منارة السعديات تستقبل صورا فوتوغرافية من جميع أنحاء العالم



* رضاب فيصل

لا زالت منارة السعديات بأبوظبي حتى اليوم، تعرض أعمال المصورين الفائزين في مسابقة الإمارات للتصوير الفوتوغرافي، ضمن معرضٍ خاص سيستمر حتى يوم 16 أغسطس/آب القادم، حيث سيلتقي الجمهور مع لوحات مصورة منتقاة من بين 35.985 صورة فوتوغرافية، تقدّم بها 8.410 مصوراً فوتوغرافياً من 58 دولة حول العالم، وذلك برعاية الاتحاد الدولي لفن التصوير الفوتوغرافي، واعتماد من الجمعية الأميركية للتصوير الفوتوغرافي، فضلاً عن ترخيص اتحاد المصورين الدوليين.

من الطبيعي أن يبحث زوار المعرض لحظة دخولهم إلى قاعة العرض، عن الصور الفائزة بالجائزة الكبرى، والتي تعود في هذه الدورة إلى الإيطالية كريستينا جارزوني عن مجموعة الصور المؤثرة “الحج إلى لاليبيلا”، والتي تميّزت بتأثيرها الكبير على الجميع، ليس من خلال الموضوع فحسب، وإنما من خلال التقاطها للحظة المناسبة وذلك تحت الثيمة الرئيسية التي طالبت المبدعين بالبحث والتفكير.
ركّزت صور كريستينا في لحظتها الحاسمة على تسجيل وتوثيق مشاهد، بحثت في عيون الشخصيات الماثلة فيها عن الإيمان والاقتراب من الخالق، أي أنها اختارت موضوع الدين لما في طقوسه من لحظات تتجلى فيها حيواتنا وتأتي وضعيات الجسد ونظرات العيون الوسائل الأكثر تعبيراً عن خضوعنا الروحي لمن هو أسمى.
ألوان الصور التسعة جعلت منها تبدو وكأنها لقطات من فيلم سينمائي يغوص في عوالم أثيوبيا وبالتحديد، في لالبيلا حيث أفواج الناس تحج إلى الكنائس رغبةً منهم بالتقرب إلى الله. ويشار إلى أن الروح العامة للصور والتي لعب اللون دوراً أساسياً في تشكيلها، تشبه وجوه الأثيوبيين الأفارقة الذين هم أبطال العمل. أيضاً ثمة دراسة حقيقية للكوادر الفنية لكل لقطة على حدة، وهذا واضح من التفاصيل المتواضعة في المشهد ضمن الجو العام المحيط بها.
كل صورة من المجموعة، فيها شيء من الدراما، تنفع لأن يكتب عنها قصة تفسّر بكلماتها وما بين السطور ما يجري من حدث، كتلك القبلة التي يطبعها الحاج الصغير على الصليب بيد رجل الدين، أو تلك النظرة المنبثقة من عيون الشابين الصغيرين اللذين يستمعان إلى ما يقوله الراهب، أو حتى تلك التجاعيد المرتسمة على وجه حاجٍ طاعن في السن، يلخص بجلسته ومن ورائه تلك الستارة المزخرفة قصة لالبيلا ومن فيها.
وبالإضافة إلى فئة “جوائز الثيمة الرئيسية”، تضمن المعرض الصور الفائزة بمسابقات الفئات الأخرى، وهي الطبيعة، والصور الإبداعية، والسفر والسياحة، والألوان، و”صورة المستقبل بعيون المستقبل”، والصور المطبوعة الملونة وبالأبيض والأسود؛ إذ تميّزت تلك التي اندرجت تحت خط “الصور الإبداعية” وهي أعمال حاولت أن تجمع بين الصورة الفوتوغرافية والفن التشكيلي، أو حتى الدراما لكن بشكل قصدي هذه المرة، أي أنها لم تكن صوراً عفوية التقطها المصوّر لحظة حدوثها المفاجئ، فأسهم في تشكيلها حسب خياله مجسداً الفكرة في صورة احتوت كل ما يرغب من أحداث وشخصيات ضمن الثيمة العامة لهذه الفئة.
فجاءت الصورة الفائزة بالمركز الأول وهي “crisis” لتيريزا كارنوكيو، وكأنها اللحظة الحاسمة لصراخ أنثى لوّنت باللون الأسود، للإشارة، ربما، إلى الكثير من الاختناق والتأزم. وهي الحالة المعاكسة لصورة “sleeping beauty” لأماني الشعالي، التي كانت بالنسبة لها اللحظة الحاسمة قمة الهدوء والاسترخاء والتماهي مع الطبيعة حتى لو كان الموت النتيجة الأخيرة.
كما أن صور “الطبيعة” التي افترشت جدران المعرض، كانت في غاية الجمال والروعة لدرجة الدهشة، ممثلةً لحظات من إقلاع ما قبل الطيران أو اقتناص الفريسة أو التأمل، وهنا كان لكل زائر نظرته الجمالية التي تختلف عن غيرها، فعلى الرغم من أن الصور قد وزّعت جوائزها، يبقى للمتلقي تقييماته الخاصة التي لا تخضع بمعاييرها إلى لجان التحكيم.
من أكثر الصور ظهوراً وتألقاً في المعرض، هي صورة “blue” الحاصلة على المركز الأول ضمن فئة “الألوان” لما فيها من قوة لونية تجذب الظر إليها مباشرةً، فضلاً عن أنّ ألوانها في غاية الروعة تميّز فيها الأزرق مع تدرجات البرتقالي والأصفر.
في كل الفئات، كان للأطفال وجودهم القوي في أكثر من لوحة، إلا أنهم كانوا العنصر الأقوى والأكثر بروزاً في فئة “صورة المستقبل بعيون المستقبل”. فقد تكرروا في 5 لقطات من أصل 9 فائزة، وهي “فتاة البادية” لأحمد البادي من سلطنة عمان، “رؤيا” لساجد الكاظم من المملكة العربية السعودية، “فتاة” لسالم البوسعيدي من سلطنة عمان، “quiet annoying” من سلطنة عمان، و”poor children” من البحرين، وجميعها ركّزت على نظرات الأطفال المتطلعة بشغف وأمل نحو المستقبل.
______
*ميدل إيست أونلاين

شاهد أيضاً

“أثر على أثر” معرض لمفاضلة في المتحف الوطني

(ثقافات) “أثر على أثر” معرض لمفاضلة في المتحف الوطني برعاية العين د. مصطفى حمارنة ينظم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *