جهاد هديب *
أعلنت إدارة معرض أبوظبي الدولي للكتاب، أن «المحور الرئيسي» للفعاليات الثقافية المصاحبة للمعرض في دورته الرابعة والعشرين، التي تنطلق خلال الفترة من الثلاثين من أبريل وحتى الخامس من مايو القادمين، سيكون «شخصية الشاعر العربي الكبير أبو الطيب المتنبي».
جاء ذلك، في الجلسة الصحفية التي عقدتها إدارة المعرض صباح أمس في فندق ريتس كارلتون، وتحدث فيها الدكتور علي بن تميم مدير إدارة برامج المكتبة الوطنية في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة وأدارتها الإعلامية فاطمة البلوشي من الهيئة.
وقال الدكتور علي بن تميم: «سيكون الاسم عنواناً للمعرض، ومن خلال الفعاليات المرتبطة به سوف تُستجلى شخصيته بكل جوانبها، خاصة لجهة دور الشاعر المتنبي في صياغة المخيلة الشعرية العربية، هو الذي قال:
أعَزُّ مَكانٍ في الدُّنَى سَرْجُ سابحٍ
وَخَيرُ جَليسٍ في الزّمانِ كِتابُ
وأضاف: «إنها المرة الأولى التي يتم فيها إعادة دراسة واستكشاف شخصية عربية ثقافية مؤثرة، وهو الأمر الذي سوف يتكرر على مدى الدورات المقبلة للمعرض، وذلك في سياق تطوير أداء المعرض وجعل الفعاليات المصاحبة له أكثر جذباً للجمهور وتعميماً للمعرفة».
وأوضح بن تميم في هذا السياق: «تمر هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة التي تنظم المعرض بعمليات تحديثية مستمرة تعمل على تأسيس العمل الثقافي وفق منهجية مؤصلة تعطيه أبعاداً خلاقة، وتضفي عليه حيوية وجاذبية أكثر؛ ومن هذا المنطلق ارتأت الهيئة أن تؤسس لهذا التقليد، حيث سيحتفى بشخصيات عربية بارزة، وستُطلق أسماها على كل دورة من دورات المعرض بحيث يتمحور حولها جانب من جوانب البرنامج الثقافي المصاحب».
وزاد: «لا يزال هذا الشاعر العظيم حاضراً في يومياتنا وملهماً في مفاصل كثيرة من الواقع الذي نعيشه، ليس فقط من خلال شعره الذي يلامس الواقع، بل أيضاً من خلال شخصيته الطموحة والمتحفزة ونظرته الواسعة للعالم. فالكثير من الدراسات الأدبية ترى أن المتنبي هو أعظم شعراء العرب لبلاغته الفريدة التي قدم من خلالها أفضل شعر الحكمة والفلسفة والحياة، ونحن بدورنا نسعى إلى تكريم المتنبي عبر البحث في تراثه وإعادة تقديمه في المعرض».
وفي التفاصيل، كشف بن تميم خلال الجلسة الصحفية عن أنه سيكون هناك جناح خاص بالمتنبي في المعرض «يحتوي مكتبة عالمية متخصصة جُمعت فيها المؤلفات التي كُتبت عن المتنبي ودواوينه والرسائل الجامعية التي تم إعدادها عنه باللغات العربية والانجليزية والفرنسية والروسية والإسبانية، وغيرها من اللغات».
أيضا، وبحسب بن تميم، سيشهد «مجلس المتنبي» إقامة المحاضرات والندوات اليومية التي تستعيد الشاعر كإنسان، مثل تتبع اكتشاف بيت المتنبي في حلب ومشروع تحويله إلى متحف، كما سيتم تقديم عرض واف عن مشروع «واحة المتنبي»، وهو موقع متخصص يضم كل ما له صلة بأبي الطيب المتنبي من شعر ومعلومات مدعمة بعشرات الشروح القديمة والحديثة، كما سيتم الكشف عن حقيقة «معجز أحمد» وهو أحد شروحات ديوان المنسوبة لأبي العلاء المعري.
أما عن صلة المتنبي في الثقافات الأخرى وأثر شعره فيها، فسيتم مناقشة كتاب «شفاء العليل» الذي جرى وضعه في الهند في العام 1782، وذلك في محاولة لفهم الأسباب التي جعلت من شاعر عربي عاش في القرن العاشر الميلادي مؤثراً في شعراء الهند في القرن الثامن عشر، وذلك فضلًا عن معرض تشكيلي يستلهم سيرة المتنبي وأعماله، يشارك فيه عدد من الفنانين التشكيليين الإماراتيين، من بينهم عبد الرحيم سالم، والدكتورة نجاة مكي، ومحمد المزروعي وخلود الجابري وسواهم.
وردا على سؤال لـ«الاتحاد» حول النظر إلى الجوانب الإشكالية، شعرياً ومعرفياً وتاريخياً، المرتبطة بشخصية المتنبي في الدرس النقدي العربي، أو بعضه على الأقل، والكيفية التي سيتم التعامل من خلالها مع هذه الجوانب، أوضح الدكتور علي بن تميم: «تنطوي شخصية المتنبي، بحسب التوصيف، على كمّ كبير مما يحتاج إلى إعادة القراءة والحفر المعرفي في شخصيته وشعره وتاريخه، عبر دراسات عميقة تكشف عن عدد من الجدليات، مثل جدلية العلاقة بين المبدع/ الشاعر والدين على سبيل المثال أو علاقته بالسلطة كذلك، وهذا أمر له محاذيره، لذلك أعتقد أن حضور المتنبي في المعرض سيكون تأويلياً بامتياز، وليس حضوراً نصياً، حيث سيتم الكشف عن التفاصيل لاحقاً».
– الاتحاد