الروائي سعود السنعوسي: تحررت من البوكر


*نزار الفراوي

يفترض أن كاتبا شابا أكمل بالكاد عقده الثالث ينتزع أرفع جائزة أدبية في العالم العربي هي جائزة البوكر العالمية للرواية العربية، قد يسقط في فخ الجائزة التي ربما تسجنه في مجدها فلا تقوم له قائمة أدبية بعدئذ، لكن الكاتب الكويتي سعود السنعوسي يؤكد أنه غادر سجنه بالفعل.

في لقاء مع قرائه بالدار البيضاء المغربية التي احتضنت معرضها الدولي العشرين للكتاب والنشر، يعترف السنعوسي أنه عاش مأزقا تلا تتويجه بالبوكر في دورة 2013 الذي لم يكن يتوقعه إطلاقا.
كانت مرحلة تشويش ذهني رهيب، يصفها السنعوسي الذي وجد نفسه منجرا إلى إرادة القارئ، يتطلع إلى ما قد يعجبه، وهو مناخ مفسد للعملية الإبداعية كما تنبه إلى ذلك الروائي الشاب.
قال السنعوسي إنه لحسن الحظ تيقظ للورطة، وتوصل إلى التحرر من ربقة الجائزة لينصرف إلى عمله بالصفاء والمكابدة المطلوبين: الكتابة، وهكذا عبّر السنعوسي عن غبطته بالإقدام على الآتي من مساره الإبداعي بقوله “طالما هناك ما يوجعني وما يخيفني، فأنا مطمئن لمستقبل أعمالي”.
وعن جدوى الكتابة ومصدر القدرة على الاستمرار، يقول صاحب “ساق البامبو” إنه يسأل نفسه كثيرا هذا السؤال القلق، لكنه يجزم “في حالتي، الكتابة غيرتني، وتغيرني باستمرار”. أما عن علاقة الكتابة بالتغيير الجماعي، فيؤكد أن “التغيير الجذري بالكتابة مستحيل، لكن الاستمرارية وتعدد الأصوات وتشكل مجتمع قارئ يتيح تحقيق تغيير مجتمعي على المدى البعيد”.
ويبدو السنعوسي متفائلا بوجود كتلة قراء مهمة وفي طريقها إلى النمو بالعالم العربي، وهو يعول على شبكات القراءة التي باتت تنتشر في عدة بلدان عربية، وخصوصا في أوساط الشباب، إذ يفترض أن تفرز هذه الشبكات المرنة والخارجة عن نطاق المؤسسات الرسمية جمهورا قارئا يتفاعل مع الإنتاج الأدبي والفكري.
ويعتقد الكاتب الكويتي أن العديد من شخوص العالم غيرته، أما الرواية بالنسبة إليه فهي رواية الأسئلة، ولذلك يكتب الرواية، لأنه متورط في الأسئلة الحارقة. كذلك كانت روايته المتوجة بالبوكر “ساق البامبو” التي تمور بأسئلة الدين والهوية والانتماء والأنا في علاقته بالآخر.
“لطالما شغلني السؤال: كيف يرانا الآخر، ولماذا يرانا بتلك الصورة النمطية؟” يتساءل السنعوسي.
ويقول إنه كان قاسيا على مجتمعه “قسوة المحب” وإن كانت الرواية خلفت أصداء متباينة في بلاده، خارج نطاق الوسط الأدبي، فإنه يعتقد أن البلدان العربية إجمالا في بداية تمرنها على استقبال المشرط الإبداعي الذي هو قلم الروائي، يضعه على مناحي الداء واختلالات العالم وبؤس الناس.
وهو يرى في هذا السياق أن فوزه بالبوكر لم يفلت من لعبة السياسة في بلاده الكويت، فقد أصبح محل تجاذب بين الموالين والمعارضين، كل يراه مائلا إلى صفه، بينما هو يصر على أنه لا يحمل انتماء فاصلا لمعسكر دون الآخر. قد يجد نفسه هنا أو هناك -كما يقول- وفق حقيقة الأحداث وفحوى القرارات.
أما عن أسرار مطبخه الداخلي، فيكشف السنعوسي أنه لا يكتب بدون معايشة عن كثب لمادة وشخوص الرواية، ويقول “هناك من يستطيع تمثّل المكان والتاريخ، أما أنا فلا أستطيع ذلك”. ويستحضر في هذا السياق تجربته مع “ساق البامبو” التي قادته لحجز تذكرة الطائرة إلى الفلبين لالتقاط التفاصيل، والتفاصيل هي التي تصنع الحكاية.
_______
*الجزيرة

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *