*يمينة حمدي
يمثل التكتم على الأسرار من الاختبارات الصعبة التي تواجه الشريكين في حياتهما الزوجية، لأن أي انتهاك للخصوصية من شأنه أن يؤدي إلى انهيار مؤسسة الأسرة. والبوح بالأسرار غالبا ما يكون بسبب عدم إيجاد المساحة المناسبة لتخزينها أو كتمانها داخل أنفسنا، أو بسبب عدم قدرتنا على كتم تلك الأسرار.
فمن أين يبدأ البوح، وأين ينتهي؟. يؤكد الخبراء أن هناك عشرة بالمئة من الأسرار التي لا يمكن البوح بها مطلقا نظرا لاتصالها المباشر بنقاط ضعفنا الشخصية وبالمواقف المحرجة التي حدثت لنا في حياتنا.
أما النوع الثاني من الأسرار التي يمكن الإفصاح عنها للشريك أو حتى للأصدقاء المقربين فتمثل 60 بالمئة من مشاكل حياتنا، وهي المتعلقة بالصحة والمسائل المادية. ويدخل النوع الثالث في خانة الأسرار الأسرية، وهي عبارة عن مجموعة من المواقف المتصلة بالحياة الزوجية والعائلية وبأحداث الشارع والعمل اليومية.
وأصحاب هذا النوع من الأسرار تنتابهم حالة من الشجاعة لدى اعترافهم بأسرارهم ولكنهم سرعان ما يشعرون بالندم الشديد عقب الإفصاح عنها.
وتمثل الأسرار الزوجية أهم المسائل التي يشتهي البشر الثرثرة فيها والتحدث عنها بإطناب، فبمجرد خروج السر من القلب لا يتحكم الشخص في جموح اللسان الذي يصبح بمثابة المعول الذي يهدم استقرار العائلة.
ويؤكد علماء النفس على وجود اختلافات سيكولوجية كثيرة بين الرجال والنساء، تتصل خاصة بمدى قدرة كل منهما على التحكم في مشاعره وعدم البوح بمشاكله الشخصية. وتوصف النساء بأنهن الأكثر ثرثرة وخاصة فيما يتعلق بخصوصيات حياتهن الزوجية وهو ما لا يفضله الكثير من الرجال الذين يميلون إلى عدم فضح أسرارهم الشخصية والعائلية.
ويؤكد عالم النفس الأميركي، جون غراي، أن بداخل كل إنسان منا جزء نسائي وآخر رجالي، وقد يغلب الجزء النسائي لدى بعض الرجال فينعكس ذلك على رغبتهم الكبيرة في التعبير عن النفس والثرثرة، وعدم السيطرة على الاحتفاظ بأسرارهم كما هو الحال لدى النساء. وتدعو الباحثة البريطانية أماندا روز إلى الإفصاح عن المشاكل والهموم والمخاوف أفضل من الإحجام عن الحديث عنها للآخرين، وترى أن خيار النساء في التحدث عن مشاكلهن يعد طريقة مثلى لحل هذه المشاكل على عكس الرجال الذين ينشغلون بالتفكير في حل تلك الخلافات، ممّا يؤثر على قدرتهم في إيجاد الحل.
ورغم أن المسائل الأسرية ليست على درجة واحدة من الأهمية، فهناك أسرار خاصة جدا بين الزوجين وهذه لابد من التكتم عنها، لكن عديد النساء يعتقدن أن البوح ببعض التفاصيل يمثل خطوة كبيرة نحو حل خلافاتهن الزوجية، وحتى وإن لم يصلن إلى حلها فإن الفضفضة “فش الخلق” للآخرين تشعرهن براحة نفسية كبيرة.
ويحذر الخبراء من نشر “الغسيل الوسخ”، سواء كانت الأسرار خاصة بالعلاقة الزوجية أو بالمشاكل العائلية، فخروج المشاكل خارج أسوار البيت سيؤدي حتما لاحتقانها ممّا يؤدي إلى انعدام الثقة والتواصل بين الزوجين. وينصح الأزواج بعدم البوح بأسرارهم إلى أهل أحد الزوجين، فالأقارب عادة ما يتعاطفون مع أبنائهم، وبالتالي سيكون هناك انحياز في أحكامهم ويصعب عندئذ رأب الصدع فتتسع الهوة بين الشريكين.
وينصح الخبراء في ظل عدم وجود شخص أمين نثق به أو حكيم يقدم لك النصح، أن يكون الإنترنت كرسي الاعتراف الوحيد، فعلى صفحات المنتديات أو في مواقع التواصل الاجتماعي، يمكن أن تبوح بسرك باسم مستعار ويمكن أن تعثر على أشخاص يسمعونك ويحلون مشاكلك من دون التشهير بها.
لكن أستاذ علم النفس بجامعة كاليفورنيا، جون مايكل يقول، “إن كنت أنت صاحب السر ولا تستطيع كتمانه، وأنت تعرف أنك إن أفشيته لأحد فسينقله للغير، فعليك أن تجلس أمام مرآة، وأن تحدث نفسك بصوت عال عن هذا السر، وأنت تنظر إلى المرأة، وتتخيل أنّ الذي يظهر في المرآة صورة لشخص آخر وليست صورتك، وعليك أن تقول كل ما تريده، فستشعر ببعض الراحة لأنك أفشيت سرك للمرآة”.
_____
*العرب