سميحة خريس توقع “بابنوس” في المكتبة الوطنية


*عزيزة علي

وقعت الروائية سميحة خريس أول من أمس روايتها “بابنوس”، الصادرة عن دار ضفاف للطباعة والنشر في بيروت، وهي ضمن مشروع التفرغ الإبداعي من وزارة الثقافة الأردنية، وتقع وقائع وأحداث هذه الرواية في منطقة إقليم دارفور بالسودان.

خريس قالت في حفل التوقيع الذي أقيم في المكتبة الوطنية، وشاركت فيه الشاعرة والناقدة د. مها العتوم، وأدارته القاصة مجدولين ابو الرب؛ إن مثلت هذه الرواية هو :”اختبار ملموس في فهم موضوع الكتابة الذي طالما اعتبرته موضوعاً حسياً قادرا على التحول إلى روحانية خالصة”.
وشددت صاحبة رواية “شجرة الفهود” على أن “بابنوس” ستظل بالنسبة لها صرخة المظلوم في البرية، صرخة حاولت أن توصلها للعالم، رغم أن الضجيج الذي يصم الآذان والقلوب اليوم قد لا يتيح لها الوصول كما يجب، و”لكن قدرنا أن نلتقط تلك الصرخات ونضعها أمام منجزنا الحضاري؛ لنحاسب بها أنفسنا من ناحية، ولنتنبه لما يحيق بنا من ناحية أخرى”.
وأضافت خريس الحاصلة على جائزة الدولة التشجيعية، أن “بابنوس” مثلت تحدياً من نوع خاص عندها :”لقد شعرت معها أني أقشر جلدي الذي أعرفه ويعرفني، وأقفز إلى مجاهل تطالبني بمعرفتها قبل التصدي لها، لا من حيث توفر المعلومة بقدر ما هو الفهم العميق لذلك الأفق المختلف.
وعن إهداء الرواية إلى روح الروائي السودان “الطيب صالح”، قالت :”روح صالح تمثل عندي الروح السودانية التي عرفتها عبر روايته قبل لقائي بالسودان بلداً وبشراً، كأني أقول له: اسمح لي بإضافة فقرة إلى الحكاية الدامية التي ما تزال تجري هناك”. وشددت صاحبة رواية “دفاتر الطوفان” على أن التحدي الحقيقي أمامها هو :”انجازي نصاً فنياً روائياً يتطلب الغوص ببراعة في نسيج مجتمع أعرف عنه الكثير كما أجهل الكثير، لقد وضعني هذا التحدي مباشرة أمام مقولة ظللت أباهي بها مع كل نص أكتبه، ألا وهي مقولة (البحث والدراسة ثم صياغة أحداث الحياة والأفكار والمتخيلات في عمل معرفي وقالب فني)”.
ورأت الشاعرة والناقدة د. مها العتوم أن رواية تنتمي إلى ما يسمى بالرواية الجديدة أو الفصاحة الجديدة كما سماها الناقد “عبدالله إبراهيم”، وذلك ليس بالنظر إلى الموضوع الجديد والمكان الجديد الذي تقدم من خلاله هذا العمل، وإنما بالنظر إلى الأدوات الجديدة المستخدمة لعلاج موضوع عام وإنساني، وهو أزمة “دارفور” وما تسبب بها وما نتج عنها. إنها أزمة إنسانية سببها الظلم وفساد السلطة وضحاياها عادة ممن لا يشاركون في خلقها “هذه الأزمة أساسا”.
وأشارت العتوم إلى أن خريس قدمت في هذه الرواية العناصر التقليدية بأسلوب غير تقليدي، ومن هذه الأدوات والأساليب تقديم حبكة الرواية في نهايتها وبشكل مفاجئ، حين يصل “أدمو وبابنوس”، مع بقية الأطفال إلى مطار باريس ويستطيع قراءة المكتوب على اللافتات “أنقذوا أطفال دارفور”، “تبنوا أطفال دارفور”، ثم ينكشف هذا الغطاء الإنساني عن أبشع صور استغلال الإنسان في الاتجار بهؤلاء الأطفال ودفعهم إلى الدعارة والضياع.
وبينت العتوم، أنه حين ينتهي الأمر ببانوس وبصديقتها البوسنية التي أطلقت عليها اسم عاج لينتهي الأمر بالمرأتين إلى مجرد جسدين في فاترينة بباريس، مبينة أن الرواية تمتلك عناصرها الخاصة التي تؤهلها للتسمية بالرواية الجديدة وليس لعناصر عناصر خارجة عنها، وهو ما ينبغي قراءة الرواية في ضوئه، وليس استنادا إلى خصائص تفرض عليها من خارجها كما يرى رولان بارت.
ووصفت العتوم لغة الرواية بأنها “العالية وظلت عالية حتى باستخدام المحكية السودانية، بل إنها فاضت شاعرية وعذوبة بتقديم النكهة الشعبية في الكلام والزجل والشعر، الأمر الذي جعلها تبدو كما لو أنها كتبت من قبل ابنة المكان، وأنها بنت التفاصيل الصغيرة الخاصة بنكهة ذلك المكان والزمان”. وعن الإهداء لروح “الطيب صالح”، رأت انه التلاقي الذي تصل إليه رواية “بابانوس” ورائعة الطيب صالح “موسم الهجرة إلى الشمال”، فإذا كانت رواية صالح تتحدث عن الصراع بين الشرق والغرب، فإن رواية “بابانوس” تواصل هذا الصراع إلى الحد الأقصى الذي يتمثل في سقوط الشرق والغرب معا بوجود السلطة والمصالح التي تتعالى على مصالح الإنسان وأهدافه المشروعة.
_______
*جريدة الغد

شاهد أيضاً

أول رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي

(ثقافات) أوَّل رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي: أركيولوجيا الصورة في رحلة ابن بطوطة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *