*يوسف أبو شعيب
( ثقافات )
يَعقوب الذي نام باكياً قَبل قليل هو ذات يَعقوب الذي سيكيلُ لي شتى النظرات عندما أدخل المنزل بدون تلك البَطيخة العَظيمة التي وعدتهُ بإحضارها وعلى السِكين وهو ذات يَعقوب الذي سَيذكر يوماً أن والده لم يَتعمد عدم شراء البَطيخة ولم يَتعمد تركَ ذَنب الذئب أو التهاون في جَرّه وإحضاره لكنّ الأذناب قد اختلطت عليه ولأن والده كان على السكين أيضاً . كذلك فهو ذات يَعقوب الذي سَيغفر لوالده هذه الحماقة وغيرها وسيُقبل والده من كَتفه ومن جَبينه أملاً في شراء بَطيخة أخرى وفي الوقت المُناسب.
لقد أصبحتُ ماهراً في قراءة نظرات يَعقوب لهذا فإن نظراته لي ليلة أمس لم تلك النظرات التي اعتدت على رؤيتها عندما كان يطلب منّي أن أشترى له أي شَيء ، نعم لقد كانت نظراته تقول أشياء أخرى غير ذلك ، أشياء تتحدث عن حُزته وخوفه من أذهب بثمن البطيخة أو أن يأكل المصروف اليوميّ ذلك الثمن حَسب الأولويات لم يكن لها أي قيمة من وجهة نظر يَعقوب وحَسب ترتيب أولوياته .
لكنني لم أكن لأغفل عن تلك النقود ولم يكن في نيّتي أن ألقيها في غياهب خزان وقود حافلة أو سيارة أجرة لكنّ السُفن تَجري بما لا تشتهيه الرياح حين تتعمد الرياح إغراق السفن حتى وإن كان سبب هذا الإغراق طَمع ذلك الملك .
نَعم ..لقد رَميت النقود تحت عجلات تلك الحافلات حباً وكرهاً في الوصول إلى حقيقة أمر كان يَشغلني وربما أكون قد رَميتها سَعياً وراء حَقي الذي لن أتنازل عنه كي أعود ليعقوب بوالد يستحق كلمة أبي وأعود ليعقوب بوالد سَيفتخر به يوماً عندما سيتحدث عن اختلاف طمع البطيخ بين اليوم والأمس وعن ثبات دلالة كلمة الأب في كل زمان ومكان.