصا، وبقسوةٍ بالغةٍ أيضاً 
بطرف حبل. شهود العيان هم: أيام الخميس،
عظام الكتفين، الشعور بالوحدة، المطر، والدروب… 
————————————
يعتبر الشاعر البيروفي سيزار فاييخو واحداً من أعظم الشعراء المجددين في القرن العشرين، وذلك على الرغم من أنه لم يصدر سوى ثلاثة دواوين شعرية. وكل واحد من دواوينة مختلفٌ تماماً عن الديوانين الآخرين. وقد عالج شعره تيمات كونية ذات صلة وثيقة بالأوضاع الإنسانية. ولعل أبرز سمات فاليخو أنه ابتكر لغة شعرية في اللغة الإسبانية غيرت أشكال التصوير الشعري والإيقاع. وقد وصفه أحد النقاد بأنه أعظم شعراء القرن العشرين قاطبةً، فيما ذهب آخر إلى القول بأنه أعظم شعراء العالم الذين ظهروا بعد الشاعر الإيطالي دانتي (1256 – 1321). 
ولد فاييخو في 16 آذار/مارس عام 1892 في إحدى القرى النائية في جبال الأنديز في البيرو. التحق بالحامعة لدراسة الأدب لكنه انسحب من الدراسة مرات عدة وعمل في مزارع قصب السكر. وقد أتاح له ذلك أن يشاهد عن كثب الاستغلال الذين يتعرض له عمال الزراعة، الأمر الذي كان له أثر في كتاباته وقناعاته السياسية. وقد حصل على شهادة الماجستير في الأدب الإسباني عام 1915. 
أنتقل فاييخو فيما بعد إلى ليما عاصمة البيرو حيث عاش حياة بوهيمية، والتقى بعدد من المفكرين اليساريين. كما عمل مدرساً خصوصياً ثم محاضراً. وقد عانى الكثير قبل طباعة ديوانه “زنوج لوس هيرالدوس” (1918)، حيث فقد وظيفته في التدريس بعد رفضه أن يتزوج من امرأة كانت تربطه بها علاقة، وماتت المرأة في عملية إجهاض فاشلة أجبرها عليها. ثم ماتت والدته في عام 1920. وبعد مدة اودع السجن إثر عودته إلى قريته وتسببه في فضيحة هناك. 
بعد طباعة كتابه “تريلس” عام 1923 فقد الشاعر وظيفته كمحاضر فهاجر إلى أوروبا، وعاش في باريس إلى أن وافاه الأجل في 15 نيسان/إبريل عام 1938. وقد صدر ديوانه الثالث “قصائد إنسانية”(1939) بعد وفاته بعام واحد.

شاهد أيضاً

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات) يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت حسن حصاري منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *