*محمد رُضا
في مؤتمر صحافي، أعلن مدير عام مهرجان كان السينمائي تييري فريمو عناوين الأفلام المنتخبة للاشتراك رسميا في المسابقة الأولى ومسابقة «نظرة ما»، وتلك الواردة في عروض رسمية، إنما خارج المسابقتين.
49 فيلما من 28 دولة جرى اختيارها من 1800 فيلم جرى التقدّم بها لكي تنتسب في الدورة الـ67 التي ستنطلق في الـ14 من الشهر المقبل، وتختتم في الـ25 منه.
وكما هي الحال دائما، الكثير من الأفلام التي سنراها في هذه الدورة هي لمخرجين يعاودون الاشتراك مجددا في هذا المهرجان الأكبر حدثا من كل أترابه. هذا مع العلم أن المدير العام انتقد في خلال تقديمه، ولو بشكل عارض، تسمية الصحافة لهؤلاء بـ«المخرجين المعتادين» أو بـ«زبائن المهرجان» المداومين. لكن الحال هو أنهم كذلك، فمن فرنسا، يسجل أوليفييه أساياس وجان – لوك غودار اسميهما في عداد المتسابقين. ويفعل الأمر ذاته التركي نوري بيلغ شيلان، ومن كندا أتوم إيغويان وديفيد كروننبيرغ، ومن بلجيكا الأخوين جان – بيير ولوك داردين، ومن بريطانيا كن لوتش ومايك لي، ومن اليابان ناوومي كاواسي، ومن السنغال عبد الرحمن سيساكو. كما يعاود الصيني زانغ ييمو اشتراكه ويطل مجددا، ولو خارج المسابقة، الفرنسي فيليب لاكوتي، والألماني فيم فندرز.
* من هذا العالم خارج المسابقة أيضا فيلم لمخرج جرى تقديمه باسم محمد أسامة يتناول الوضع في سوريا عنوانه «ماء فضي»، وبما أن الاسم جديد من ناحية، وبما أن هناك مخرجا سوريا معارضا للنظام من ناحية أخرى اسمه أسامة محمد، فليس من الواضح قطعا ما إذا كان المخرج جديدا أو أنه نفسه صاحب فيلم «صندوق الدنيا» الذي كان، في أواخر القرن الماضي، أول اشتراك سوري في تاريخ المهرجان، وبقي كذلك إلى هذه الساعة.
إحدى السمات الغالبة، بصرف النظر عن هوية هذا السينمائي العربي، هي تداول المشكلات السياسية والأمنية الواقعة في هذا العالم، وفي هذه الآونة. «ماء فضي» يعد بأن يكون نظرة على ما يقع في سوريا من حروب وكر وفر بين أطراف النزاع في حرب دموية. إلى جانبه، وفي إطار «عروض خاصّة»، هناك فيلم آخر بعنوان «جسور ساراييفو»، من إخراج جماعي يسرد التحوّلات التي حدثت في ساراييفو عبر سنوات ما بعد الحرب الأهلية وإلى اليوم. من بين الموقّعين عليه الروماني كريستي بايو، والبوسنية عايدة بيجيش، والمخرج البيلاروسي سيرغي لوزنيتسا، كما الفرنسي جان – لوك غودار، الذي يشترك منفصلا بفيلمه الجديد «وداعا للغة» من بطولة كامل عبدلي.
كذلك يقدّم المخرج الفرنسي ميشيل هازانفيتشيوس فيلمه الجديد (من بعد «الفنان» الذي حاز أوسكار أفضل فيلم سنة 2012) عن الحرب الشيشانية، عنوانه «البحث»، يقول البعض إنه لا ينتقد الحرب وحدها، بل الجانب الروسي منها أيضا.
وفي نطاق أفلام أزمات العالم، ولو على طريقته، فيلم جديد للمخرج الألماني فيم فندرز عنوانه «ملح الأرض»، حققه مشاركة مع المخرج جوليانو ريبييرو سالغادو، وهو مخرج برازيلي يعيش ويعمل في فرنسا منذ سنوات عدة.
* أفلام ونجوم أميركيا، الحضور محدود جدا هذا العام، وأبرزه عودة الممثل تومي لي جونز بفيلم ثانٍ له إلى شاشة المهرجان الفرنسي. ففي عام 2005، كان قدّم، بنجاح لا بأس به، «ثلاثة مدافن لملكايدوس استرادا» الذي كان أوّل أفلامه مخرجا. منذ ذلك الحين عاد، فوقف أمام الكاميرا في عدد كبير من الأفلام، وغالبا في أدوار خشنة وحادة، إلى أن قرر في العام الماضي العودة إلى الإخراج بفيلم بعنوان «الفرسان» (The Horsemen) من كتابته، اقتباسا عن رواية لغلندون سوورتاوت.
المخرج الأميركي بانيت ميلر (صاحب «مونيبول» قبل عامين) يقدّم «فوكسكاتشر»، دراما يُنتظر منها الكثير، كونها مبنية على حكاية اللاعب الرياضي الأولمبي مارك شولتز، الذي تعرض شقيقه ديفيد (وكان لاعبا أولمبيا فقط) للموت على يدي مريض نفسي. شانينغ تاتوم ومارك روفالو وسيتف كارل في عداد الممثلين المشاركين هنا.
لكن إذا كان الاشتراك الأميركي محصورا على هذا النحو فإن الأفلام غير الأميركية والناطقة بالإنجليزية متعددة، ويتقدّمها فيلم للفرنسي أوليفييه داهان «Grace of Monaco» عن الممثلة و(لاحقا) الأميرة غريس كيلي مع نيكول كيدمان في البطولة. الفيلم كان اختير للافتتاح، بعدما تردد أن الاختيار قد يستقر على واحد من الإنتاجات الهوليوودية الكبيرة، كما سبق أن حدث في بعض السنوات السابقة.
الكنديان أتوم إيغويان وديفيد كروننبيرغ يوفّران للمتحلقين هناك فيلميهما الجديدين، «رهائن» (أو كما كان اسمه الأول «الرهينة») وهو عن حياة الرسامة مرغريب كين، وتقوم بدورها روزاريو دوسون، والثاني يطل بفيلم «خرائط النجوم» الذي يلقي هنا نظرة فاحصة حول هوليوود اليوم والثقافة الغربية عموما، مانحا البطولة لجوليان مور وميا وازيكوفسكا و(للمرة الثانية) روبرت باتنسون (الأولى كانت قبل عامين في «كوزموبوليس»).
تنافس أشهر مخرجين كنديين في دورة واحدة لا يماثله سوى تنافس أهم مخرجين بريطانيين (أو من بين الأهم على أي حال)، وهما مايك لي، الذي يعرض «مستر تيرنر»، وكن لوتش الذي يعود بفيلمه الجديد «قاعة جيمي».
وإن كانت هوليوود محدودة الظهور، فإن كثيرين من نجومها سيحضرون الدورة المقبلة، ومن بينهم، علاوة على من ورد ذكره آنفا، جون كوزاك ورايان رينولدز وميريل ستريب وأنيت بانينغ ورايان غوزلينغ.
المدير العام تييري فريمو ذكر أن الاختيارات الحالية سوف يُضاف إليها بضعة عناوين خلال الأيام القليلة المقبلة، وأنه من بين 1800 فيلم شوهدت (وهو أكّد على أنها شوهدت) كانت هناك كثير من الأفلام الجيدة «لكن كان علينا أن نختار»، وأضاف: «رفضها لا يعني إنها لا تصلح للعروض الجماهيرية»! لكن اللافت إداريا أن هذه الدورة الجديدة ستكون آخر دورات الرئيس المشهود له بوضع المهرجان في خطّه التصاعدي طوال 30 سنة الماضية، وهو جيل جاكوب. هذا تقدّم زميله في الحديث عما يعنيه مهرجان «كان»، وهو موضوع مهما جرى الإسهاب فيه يبقى الكثير مما يمكن قوله وزيادة.
________
*الشرق الأوسط