الحُبُ في زَمن الكورونا..


*يوسف أبو شعيب

( ثقافات )

المَدينة …شِبه جزيرة في بَحر من الدم والعرق …وهناك صوب الغروب …كانت إحدى الغيمات تَقدّ قميصها حُزناُ على شارع تعب من الركض هرباً من ضحكات الغارة التي كانت تنفجر في كل مكان قبل أن يتمكن من الجلوس في ظِل آخر شَجرة قيل : أن القمر قد بنى عُشاً من النجوم على ذاكرة أغصانها المُلوثة بالدخان ورائحة البارود…
أذكر أن للمدينة فُستان آخر غير هذا الفستان الرمادي …وأذكرُ جيداً أنني علّقت إحدى صورها على جدران غُرفتي الصغيرة عندما كانت تُشبه ملكات جمال العالم وقبل أن تُصبح ملكة جمال الدمار لكنّ جدران غُرفتي لم تعد تقوى على الوقوف أو حمل صورتها وهي على خَطاف مجزرة أو وهي مرسومة على غلاف العدد الأخير من مَجلة القتل.
مشاهد كثيرة كانت تدفعني لحفر ملجأ ربما تحت أنقاض الماضي أي قبل أن تنزع المدينة فستان عُرسها الشفاف وقبل أن تغتصبها بزة الحرب الخَشنة ، ومشاهد أخرى جعلتني أفكر جدياً في كتابة رسائل الحب إلى نَفسي ثم أتعمد عدم الرّد عليها كي أثير في عَقلي تساؤلات أخرى غير تلك التي كان يُثيرها الموت.
أجل لقد شيدت الفوضى أول مستوطنة للإدمان في نَفسي حتى أنني بدأت أرى الحرب مثل طيف يَعجز عن شَدّ وسادتي إلى تلك اليقظة المُصابة بالغيبوبة ، أجل ولأنني قد أموت لأهون سَبب سأعيش لأهون سَبب أيضاً أو ربما لأنني قررت أن أعيش لهذا جلست في المقهى وحيداً ثم بدأت أتقمص دور التلفاز و دور الساقي و دور صاحب المقهى لن أكذب فذات مرة تَقمصت دور النرجيلة وأخذت أقرقر ثم أنفض رأسي من بقايا الرماد.
لقد بدأت أشعر بأن الحرب تستلقي إلى جواري في كل ليلة دون أن تنام ، لقد بدأت أشعر بأنفاسها الساخنة وهي تزحف على صَدري وتعبث بعيني وشَعري بل أنها كانت تروي لي كل حكاياتها وخوفاً منّي أو منها كنتُ أستسلم لكوابيسها وأنام..

شاهد أيضاً

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات) يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت حسن حصاري منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *