*ياسين طه حافظ
… وأقشِّرُ هذا النهارِ شرائحَ
أُطعِمُ كلبَ الحياة الذي لا يكفُّ
عن اللهْمِ،
أقرأُ حائَطَ بيتي ، نوافذَه ، الشرفات
هو يفقدُ رونقَهُ والطرازَ ،
وهذي القصائد تخسرُ شيئاً فشيئاً توهُّجَها
وتباعَدَ من كانَ يوماً مَضَيّفَها وأفاضَ
مدائحَ ، فهي منسيّةٌ في خِزانتِهِ ..
فاستقرَّ على خيبةِ الحبِّ . هذا طريقُكَ
الورقُ المتناثرُ يَورثُ مدفأةً نارَهُ
والكتابةُ لا تستطيع تزحزحُ هذا اليباسَ
من الحنجرة .
كلُّ أسطورةٍ قد تُصَدُّ بعارضةٍ .
ظلَّ وجهٌ يُغَيّرُ أقنِعَةً وأنا لا أزالُ
أماطِلُ ذاكَ الخَبَالَ لأفلِتَ ،
ثم أريد التقرّبَ في لهفةِ المستميتْ .
هي أعجوبة الله في الارض وذا
لاعجٌ ما يزال يهيجُ الحماقاتِ والغيرةَ ،
كلٌّ يريد الحياة لهُ .
في مكاتب هذي المدينة أو في الرمال القديمةِ
نلهو بأسمائهنَّ ،
نُصَنّعُ من أوجُهِ اولئك العاشقاتِ
ما قد يروقُ لنا أو يزيد ضلالاتِنا
وأنا الباحث أعلمُ أن ليس شَيءٌ ،
وأبقى أواصل قتلَ النهارْ .
غير مُلْتفتٍ للأضاحي ورائي – هناكْ :
سنةٌ يبِسَتْ
مُتلمْلِمَةً
مثلما صرصر يابسٍ
سأقومُ وأكنسُها !
دائماً أتجاوزُ حَدِّيَ منفلتاً ،
فَورَةُ الله لا يستقرُّ تصايحها تحت جلديَ
حتى أعودَ وبين يدَيَّ فُتاتُ مغامرةٍ
صدأْ معتمٌ ذلك الفُتاتْ .
كلُّ من قد رأيتْ :
السياسةُ ،
العملُ ،
الحبُّ ،
قد نالَ منيَ حِصّتَهُ فانتهيتْ
حزمةَ قشّ تراوحُ ما بين مدٍّ ومدّْ
نأمَلُ ، نُكْسَرُ جذعاً ونأملُ نُكْسَرُ ،
هذي الحصيلةُ :
كأسٌ وصمتٌ وصمتٌ وكأسٌ
فهل تنتهي من سطورٍ تخادعُ نفسك فيها
وتشغلُها بمدائح ، ريتما تتخَيلُها ، أو
كراهاتِ من فشلوا قبلنا !
هي أمتعة الحجرة المقفلة
أتلهّى بكسر حقائبها :
اللواتي أضَعْنَ المحبينَ ، عشاقَهُنَّ ،
تمارينُهُنَّ يُعِلّمْنَكَ قفْزَ المواقعِ حتى تكلَّ
فيأتي الذي كنتَ تردَعُهُ لينال الذي
قد سهرتَ عليه !
ذلك الحبُّ فرصتُنا الضائعة
وخديعتُنا الساطعة
وهو كان الطريقَ لنشفى ،
ولو ساعةً ، ساعةً ، يوقف الانهيارَ الذي
صرتُ أشهدهُ وأنا بانتظار:
الأبديّةُ هذا الحطامْ !
كنتِ خضراءَ يا شجره !
هل أُصدّقُ أم لا أُصدّقُ ذاكَ الكلامَ ،
حَنوناً يُقبّلُ روحي وحلواً نظيفاً ،
أُكذب نفسي و انصاعُ – كم نحن منهزمونَ
ويخدعُنا كلُّ شيءٍ على الارضِ :
الومضاتُ حرائقُ
والكلماتُ تُمرِّغُنا
والوعودُ نظلُّ فرائسَها –
لا سوى الكلماتِ ، أو سمِةً أو فجائعْ !
كلُّ حبٍ يُموّهُ بعضَ حقائقه في الحضورْ
وكلانا نُصَنِعُ في الغيبةِ ، أو نستعيرُ، الرضا .
إنما الحب كان يهادنُ ، يسمح للشكِ
ما بيننا بالعبور
الكلماتُ الصدأُ
ركدَتْ في دمي ركدت فوق وجه الورقْ
سيجيءُ لها آخرون
ويعيدونَها ، مثلما قد أعَدْتْ .
ما أزالُ أغطّي بقايا الخساراتِ ، أخجلُ
من خطأٍ ، بعده خطأٌ بعد خطأٌ ، بعده … ،
يا حبيبةَ روحي ابعدي ،
لا أُريدُكِ في هذه السلسلة !
ذلك الحبُّ ، حبُّكِ ، كنتُ ألوذُ بهِ ،
دونَهُ الأرضُ مفزعةٌ
وأنا الآن أفهمُ : كُنَّ يُشاغِلْنَنا
عن مواجهةٍ مُرَّة
وهي كانتْ تؤَجّلُ موتي !
أيُّهذا الجمالُ سلاماً ، أنا ما التقطتْ
لمْعَةَ اللهِ لأفلتَ من محنتي
هذه ساعةٌ لأقول على وجَعٍ :
كان حبُّكِ فِعْلَ نبي
أنا أدركتُ مُنْزَلقَي
فاغفري لي جحوديَ
اغتفري غفلتي !
________
*( المدى)