إعداد: أحمد النجار
«القصيدة صديقة تسمعني بوعي، تتركني أبوح بكل ما تنهمك فيه جوارحي، تتقبلني كما أنا من دون شروط، فأكتبها لأجل هذه الصداقة الرائعة، ثم أنشرها للجمهور ليشاركني إياها».. بهذه الكلمات تصف العراقية زينب الربيعي علاقتها بالشعر، مؤكدة أنها ضد الشعراء الذين يتحولون إلى كتابة الرواية طمعاً في الشهرة والجوائز. ولزينب ديوانان هما «امرأة من رمل ملون»، و«رباعيات» الذي وقعته مؤخراً خلال معرض أبوظبي الدولي للكتاب هذا العام.
تستمد زينب موضوعات وقضايا قصائدها من كل شيء، صغيراً وعابراً، لكنها تأثرت بالأحداث التي عصفت ببلادنا العربية، تقول: أحاول إخراج الجمهور من ثقل هذه الأحداث، وتحويلها إلى فلسفة أو حكمة أو قصة قصيرة ليخف حملها، وأحياناً أستحدث ذكريات عزيزة ومواقف جميلة ومؤثرة حدثت لي.
عن علاقة الرمل بالمرأة كما جاء في عنوان ديوانها «امرأة من رمل ملون» تقول: هذا العنوان قد يكون مثالاً لأغلبية النساء؛ فحينما تكون المرأة ناعمة وهشة وملونة وجميلة فإنه يسهل بعثرتها، فهي لا تقاوم كثيراً. كما يصعب أن تتصلب لأنها خلقت لينة وطرية. أما ديوانها الجديد «رباعيات» الذي وقعته بمعرض أبوظبي الأخير فتقول عنه: جاءت الرباعيات بطابع مختلف، والديوان يتضمن 200 رباعية، تتخللها بعض الرسائل التي وصفت بها أحداثاً بطريقة مختزلة، تميل إلى ما يشبه الحكمة والمقولة أو القصة القصيرة، فكانت منفتحة، على رغم هذا الاختزال، على الحياة والحب والآخر.
شعراء أذكياء!
ترى الربيعي أن معظم الكتاب والشعراء ينتظرون معارض الكتب الدولية لإطلاق كتبهم؛ انطلاقاً من أنها توفر فرصة رائعة للكاتب للقاء جمهور من القراء والمهتمين والمثقفين والأدباء والصحفيين، وذلك يصب في مصلحة كتابه الذي يسعى إلى الترويج له، وتضيف: نحن نعاني قلة قراء الشعر وانحسار معجبيه بسبب شعراء «السوريالية» الذين أغرقوا القارىء بشعر ينهكه بعدما يتبحر فيه، ولا ينتهي إلى شيء، وكأنهم يختبرون القارىء ليقولوا له: نحن أذكى منك لأنك لم تفهم ما نقول.
لزينب تجارب وخبرات ترجمتها شعرياً، ولكنها تحرص على أن تجعلها بصيغة «الآخر».. تقول: أنا ضد الكتابة للتعبير عن «الأنا»؛ لأنها تُفقد الشعر عذوبة الإيحاء والاستعارة، وتُفقدني أنوثتي. نحن بأمس الحاجة إلى الحب، فكيف لا ندعو إليه ونتكلم فيه ونتداوله؟ ولن يأتي يوم يصبح فيه الحب كلاسيكياً أو قديماً أو طرازاً محدداً، بل سيبقى أصل الحياة ونبعها وسبب ديمومتها وخيرها. لذلك نحتاج إلى جرعات كبيرة مكثفة من الحب والمحبة، تجرف كل ما هو أناني وسطحي وزائف، بعد أن ذاب اليوم بين طيات أفكارنا وسلوكنا، تحت معطف المدنية ومظلة التحضر والتكنولوجيا.
كتابات مستفزة
تحوّل كثير من الشعراء وكتاب القصة والصحفيين إلى روائيين؛ كون الرواية الآن تحصد أكثر القراء وأكبر الجوائز، إلا أن زينب ضد الانحياز إلى كتابة الرواية.. تقول: أحب أن أبدع فيما أحبه وأتقنه، ذلك أفضل مما أصبح نصف مبدعة في مجال آخر لأنه أكثر رواجاً. وعن أثر الجوائز والشهرة في حياة الأديب تقول: الأديب لا يكتب من أجل الجائزة والشهرة، بل من أجل إيصال فكرته واحترامها لدى القارىء، ولو كان الأديب مقتنعاً بهذا المبدأ فسيكفيه لو باع نسخة واحدة من كتابه، على العكس مما يحدث الآن من أن بعض الكتاب باتوا يكتبون كل ما هو غريب ومستفز بشكل سلبي من أجل تحقيق الشهرة.
المرأة والحب
وعما حرصت زينب على تجسيده عن المرأة في كتاباتها تقول: أنا حريصة على إظهار الجانب الهش من شخصية المرأة، وأدعوها إلى أن تكون أكثر صلابة، كما أنني كتبت لها كيف علينا أن نحب بعد أن نختار من يستحق الحب؛ كي لا نهدر حياتنا في التساؤل عما حدث من دون معرفة النتائج. وأما عن الرجل فتقول: إنه بات يشكو أعباءً كبيرةً ومسؤوليات جساماً، بسبب متطلبات الحياة العصرية، لذلك أتعاطف معه أحياناً، ولكنني أقف ضده حينما يهمل شريكته، أو يرمي بسخطه عليها بسبب ضغوط الحياة، لأنه سيكون حينها أنانياً وغير واعٍ وغير كفء.
________
*مجلة الصدى