عين العدسة .. ليست كأي عين!


*سلمان الواسطي
توفر لنا العدسة ـ وهي مصطلح مختزل لصفة الكاميرا سواء القديمة منها أو الحديثة التي يطلق عليها (ديجتل) ـ إمكانية لرؤية ما يحيط بنا وفق منظور جمالي أحيانا يبهرنا بألوانه وأخرى يستفزنا بالموضوع الذي يتصدر صفحات الصحف وأغلفة المجلات, أنهُ كما يصفهُ بعض رواده المشهوريين في استوديوهات هولي ود, بأنهُ عالم من الإضاءة والإثارة ورصد هذا الحدث أو ذاك, أو إبراز ما هو مخفي عن العين الى ما يبرز إليها ويستفزها ويأسرها.

إذاً نحن أمام فن يتميز برؤية وعين حساسه وبصيرة تراقب ما يحدث في تفاصيل الأشياء أو عموميتها, وأحيانا ضمن منطلق الحدث بكله أو بجزئه وفق ما تشتهيه عين العدسة ورؤية الفنان الذي يتحكم بها, وعن أي صدى يبحث هذا الفنان ووفق أي منظور والى أي جهة يريد أن يصدر هذا الخبر أو ذلك الحدث.

الملفت في هذا الفن أنهُ يختلف عن باقي الفنون باستثناء الفن السينمائي الذي يلتقي معه في كثير من الأشياء, حيث أنهُ بالإضافة الى كونه فنا يستند الى رؤية الفنان وحدسه وثقافته وإحساسه ولكن في نفس الوقت هو يستند الى علم تكنولوجي حيث يستند الى معطيات علم البصريات المتمثل بالضوء وانكساراته، وكذلك بالعدسات والكاميرا والى شيء حسابي وفق منظور سرعة الغالق المتحكم بالفترة الزمنية لدخول الضوء وفتحة العدسة ومقدار اتساعها لدخول كمية الضوء.

كل هذه الأشياء تعطي المصور الفنان القدرة على أسرنا إذا ما امتلك بعناصر هذا الفن ليدرك الأشياء الجميلة التي تحيط بنا دون أن ندركها أو دون أن نلتفت إليها لأسباب عدة منها تعود أعيننا على إدراك الأشياء بكليتها دون أن ننتبه الى بعض الجوانب الجميلة منها أو لانشغال حواسنا التي تستلطف الجمال بالمشاكل الحياة وتعددها مما يشتت حالة التركيز في المنظور القريب الذي يحيط بنا, فكم منا يكون مشغولا بمشكلة في عمله أو بيته تجعله يفكر بها لذلك طيلة هذا اليوم أو لأيام معدودة هو يستحضر صورة هذه المشكلة في ذهنه وبصيرته، لذلك أي صورة أخرى مهما كانت جميلة ورائعة حتى لو في بيته سوف لن يدركها وربما تفاجئه زوجته أو أهله بأن هناك شيئا جديدا في البيت لم ينتبه إليه إلا بعد أخباره به!

ذلك ما يحدث غالبا في حياتنا, من هنا تأتي أهمية الفنان المصور الذي يبحث عن هذه المفردات في كل مكان هو أشبه بالصائد الذي يلاحق طريدته ومتى ما يعثر عليها يسدد عدسته ليصطادها في لحظة جمالية تأسرنا وتجعلنا نتفاجئ بها ونعشقها, لذلك عالم الصورة عالم ساحر بسبب هذه العدسة التي تختزل كل شيء فيها حتى إحساس من يحملها ويتفنن بها.
___________
ميدل إيست أونلاين

شاهد أيضاً

العلاقة بين الشخصية الحقيقية والروائية في مسلسل التغريبة الفلسطينية

(ثقافات) “طربوش أبو عزمي العلي”:   العلاقة بين الشخصية الحقيقية والروائية في مسلسل التغريبة الفلسطينية زياد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *