علي السوداني*
سأستبقُ الناس أجمعين ، وأحذّركم أحبائي وحبيباتي حيثما نزلتم ، من سلة ضخمة ودسمة وسمينة ، هي عبارة عن متتالية مصائب ومصاعب وفزّات ورسائل دمار شامل ، ستحطّ ببطون برائدكم الألكترونية وصفحاتكم المشتولة بغابة الفيسبوك المجلجلة المبلبلة ، وأنتم تعيشون الآن على مبعدة شمرة أيام مسرعات حتى ظهور الأول من نيسان ، وهذا اليوم كانت سمّتهُ الناس البطرانة بالتوافق والتواطؤ ، يوم الكذب العالميّ ، فتهيئوا وتسلّحوا وتمترسوا وتدبّروا يا ضعاف القلوب ومصابي السكّر ومرتفعي ضغط الدم ، من هذا اليوم الذي لا تنفع فيه غفلة أو حماقة أو زلّة ، إلّا من قعد للواقعة ركبة ونصّ ، وقرأ النبأ عشرين مرةً ، وفحصه ومحصه وفكّكه وكان بهذا التوصيف والكدِّ من الفائزين الناجين .
أساليب ومزح وطرفات الكذب المسوّغ هذه المرة كثيرة ، مثل علامات العطش التي كانت تظهر في دعاية مشروب السفن آب قبل أربعين سنة . وبسبب من ثورة التكنولوجيا والاتصال والتواصل ، حدثت في هذا الباب والبحر العميق ، طرائق ومبتكرات وأساليب بمقدورها أن تمسكك من خشمك وتسحلك إلى منطقة التصديق والتسليم ، أو تجعلك تذهب مذهب ذلك العظيم الذي صدّق واعتقد بالفكرة العليا ، لكنه لم يستطع أن يقتل سؤاله القلق حتى يطمئنَّ قلبهُ . على هذا الدقّ وتلك الرنّة والطنة سيكون طحينك ناعماً ، وقد تصلك رسالة حميمة من هيفاء وهبي ، تبشرك بأنها قد رستْ على وجهك البديع ، لتكون موديلها ورجلها في واقعة فيديوكليب ستحدث في مغطسٍ بيروتيٍ مدهش ، وعند أخير الواقعة ستدسّ بجيبك العظيم ، مكافأة تعب وكدحٍ وسهرٍ قد تكفيك خبزاً ولباساً وعيشاً رغداً لسبعٍ عجافٍ قادمات .
سيموت عدد ضخم من الفنانين المشهورين ، من وزن فاتن حمامة ونادية لطفي ونور الشريف وياس خضر ، وستنكسر رجل كاظم الساهر بعد تعثره فوق دكة الفويس . سيتزوج ابن سلطان بروناي ، وستصرّ العروسة الدلوعة على حضور شعبان عبد الرحيم وأغنية أنا أكره اسرائيل وبحب عمرو موسى
سيهاتفك عبد الخالق الركابيّ ويبشّرك بأنّ عبد الستار ناصر لم يمت ، بل كان يكتبُ قصة قصيرة ، بطلها أوهم الصحبُ والصويحبات بأنه قد مات ، ومن شباك مدفنهِ الإفتراضيّ ، سيقرأ ويتلذذ بمراثي الأصدقاء الخلّص .
ببيبان أخرى ستنفتح بوجهك ، سيحلف لك وزير الكهرباء بالطلاق المبين ، بأنّ تيارك الكهربيّ سيكون من صنف أربع وعشرين حبّاية هذه الصيفية . سيصلك مكتوب مهذب من رئيس الحكومة ، قاسماً بأغلظ وأشدّ الأيمان بأنه سينطيها وإنّ الولاية الثالثة هي محض إشاعة امبريالية لتشويه السمعة . سيعاهدك صاحبك الطيب بأنه سوف لا ينبش أسنانه قدّامك حدّ سيلان الدماء ، في حال انزرعتما ثانيةً على سور طاولة قائمة بحانة الشرق السعيدة . سيخبرك أمين العاصمة القويّ ، بأنّ مجاري ومسالك بغداد الحلوة ، لن تنغلق ثانيةً حتى لو جاءت داعش والغبراء بجبل حصاروست ، ودحستْهُ بحلق انبوب الرستمية . سيكشف النواب والنائبات والوزراء والوزيرات والرؤساء الثلاثة وأبناؤهم وذرياتهم ، الدثار السميك عن أموالهم ومصالحهم وتجارتهم التي لا تبور . سيغزوك جارك القلق الحالم القاعد على مفتتح نيسان ، متأبطاً لوحة سوريالية ملغّزة مطلسمة ومذيّلة ببصمة سلفادور دالي ، ويبيعك إياها بعشرة دولارات . سأعود إلى عزيزتي بغداد بعد بعدَ غدٍ . أتريّق من كاهي وقيمر الحيدري ، وأتغدى من تحت يمين زاير الرحيمة بكباب الإخلاص ، وأكرع من عرق الصحب بساحة الأندلس . مزّتي طاسة لبلبي وتسع رارنجات تامّات ، وكاسة جاجيك مدعوكة بفرحة البلاد ، وعشوتي نصّ راس باجة وبستوكة طرشي ، على عتبة ابن طوبان المذهلة . سأنام الآن . تصبحون على خير ومسرّة وما تشتهون وتحبّون .
– أديب وإعلامي عراقي يعيش في الأردن
( الزمان )