شل أسبمارك: جائزة نوبل لعام 1988 انحصرت بين نجيب محفوظ وأدونيس


*محمد الحمامصي

اعترف الشاعر السويدي شل أسبمارك رئيس لجنة نوبل ما بين سنتي 1998 و2004، وأحد خمسة أشخاص مسؤولين عن الاختيار النهائي للفائز بجائزة نوبل في الأدب، أن لجنة تحكيم جائزة نوبل تلجأ إلى خبراء في اللغة العربية وآدابها لتقييم أعمال الكتّاب العرب، وتعتمد على الترجمة لقراءة الأعمال المقترحة، ورفض الإفصاح عن عدد الذين يتقدمون من الكتاب العرب إلى الجائزة، مؤكدا أن هذا يبقى سرا، كما رفض ربط قرار منح نوبل بالشأن السياسي.

يقول الشاعر السويدي أسبمارك، الذي يشارك في الدورة 24 لمعرض أبوظبي الدولي للكتاب ضمن وفد يضمّ 26 شاعرا وروائيا ورساما وموسيقيا سويديا، إنه “عام 1988، وهي السنة التي منح فيها الروائي المصري نجيب محفوظ جائزة نوبل، انحصر الاختيار بينه وبين الشاعر السوري أدونيس، حيث أكدت اللجنة أن كليهما مبدع في مجاله، ولكن القرار جاء بفوز محفوظ، ومع ذلك يعدّ استبعــــاد أدونيس أمرا يعود إلى اللجنـــة، وهو شـــأن سريّ، لا أستطيـع التحدث عنه”.
بعيدا عن السياسة
يؤكد أسبمارك أن قرار منح الجائزة ليس له علاقة بالسياسة، وإنما يعتمد فقط على جودة عمل الكاتب، ويقول: “إن الأكاديمية السويدية لا تقيّم أي عمل على أساس سياسي”. ولفت الانتباه إلى أن لجنة جائزة نوبل كانت تضمّ في ما مضى مستشرقا يقرأ العربية وكان يهتمّ بعمل المبدعين العرب، لكن بعد رحيله لم يحلّ محله أحد يقرأ العربية.
ويتابع قوله: “جميع الكتاب العرب الذين يتقدّمون إلى الجائزة جيّدون، لكني لا أستطيع أن أكشف عن سبب عدم اختيارهم، ودعني أقول لك إنه عام 1969 كان هناك مرشح بريطاني قويّ وآخر فرنسي وتمّ استبعادهما ليحصل عليها المسرحي الإيرلندي صمويل بيكيت”.
وأشار إلى أنه في مرة وحيدة أثير جدل في الصحافة الأوروبية حول قرار الجائزة بفوز الشاعر البولندي سيزيلو ميلوسز بنوبل عام 1980، حيث اتهمت اللجنة أنها منحته الجائزة نتيجة الإضرابات في بولندا وفسّر الأمر سياسيا، في حين أن القرار كان قد اتخذ قبل عدّة أشهر من إعلان فوزه بالجائزة.
ويقول: “لجنة التحكيم لم ترضخ للأقاويل، وأكدت قرارها باختيار سيزيلو ميلوسز، وأكرّر أن لا علاقة للجائزة بالشأن السياسي ، بل إن التراجع عن قرار فوز سيزيلو ميلوسز كان سيعني دعم اللجنة للإضراب ومن ثمّ احتكامها للسياسة، وهذا ما لم يحدث”.
وأضاف أسبمارك قوله: “إن الأمر المهم للحصول على الجائزة هو الإصرار على تقديم أعمال جيدة ومتابعة التقدّم للجائزة وعدم الأخذ بالأهمية موضوع ردّ الأكاديمية، لأن أعضاءها لم ولن يردوا، فقط هم يتابعون العمل ويتقبلون النقد وعلى المبدعين أن يفعلوا ذلك، فبالنهاية اللجنة تتخذ القرار الذي يحفظ كرامة الجائزة والأعضاء معا”.
أزمة العربية
يقول أسبمارك: “إن المشكلة تتلخص في أن هناك ما يزيد عن 200 مرشح كل عام من مختلف لغات العالم، وجميعهم على مستوى عال من الإبداع، إن للجميع الحرية المطلقة في التقدّم لنيل الجائزة، سواء أكانت لغتهم العربية أم الصينية أم الإسبانية أم الفرنسية أم الأنكليزية أم السويدية وغيرها، فاللجنة تعرف كل اللغات وتستطيع التقييم دون الحاجة إلى ترجمة، وبالرغم من عدم وجود من يقرأ بالعربية إلا أن هناك مترجمين يترجمون وهناك دار نشر تهتمّ بالعربية، وتستطيع أن تؤمن 18 نسخة بالعربية للعمل الأدبي كي يقرأه أعضاء اللجنة ويناقشوه ويقيّموه”.
وأوضح أسبمارك أن هناك ضعفا في الترجمة من العربية، لذلك يقرأ الشعراء العرب بأكثر من ترجمة -الأنكليزية والفرنسية والألمانية- للنص الواحد، بغية الوصول إلى روح النص. وأكد أن “أعضاء اللجنة لا يقرأون بالعربية، ومن ثمة لا يقيّمون بها، لأن التقييم يشترط في المقيّم توفّر الخبرة العملاقة والتخصص الهائل، وهذا ليس سهلا بالنسبة إلى ثمانية عشر شخصا هم الذين يتكفّلون بقراءة كل هذه الأعمال المرشحة، لذلك نلجأ إلى الخبراء الذين بإمكانهم تقديم الدعم والمساندة في اعتماد المراجع فكما أن هناك مراجع لقراءة القرآن هناك مراجع للغة وبنائها وهناك يعتمد أعضاء اللجنة على هؤلاء الخبراء وليس على الترجمة فقط في تقييم الأعمال”.
يذكر أن أسبمارك ولد في مدينة بشمال السويد عام 1930 وترعرع في ستوكهولم، وهو شاعر وروائي ومؤرخ أدبي، نشر أول مجموعة شعرية “مقتل بنجامن” في عام 1956، تلتها مجموعة “العالم عبر عيون الكاميرا” وفي السبعينات أصبحت أعماله تأخذ المنحى السياسي الاجتماعي. ومن أعماله الروائية “درب التبانة” و”سن النسيان”. ترجمت أعماله إلى أكثر من 20 لغة منها العربية، نال العديد من الجوائز منها جائزة دي نيو، وجائزة ترانسترومر، وجائزة إل بريميو كابري.
______
*العرب

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *