الروائي العالمي باولو كويليو:يمكن أن أموت من أجل زوجتي!


شاكر نوري *



باولو كويليو، روائي وقاص نقل نكهة البرازيل إلى العالم. تتميز رواياته بمعان روحية، يشترك فيها الجميع، كما يعتمد على أحداث تاريخية واقعية لتمثيل أحداث قصصه. وعين سنة 2007 رسول السلام التابع للأمم المتحدة. تعد “الخيميائي” أشهر رواياته وتمت ترجمتها إلى 67 لغة، ووصلت مبيعاتها إلى 150مليون نسخة في جميع أنحاء العالم. ولد في ريو دي جانيرو عام 1947. قبل أن يتفرغ للكتابة، كان يمارس الإخراج المسرحي والتمثيل، وعمل كمؤلف غنائي، وصحفي. وقد كتب كلمات الأغاني للعديد من المغنين البرازيليين أمثال إليس ريجينا، وريتا لي راؤول سييكساس، فيما يزيد على الستين أغنية.

الروائي باولو كويلو


ولعه بالعوالم الروحانية بدأ منذ شبابه كـ “هيبي”، حينما جال العالم بحثاً عن المجتمعات السرية، وديانات الشرق. نشر أول كتبه عام 1982 بعنوان “أرشيف الجحيم”، والذي لم يحقق أي نجاح، ثم في عام 1986 قام كويليو برحلة سيراً لمقام القديس جيمس في كومبوستيلا، تلك التي قام بتوثيقها فيما بعد في كتابه “الحج”. في العام التالي نشر رواية “الخيميائي”، وقد كاد الناشر يتخلى عنها في البداية، ولكنها سرعان ما أصبحت من أهم الروايات البرازيلية وأكثرها مبيعاً. واشتهر بروايات أخرى مثل: “بريدا”، و”الجبل الخامس”، و”أوراق محارب الضوء”، و”فيرونيكا تقرر أن تموت”، و”إحدى عشرة دقيقة”، و”الزهير”، و”ساحرة بوتوبيلو”، وغيرها.

بدأ حياته بالعمل في إحدى الشركات التجارية في ريو دي جانيرو، وهناك التقى امرأة أصبحت زوجته الأولى فيما بعد. انتقلا للعيش في لندن في عام 1977، لكن باولو لم يكن سعيداً، لذلك أراد أن يعود إلى الكتابة، لكنه لم يستطع الكتابة ثانية. عاد إلى البرازيل وطلق زوجته الأولى لأن التفاهم بينهما في تلك الفترة كان أمراً صعباً. تزوج مرتين قبل أن يستقر مع صديقته الرسامة المعروفة كريستينا أوتسيستا، قائلاً: “إنها زوجتي الرابعة، والأخيرة”.

في عام 1982 زار الزوجان ألمانيا، وهناك حدث أن أبصر شبحاً وقد أثر فيه، وهذا الشبح نصحه بإعادة اكتشاف الكاثوليكية، ونصحه بالقيام بالحج، والسير على قدميه على طريق بين فرنسا وإسبانيا، وعلى أثر تلك التجربة، ألف كتابه الأول “الحج” في عام 1987، وهي تفاصيل رحلته الإيمانية تلك، التي أضفى عليها نوعاً من الغموض. ومنذ ذلك الوقت أصبح كاتباً، وراح يؤلف الرواية تلو الأخرى.

يعيش الزوجان في منطقة البيرنيه، واعتاد أن يقوم بتسلق الجبل مرة في الأسبوع. ويشترك الزوجان في القيام بنوع من اليوغا. وفي الظهيرة، يهتم باولو بالكتابة، لكنه لا يكتب رواية إلا عندما تكون لديه قصة يريد أن ينقلها إلى الآخرين. ولا يستغرق في كتابة الرواية سوى أسابيع عدة، ويقوم باعطائها لحلقة صغيرة من أصدقائه ثم يعكف على تنقيحها. يقول عن روايته “الخيميائي” التي أطلقت شهرته: هي عبارة عن إعادة سرد حكاية “ألف ليلة وليلة” بطريقتي الخاصة.

تزوج باولو كويليو الفنانة كريستينا أوتسيستا، في عام 1980، وهي تصغره بنحو عشر سنوات، وقد اشتهرت باستخدام تقنية غريبة في تجسيد لوحاتها، لها علاقة بالأرض والتربة، وهي تقنية تسمح للعناصر الطبيعية بأن تؤثر في أعمالها. كريستينا فنانة، ولدت ضمن حركة تيار التجريب الفني الذي ظهر في السبعينيات في ريو دي جانيرو، مسقط رأسها، ومن هذه المدينة الكوزموبوليتية، انطلقت لوحاتها إلى معظم أنحاء العالم. ولعل فنها التعبيري أعطى قيمة كبيرة للوحات المناظر الطبيعية، باعتبارها قضية أساسية في حياتها وفنها. واعتادت أن ترسم في منطقة البيرنيه الفرنسية طوال خمس سنوات من حياتها مع زوجها. وفي هذا الفناء ولدت تقنيتها التي تعلقت بها من رحم الطبيعة، عندما قررت أن ترسم لوحة طولها عشرة أمتار في وسط الطبيعة في الهواء الطلق، وتركتها تجف هناك. وفي اليوم التالي عندما ذهبت لاسترجاعها، وجدتها مليئة بالغبار والأوراق والأوساخ والحشرات. وفجأة راودتها فكرة أن تترك لوحتها كما هي، ملطخة بعناصر الطبيعة، بمعنى مشاركة الطبيعة في لوحاتها، ما جعلها لوحة فريدة من نوعها.

وقد بدأت الفنانة بتقنية رسم الغابات، والوديان، والجبال في منطقة البيرنيه الفرنسية، الشهيرة بمناظرها الطبيعية الخلابة. وكانت ثمرة جهدها هذا تأليف كتاب بعنوان “الفصول الأربعة”. وما بين عامي 2004 و 2005، دفنت بعض لوحاتها في غابات الأمازون في البرازيل، وانتظرت عاماً كاملاً قبل أن تستخرجها لكي تتشبع بعناصر التربة والطبيعة، كما أخذت لوحاتها الأخرى إلى الوادي المقدس في الهند، واستخدمت تعرجات الصخور، وتأثيرات الأمطار والثلوج وألوان التربة كخيار فني.

عشق كويليو وصل إلى حد الهوس بزوجته ولا يستطيع العيش من دونها ويقول عنها: كريستينا هي الشخص الوحيد في العالم الذي يمكن أن أقتل من أجله وأموت

حياته الخاصة


على الرغم من علاقاته بأربع نساء، تزوج اثنتين، وعاش مع اثنتين، لكنه لم ينجب أي طفل من علاقاته النسائية. هو يؤمن بالحب، قائلاً: “إذا ما قررنا متابعة أحلامنا، فإننا نحقق ما نسعى إليه من الحب، والمال والنجاح، وأي شيء نريده”.

يعيش مع زوجته الرابعة كريستينا منذ ثلاثين عاماً، ويعتبرها حبه الكبير. وبين تحقيق النجاح المهني والسعادة الزوجية، يعيش الكاتب ما أطلق عليه “عزلة المنتصر”، وهو أيضاً عنوان أحد كتبه.

الروائي باولو كويلووعن قارئه الأول، يقول كويليو: “ليست زوجتي قارئي الأول لأنها خطر جامح ــ مازحاً ــ لقد توقفت عن إعطائها مخطوطات رواياتي لتقرأها منذ أن قرأت روايتي ـ الخيميائي ــ التي قالت عنها إنها تكره هذه الرواية التي لا يمكن أن تجد طريقها إلى النجاح، ولأنني أؤمن بتعاويذ الشّر، توقفت عن إعطائها رواياتي إلا بعد أن أرسلها إلى الناشر. واليوم عندما تراني أنكب على طاولتي للعمل، تعتقد أنني أقوم بتصفح الإنترنت أو أقرأ الصحف”.

حب كويليو وصل إلى أعلى الدرجات، بل إلى حد الهوس بزوجته، فهو لا يستطيع العيش من دونها، خاصة في أسفاره، يقول عنها: “كريستينا .. هي الشخص الوحيد في العالم الذي يمكن أن أقتل من أجله وأموت. لا سلاح عندي، ولكن إذا ما تجرأ أحد وأمسك شعرة واحدة منها، حينها لا أسيطر على نفسي”.

وعن قصة زواجه بها، وكيف تعرّف إليها، يقول: “بعد أن تعرفت إليها لأول مرة، لم يمر أسبوع حتى طلبت يدها للزواج، كانت في الثلاثين من عمرها. ومن أجل أن نحافظ على حبنا، قمنا برسم وشم الفراشة على ذراعينا. ولم أحمل خاتم الزواج إلا مرة واحد واضطراراً عندما ذهبنا إلى إيران. ولأنني كنت خائفاً أن يقع لنا سوء ما، أردت، عند عودتنا في الطائرة، أن أرمي الخاتم في المرحاض، طرداً لكل سوء، إلا أن كريستينا قفزت عليّ صارخة: توقف، توقف يا باولو، الخاتم من ذهب!”.

* الصدى

شاهد أيضاً

أول رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي

(ثقافات) أوَّل رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي: أركيولوجيا الصورة في رحلة ابن بطوطة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *