طارق علي‮: ‬كتبت بسبب‮ ‬إدوارد سعيد‮ ..‬ وتوقفت بسبب‮ ‬جورج بوش



حوار‮: ‬دومينيك‮ ‬غوي‮-‬بلانكيه ترجمة‮ : ‬أحمد عثمان


يزور القاهرة‮   ‬المفكر والروائي البريطاني طارق علي،‮ ‬ضيفا علي دار الكتب خان لتوقيع روايتيه‮ “‬كتاب صلاح الدين‮”‬،‮ ‬و”ظلال شجرة الرمان‮” ‬وهو ما حدث أول أمس الجمعة والجريدة ماثلة للطبع كما تحدث‮ (‬السبت‮) ‬في المركز الثقافي البريطاني عن‮ “‬الفضاء العام‮”.. ‬هنا محاولة للاقتراب من عوالم صاحب‮ “‬خماسية الاسلام‮”.‬

خماسية الاسلام تتعرض لخمسة أزمنة مؤثرة في الثقافة العربية،‮ ‬خمس‮ “‬مقابلات‮” ‬بين العالمين الاسلامي والمسيحي،‮ ‬بحيث أن دار النشر الفرنسية‮ (‬صابين فسبيسر‮) ‬أعادت تكوينها بواسطة المراحل الكرونولوجية،‮ ‬من عصر النورمانديين في صقلية الي باكستان اليوم‮. ‬لقد وصلت متأخرا الي الرواية.؟‮!‬

‮- ‬ومع ذلك،‮ ‬فكرت في هذا المشروع منذ فترة طويلة،‮ ‬ونسيته‮. ‬أثارت جملة أحد المثقفين اليساريين في التلفزيون‮ ‬خلال حرب الخليج الأولي،‮ ‬عن‮ ‬غياب الثقافة السياسية في الاسلام،‮ ‬هذه المسألة في ذهني‮.‬

‮* ‬من هم الروائيون المهمون بالنسبة لك ؟

‮- ‬كان والدي‮ ‬يمتلك مكتبة تحتوي على كتب الروائيين الكبار بالانجليزية‮. ‬كنت صغير السن حينما قرأت دوستويفسكي،‮ ‬بيد أنني أحببته كثيرا‮. ‬حينما كان هناك خيار بين والتر سكوت وآلكسندر دوما،‮ ‬لاحظت أنني‮ ‬غير قادر علي قراءة سكوت،‮ ‬اذ أجده مملا‮. ‬ومع ذلك،‮ ‬كان دوما أولي صلاتي مع التاريخ الفرنسي‮. ‬قرأت جميع كتبه ولم أبلغ‮ ‬الخامسة عشر من عمري‮.‬
‮* ‬بالفرنسية أم الانجليزية ؟

‮- ‬بالانجليزية التي أتحدثها بطلاقة‮. ‬كانت مدرستي عبارة عن مبني‮ ‬يشرف عليه الكهنة الكاثوليك،‮ ‬والتعليم كله بالانجليزية‮.‬

‮* ‬هل فكرت‮ ‬يوما في الكتابة بلغة أخرى ؟

‮- ‬نعم،‮ ‬فكرت بالكتابة باللغة البنجابية،‮ ‬وهي لغة أشعر بكوني حرا معها،‮ ‬غير أننا لم نتعلم أبدا الكتابة بها‮. ‬اذ كانت وظيفة اللغة البنجابية مقموعة،‮ ‬وكنت بدوري معاديا للغة الأردية،‮ ‬التي كانت لغة مفروضة‮. ‬شيئ‮ ‬غبي من ناحيتي،‮ ‬لأنها لغة جميلة‮. ‬بيد أنني اعتدت علي اللغة الانجليزية‮!‬

‮* ‬متى وصلت الي مشروع الخماسية ؟

‮- ‬شجعني ادوارد سعيد على مواصلته بعد الكتاب الأول‮. ‬بالنسبة له،‮ ‬من اللازم أن أحكي تاريخ الصراع بين الحضارة الاسلامية والديانة المسيحية‮. ‬وهكذا كتبت كتابي الثاني قائلا في نفسي أنني سوف أواصل المسيرة أو أقطعها حسبما كانت النتيجة‮. ‬حاز‮ “‬كتاب صلاح الدين‮” ‬علي نقد طيب،‮ ‬وعدد كبير من الأصدقاء،‮ ‬الذين لم‮ ‬يرحبوا بجزءه الأول،‮ ‬رغما عن نجاحه،‮ ‬وجدوا أنه أفضل من ناحية بناءه‮. ‬وبالتالي واصلت،‮ ‬مع‮ “‬أفول الامبراطورية العثمانية‮”. ‬وأصدرت الخامس،‮ ‬الذي‮ ‬يتناول المرحلة الحديثة،‮ ‬حينما سألتني صديقة ايطالية لماذا تجاهلت صقلية‮. ‬

‮* ‬مع قراءة الخمسة كتب،‮ ‬نشعر  بقوة‮ – ‬أنها ملقحة بالنوستالجيا‮. ‬وكل كتاب‮ ‬يتمهل طويلا وببطء عند طلاوة الحياة قبل الثورة،‮ ‬اللحظة المؤثرة التي تكون فيها‮ (‬هذه الثورة‮) ‬مذمومة‮. ‬أليس هذا شبيها بعطر‮ ‬غريب،‮ ‬لدي ماركسية واثقة ؟

‮- ‬نعم،‮ ‬هذا حقيقي‮. ‬احدي صديقاتي قالت لي،‮ ‬أن كل رواية من رواياتي تتحدث عن الأمل المغدور،‮ ‬عن فقدان الأمل‮. ‬لا،‮ ‬ليست روايات‮ ‬يائسة،‮ ‬كما أكدت،‮ ‬الا أنها تجتذب الحداد‮. ‬أعتقد أنه سؤال الجيل‮. ‬هؤلاء من عاشوا معنا‮ (‬ثورة‮) ‬1968‮ ‬أختبروا شيئا مختلفا للغاية عن الأجيال اللاحقة،‮ ‬شيئا متعلقا بشبه الوعي‮. ‬وأيضا الروايات تكتب علي مستوي شبه الوعي،‮ ‬كما أعتقد‮.‬

* ‬كيف تري الي الرواية الانجليزية ؟

‮- ‬لست هاويا الي حد كبير‮. ‬أعرف أنها هرطقة،‮ ‬غير أنني لا أقدر ألبتة جين أوستن أو الأخوات برونتي‮. ‬ليس هناك ما‮ ‬يدعو الي نقدهن،‮ ‬علي أي حال أنهن‮ ‬غير جديرات بالقراءة،‮ ‬مع أن كتاباتهن تتوفر علي بعض الفقرات المؤثرة‮. ‬ولكنهن لم‮ ‬يجذبني الي قراءتهن‮.‬

* ‬هل تتقاسم مشاعر سلمان رشدي عن‮ ‬الطور البريطاني‮ ‬الطور المعاد احياؤه روائيا ؟

‮- ‬لست متفقا كليا معه،‮ ‬وبالتحديد مع روايات الستينيات‮. ‬روايات بول سكوت،‮ ‬علي سبيل المثال،‮ ‬تجربة الهند من خلال عيني شباب الموظفين البيض الذي‮ ‬يعملون لصالح الامبراطورية،‮ ‬تعتبر مهمة تحت هذا العنوان‮. ‬أو‮ “‬ثلاثية الامبراطورية‮” ‬لجيمس‮ ‬غوردون فاريل‮. ‬رأي رشدي حاد للغاية‮. ‬وبالنسبة لرواياتيه الأولتين،‮ “‬أطفال منتصف الليل‮”‬،‮ ‬وبالأخص‮ “‬العار‮”‬،‮ ‬كانتا رائعتين‮. “‬آيات شيطانية‮” ‬؟ لم‮ ‬يكن أمامنا خيار الا الدفاع عنه من الناحية السياسية،‮ ‬سواء أعجبنا الكتاب أو لم‮ ‬يعجبنا‮. ‬حتي أنني كتبت مسرحية‮ “‬ليالي ايرانية‮” ‬بالاشتراك مع هوارد برنتون عن رشدي‮. ‬رواياته بعد الفتوي هبط مستواها بشكل كبير‮. ‬يحاول محاكاة أسلوبه القديم،‮ ‬ولكن هذا لم‮ ‬يتحقق،‮ ‬لأنه لم‮ ‬يعد نفس الشخص‮. ‬وأصبح موسوسا بشهرته‮. ‬لقد صرح أن الرواية ماتت،‮ ‬جنس أدبي أنتهي،‮ ‬ولذا بدأ‮ ‬يكتب سيناريوهات لهوليوود‮. ‬شيئ رائع‮!‬

‮ *  ‬في الواقع،‮ ‬بالنسبة اليك،‮ ‬هل تري الي أن الرواية تحتل مكانة مهمة ؟ هل هي مكانة مستمرة ؟

‮- ‬لا‮. ‬ولهذا أمضيت اثني وعشرين عاما في كتابة الخماسية‮. ‬بعد‮ ‬11‮ ‬سبتمبر،‮ ‬ذهب بوش الي الحرب،‮ ‬وجعلني أتوقف عن مشروعي‮. ‬كتبت ثلاثة كتب عن الوضعية السياسية خلال هذه المرحلة،‮ ‬وقلت في نفسي أنه من الضروري أن أبتعد عنها،‮ ‬والا لن أنتهي أبدا منها‮.‬

*‬وهكذا،‮ ‬هل تقول أن كتابة الرواية ملاحقة للحرب بطرق أخرى ؟

‮- ‬لا أعرف،‮ ‬وانما شئ جميل أن‮ ‬يلاحق المرء شيئا ما بطرق أخري‮! ‬بالتأكيد لا نهاية في حد ذاتها،‮ ‬وخلاف ذلك أعشق الكتابة،‮ ‬أمتص كليا في رواية،‮ ‬ولا أستطيع التوصل الي هذا الا عبر الانعزال التام،‮ ‬وهذا لا‮ ‬يتحقق في لندن‮.‬

‮ * ‬في‮ “‬ليل الفراشة الذهبية‮”‬،‮ ‬التي تدرك الحياة والفكاهة،‮ ‬تضع العالمين الاسلامي والغربي مساويا لنفاق والفساد‮.‬

‮- ‬نعم،‮ ‬الشكل فقط‮ ‬يختلف‮. ‬في الهند،‮ ‬في الباكستان،‮ ‬في سري لانكا،‮ ‬الفساد ظاهر جليا أمام أعيننا‮. ‬في أوروبا،‮ ‬المساومات أكثر حذرا،‮ ‬مستترة،‮ ‬ولكنها تتحقق طوال الوقت بكل وضوح‮. ‬وهذا‮ ‬يتعلق بجميع الأحزاب السياسية،‮ ‬كما في الشرق‮. ‬حتي ان سمعنا عن المال‮ ‬يغير النفوس‮.‬

‮ * ‬نعم،‮ ‬وعلي وجه الخصوص في هذه اللحظة‮. ‬توجه كثيرا من النقد القاسي الي ثلاث دول،‮ ‬تمثلها مدن لاهور،‮ ‬لندن ونيويورك‮.‬

‮- ‬وبكين‮.‬

‮ * ‬وبكين،‮ ‬غير أن الصين ليست هدفك‮. ‬ولكنك لم تشر أبدا الي باكستان،‮ ‬لماذا ؟

‮- ‬باكستان تعني‮ “‬أرض الأطهار‮”. ‬في نقاشات مراهقتنا كنا نبتكر عنها كثيرا من الأسماء المتهكمة‮. ‬الأرض-الوطن،‮ (‬البيورستان‮)‬،‮ ‬وبذلك وددت المحافظة علي هذه الروح‮.‬

‮* ‬تتجاهل بريطانيا العظمى،‮ ‬بما أن الانتلجنسيا الباريسية موضوع لانتقادات‮ ‬غريبة وحادة للغاية

‮- ‬لأن الثقافة البريطانية لا تثير اهتمامي كثيرا.ولا أشعر أنها‮ ‬غدرت بي‮.‬

‮* ‬‮ ‬هل تعتبر أن مرارتك تجاه الفرنسيين شكل من أشكال من خيبة الأمل ؟

‮- ‬ليس هناك أي خيبة أمل،‮ ‬وانما‮ ‬غضب ازاء الانزلاق العظيم الذي جري في أحداث الانتلجنسيا الفرنسية في نهاية السبعينيات،‮ ‬والمستمر الي هذه اللحظة‮. ‬تعلم جيلي علي‮ ‬يدي مثقفي الضفة اليسري،‮ “‬ليه تون مودرن‮” (‬الأزمنة المعاصرة‮)‬،‮ “‬لو موند‮”‬،‮ ‬الأفلام الفرنسية‮. ‬كانت فرنسا الورشة الثقافية للعالم بأسره‮. ‬وهذا أنتهي‮. ‬وبالتالي أصبح للقوة الأمريكية الناعمة قوة هوليوود والمسلسلات الأمريكية،‮ ‬أثر حاسم ملحوظ‮.‬
‮<‬ربما هذا ما جري علي مستوي الثقافة العادية،‮ ‬ولكن المثقفين الفرنسيين أنتقدوها كثيرا،‮ ‬حتي وان لم‮ ‬يستطيعوا‮ ‬مقاومتها‮.‬

‮- ‬لا أتحدث عن الانتلجنسيا‮ “‬العليا‮”‬،‮ ‬التي تقلصت الي حد كبير،‮ ‬اذا لم تكن تلاشت كليا‮. ‬كان‮ (‬بيار‮) ‬بورديو آخر الوجوه الكبيرة‮. ‬الاختلاف بين ثقافة النخبة والثقافة الشعبية موجودة دوما في فرنسا،‮ ‬بيد أن الهاوية التي تفصل بينهما لم تكن واسعة الي هذا الحد من قبل‮. ‬الآن،‮ ‬أصبحت درجة الغباء في التلفزة عظيمة عن مثيلتها في انجلترا أو في الولايات المتحدة الأمريكية‮. ‬اليوم،‮ ‬السينما الفرنسية قرد هوليوود‮. ‬يتأتي أن هوليوود تحقق أفلاما جيدة،‮ ‬ولا‮ ‬يمكن أن أكون مقلدا لمن هو أفضل مني،‮ ‬حتي وان لم‮ ‬يعجبني علي وجه العموم،‮ ‬ولكن من الصعب أن‮ ‬يكون المرء جيدا وهو‮ ‬يتمرغ‮ ‬في التقليد‮. ‬حكايات الجرائم،‮ ‬أفلام الحركة،‮ ‬التي تنتجها فرنسا اليوم‮ ‬لماذا كل هذا التعب،‮ ‬لماذا‮ ‬ببساطة‮ ‬ألا تقوم بدبلجة وعرض الأفلام الأمريكية ؟‮ ‬

‮ < ‬تقوم بعملها أيضا‮. ‬باستثناء التأثير الأمريكي،‮ ‬هناك أفول الايديولوجيات‮.‬
‮- ‬بالتأكيد‮. ‬الأثر الحاسم ملحوظ بنسبة كبيرة‮. ‬ولكن بفضول،‮ ‬في الولايات المتحدة وفي بريطانيا العظمي حيث تعمل الحياة الثقافية الي حد كبير علي قول الأشياء بطريقة ذكية،‮ ‬نجد أن اليسار الثقافي الذي أنبثق بعد الستينيات لم‮ ‬يختف تماما كما جري في فرنسا‮. ‬هنا،‮ ‬من الممكن القول أن اكتشاف الجرائم الكبري للمرحلة الستالينية كان مفاجئا‮. ‬في انجلترا،‮ ‬لا‮ ‬يوجد حزب شيوعي كبير لكي‮ ‬يقوم بفرض الهيمنة علي الحياة الثقافية،‮ ‬وانما هناك حزب هامشي،‮ ‬حزب العمال،‮ ‬الذي‮ ‬يضم كثيرا من التيارات،‮ ‬ونقد الغولاج‮ (‬وهي كلمة لم تزل مستعملة حتي اليوم‮) ‬بدأ منذ الأربعينيات‮. ‬ليس في فرنسا،‮ ‬اذ ترك دور الحزب الشيوعي في المقاومة،‮ ‬بعد عام‮ ‬1942،‮ ‬بصمة واضحة‮. ‬لم تكن انجلترا محتلة،‮ ‬ولم تعرف هذا التطور للتلميح،‮ ‬الذي‮ ‬يعني أنه حتي اذا كنا نحتقر الحزب الشيوعي،‮ ‬كما قال سارتر،‮ ‬ليس من المسموح قول أي شئ‮ ‬يدعم من حجج أعدائه‮.‬

‮ ‬‮ ‬بالنسبة للآيات‮. ‬كانت رؤيتك التهكمية علي المثقفين الفرنسيين‮… ‬
‮- … ‬لا تتعلق الا بالمثقفين الاعلاميين،‮ ‬أي الثقافة الفرنسية الرسمية‮. ‬وليس المثقفين الجادين‮.‬

‮ * ‬هل قابلت بعض الذين أثاروا اهتمامك ؟

‮- ‬نعم،‮ ‬طوال الوقت‮. ‬أنا رئيس تحرير مجلة‮ “‬فيرسو‮”. ‬ننشر فيها للمثقفين الشباب وكبار السن،‮ ‬الذين لديهم ما‮ ‬يقولونه‮. ‬نواصل النشر لريجيس دوبريه،‮ ‬وان لم نكن متفقين تماما مع كل ما‮ ‬يقوله،‮ ‬أنه مهم من نواح متعددة‮. ‬ننشر كثيرا أعمال آلان باديو،‮ ‬وأعمال كثير من الشباب،‮ ‬مثل لوك بولتانسكي،‮ ‬الذي‮ ‬يواصل تقديم أعمال ابتكارية أصيلة‮. ‬مراكز الأبحاث الفرنسية حافظت علي نزاهتها‮. ‬في الاقتصاد كما في السوسيولوجيا،‮ ‬لم تزل تنتج أعمالا مهمة للغاية كما في الماضي‮.‬

‮ * ‬لا تعتبر الماركسية مرجعا،‮ ‬هكذا قلت،‮ ‬وتعرف نفسك بأنك ماركسي واقعي‮. ‬ماذا‮ ‬يعني ذلك؟

‮- ‬هذا‮ ‬يعني عدم النظر الي ماركس أو الماركسية كدين‮. ‬لدينا الحق في نقدها،‮ ‬نعم،‮ ‬ولكن لأجل تجديدها،‮ ‬وليس لهجرها‮. ‬من اللازم النظر الي كون كثير من الاقتصاديين في كبري وسائط الاعلام المالية‮ ‬يرجعون الي ماركس في مساءلاتهم حول الأزمة الحالية‮. ‬لا أنكرها مهما كان الأمر،‮ ‬مثلما لا أنكر اليعاقبة أو البلاشفة،‮ ‬اذ أنها تجارب أخفقت،‮ ‬ولكنها ظلت منورة‮. ‬ولا أعتقد أن النظام الرأسمالي أمتلك الحل الدائم للرأسمالية‮.‬

‮ * ‬والواقعية،‮ ‬كيف تتأسس ؟

‮- ‬أحتفظ برباطة جأشك،‮ ‬ولا تتخيل أن شرارة صغيرة هي بداية الثورة‮. ‬أن تكون ماركسيا اليوم،‮ ‬أي أن تحلل بهدوء،‮ ‬ولا تبني أرض النعيم كما كان‮ ‬يحدث في الماضي‮. ‬أن تكون واقعيا،‮ ‬أي أن تعرف بكل الرضي أننا لم نعد نحيا في عصر الحروب الداخلية الكثيرة في أوروبا وكذلك عصر الثورات،‮ ‬وأن النصر الرأسمالي في التسعينيات ترك علامة واضحة‮. ‬منذ ذاك،‮ ‬نحن في طور انتقالي،‮ ‬وانما الانتقال نحو ماذا،‮ ‬والي متي،‮ ‬من‮ ‬يعرف ؟ هل سوف تحيا الديمقراطية طويلا ؟ لقد تشذبت تدريجيا،‮ ‬وظلت بالكاد كغلطة مطبعية‮. ‬حزبان‮ ‬يهيمنان علي الحياة السياسية،‮ ‬لا‮ ‬يهم أيهما في السلطة،‮ ‬وهذا ما أطلق عليه‮ “‬المركز المتطرف‮”. ‬وعلي افتراض أن كل شئ علي ما‮ ‬يرام،‮ ‬وأننا تعرضنا للاخفاق،‮ ‬علينا أن نثابر،‮ ‬وهذا أمر لا‮ ‬يصدق‮.‬

‮ * ‬تتحدث عن شرارة صغيرة‮. “‬الربيع العربي‮” ‬؟

‮- ‬نعم‮. ‬لنقل أنها ومضة،‮ ‬صاعقة،‮ ‬بيد يأنني لا أقارنها بثورة‮ ‬1848‭.‬
‮*  ‬نعم،‮ “‬ربيع الأمم‮”. ‬مفهومان متشابهان،‮ ‬باستثناء الاسم ؟

‮- ‬أعتقد أنهما متشابهان‮. ‬ولكن المطالبة العربية الكبري،‮ ‬حتي هذه اللحظة،‮ ‬متعلقة بالحرية‮. ‬وليس بالتأكيد بالمساواة ولا بالأخوية‮. ‬ومع ذلك للثلاثة أهمية كبيرة‮. ‬أري الي أن الطور اللاحق سوف‮ ‬يتعلق بالمساواة‮. ‬وأنا متأكد من ذلك‮. ‬أنهم‮ ‬يريدون في بادئ الأمر ازاحة الاستبداد ببني ديمقراطية حسبما النموذج الغربي،‮ ‬حيث كل شئ منضبط،‮ ‬في الواقع،‮ ‬وهذا صعب الابتعاد عنه‮. ‬ولكنه‮ ‬غير مستحيل‮. ‬مستوي الحشد أكبر من مثيله في الغرب‮.‬


0‮(‬x‮) ‬Dominique Goy-Blanquet, Entretien avec Tariq Ali, Le combat continue, La Quinzaine, Nr. 1047, du 15 octobre 2011. 

* أخبار الأدب المصرية

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *