لمى حوراني: فنانة عالمية ولكنها أردنية


زليخة أبو ريشة *



في تعريف العالميّ أنّه كلّ ما هو عابرٌ للثقافات وللأقطار وللّغات، وهذا تماماً ما فعلته فنانة الفضّة الأردنيّة لمى حوراني، ومن قبل كانت سحر خليفة ومحمود درويش وأدونيس وعزّة فهمي وعالية ممدوح ونجيب محفوظ، دون ترتيب. فالفنانة الشابّة التي لم تمهلنا حتى نتأمّل تجربتها في البدايات، انطلقت مثل شعاع إلى العالم بعد فترة جدَّ وجيزة من وضعها حجر الأساس لفنّها الرّاقي والمميّز. فعلى نهج الفنانة مصممة المجوهرات المصريّة عزّة فهمي، نقلت لمى أولى خطواتها الثابتة والواسعة باتجاه استنطاق الفضّة والأحجار الكريمة، ثمّ سائر المعادن والمواد، لتنبئَنا عن الجمال وإمكاناته الهائلة وعن المخيّلة الجموح ووقع تبخترها على أعناق النساء وفي معاصمهنّ، وعندما تتدلّى من آذانهنّ أو تنحبسَ في أصابعهنّ!
لقد اختارت لمى أرضاً بكراً في الأردن لمقاربة ذلك الخشوع المغناج الذي في الفضّة والمعادن التي تناصب الذّهبَ الخصام. فمنذ تخرّجت الصبيّة النّابهة من جامعة اليرموك، وهي تعلنُ عن نبوغ غير عاديّ ولا مألوف في التّعامل مع فنّ التصميم كأداة لتجسيد رحلة الصبيّة البصريّة في القرى والحجارة ونقش الإنسان القديم والرّموز الشعبيّة المتروكة على الجدران وفوق سيور الأبواب، تلك التي للفتك بالحاسد والحسد، أو لتحقيق الأمان لساكن الدار.
وإذ عبر رحلتها الممتعة شقّت الباب دون استحياء عما انتبهت له الجدّات وتزيّنت بمعانيه، فإنّها أعادت الاعتبار إلى تراث الزينة العربيّ -أبدوياً كان أم حضرياً- بعد الجهود الخارقة في جمع الأساور والحليّ ولُقى الفضّة التي بذلتها من قبل سيدتان أردنيتان على قدر كبير الشأن في البحث والتّوثيق؛ أعني السيدة وداد قعوار ومصممة الأزياء هناء صادق. غير أنّ مسيرة لمى ليست سوى استلهام بديع للموروث، بدأتْه محليّاً ثم عربيّاً، ثمّ تجاوزت بعد ذلك الآفاق.
وها هي الفنانة الأردنيّة الشابّة، المشغولة بفنّها الجميل عن ملاحقة ما لم يقله النقّاد الكُسالَى والمكتئبون، لتطلبَ تحقيقَ الذّاتِ في الصين، مضيفة إلى رحلتها قطباً آخر بعد غزوها أوروبا (وتحديداً إيطاليا وإسبانيا)، وأميركا اللاتينية ومعالم أخرى في آسيا والعالم.
فنانة عالميّة تستقرّ بأبّهة على صدر الأردنّ مثل أثمن بروشٍ في مجموعتها الفاتنة.
كم من أمل تُحييه لمى ومثيلاتها!!!

( الغد )

شاهد أيضاً

فرويد وصوفيا في جلسة خاصة

(ثقافات) فرويد وصوفيا في جلسة خاصة د. صحر أنور جلس سيجموند فرويد أمامها ينظر إلى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *