*فريد نعمة
ليس غرضنا برنارد شو ومسرحيته “بيجماليون” التي هي أساس هذه المسرحية، ولا أسطورة بيجماليون التي هي أساس مسرحية شو، وإنما المسرحية التي كتبها آلان جي ليرنير وأعطاها اسم “سيدتي الجميلة”. ومن الظريف ذكره أن سيدته أنجبت سلالة رائعة من السيدات الجميلات.
ومع أن ليرنير حافظ على هيكل مسرحية شو، غير انه كساه برؤيته، عدّل الجو وخيوط الحبكة. وأضاف وحذف بعض المشاهد بما يتناسب مع تلك الرؤية. كما طور شخصية اليزا ورسمها بألوان سندريلا، ثم وضع خاتمة رومانسية مسرة غير الخاتمة المحبطة لأسطورة ومسرحية “بيجماليون”.
والأهم من ذلك، أدخل الأغنية لتنوب عن الحوار في التعبير عن الرغبات والكشف عن مكنونات نفوس الشخصيات. وكل تطور في الحدث، تنقله لنا أو تمهد له أغنية.. وذلك حتى بلغ عددها الكامل 14 أغنية. وبعض تلك الأغاني دخل سجل الروائع، ولا تزال الأجيال تترنم بها حتى الآن.
حبكة غنية
تبدأ المسرحية في ساحة “كوفينت غاردن”، التي تعج بالمارة والباعة والموسيقيين المتجولين. تصطدم بائعة الأزهار، اليزا دوليتل، بشاب اسمه فريدي وتقع باقات البنفسج في الوحل. تغضب عليه وتنهره بصوت عالٍ بلهجة الكوكني (لهجة أفقر أحياء لندن). ثم تهدأ عندما يشتري رجل (كولونيل بيكرنغ) باقة.
غير أنها تثور غاضبة مرة ثانية عندما ترى رجلاً آخر(هنري هيغنز)، يدون كلماتها كما نطقتها. تظن أنه شرطي. يوضح الرجل بأنه عالم لغة مهتم بالأصوات الكلامية، ويجمع اللهجات اللندنية. ثم يتأسف على لفظها البشع ويخبرها بأنه يستطيع أن يجعلها سيدة تتكلم الإنجليزية الصحيحة في ستة شهور. يتعارف الرجلان ويتضح أن بيكرنغ عالم لغة متخصص باللغات الشرقية. يدعوه هيغنز إلى منزله.
الرهان
في اليوم التالي، تخبر مدبرة المنزل هيغنز، خلال النقاش مع بيكرنغ حول علم الأصوات، بأن هناك شابة على الباب تريد أن تراه. يجد اليزا التي تطلب منه أن يعلمها لتصبح سيدة وتعرب عن استعدادها لدفع أتعابه. يتحمس هيغنز، لكن بيكرنغ لا يشجعه ويرى أن طلبها غير ممكن.
العقبات
تنتقل اليزا إلى منزل هيغنز وتأخذ دروساً مكثفة في اللفظ وفن الإلقاء.وتواجه اليزا صعوبة بالغة في تعلم النطق الصحيح وتشعر بالإحباط. لكن هيغنز يصر على الاستمرار رغم معاناته معها، ويعلمها قواعد اللغة. فجأة تجد نفسها تقرأ النص الذي أعياها، قراءة صحيحة خالية من الأخطاء. فترقص وتغني “The rain in Spain”، ويرقص هيغنز وبيكرنغ والخدم معها. أصبحت تتكلم مثل سيدات المجتمع الراقي.
الاختبار الأول
يأخذ هيغنز اليزا في أول اختبار لها، إلى منزل والدته. وهناك يراقبها وهي تتكلم ثم يطلب من والدته أن تعلمها آداب المحادثة. توافق والدته على مضض،.وعندما تنتهي الزيارة، تصادف اليزا في الشارع، الشاب فريدي فيصرح بحبه لها ويطلب موعداً، لكنها ترفض رؤيته. يعكف هيغنز على تلقينها عادات وتقاليد الطبقة الأرستقراطية، فتحرز نجاحاً متواصلاً، وتصبح جاهزة للامتحان.
الفوز في الرهان
تذهب اليزا إلى الحفلة الدبلوماسية وتبهر كل الضيوف الذين يتساءلون من هي! .. ثم تدعوها ملكة ترانسلفانيا إلى الرقص مع ابنها. يدفع الفضول عالم اللغة الهنغاري، زولتان، إلى معرفة حقيقتها. فيطلب من هيغنز الإذن لمراقصتها. فيحاول جرها بالحديث للكشف عن شخصيتها أثناء الرقص. غير أن اليزا تعبث به وتجعله يصدق أنها أميرة هنغارية تجري في عروقها الدماء الملكية.
الضياع
يهنئ بيكرنغ هيغنز على النجاح. ويعبر الأخير عن فرحته لأنه انتهى من تعليم اليزا الشاق. بعد ذلك يهملها ويتجاهلها. تستغرب اليزا ذلك التصرف وتشعر أنها كانت أداة في تجربة. وعندما يفتش عن الخف (الشِبشبِ)، الذي لا يتذكر أين وضعه، يسألها عنه. فتنفجر وتوبخه بعنف، فيرد عليها بعنف ويصفها بناكرة الجميل. وعندما تخبره أنها ستترك المنزل، يهينها.
تبكي اليزا وتهيئ نفسها للرحيل.وتجد فريدي ينتظرها في الشارع. يتكلم عن حبه لها، فتقاطعه وتقول إنها سمعت ما يكفي من ذلك الكلام. وإذا كان يحبها حقاً، عليه أن يثبت ذلك. تعود معه إلى “كوفينت غاردن”، المكان الذي أتت منه، وهناك لا يعرفها أصدقاؤها وصديقاتها. تكتشف في تلك اللحظة أنها لم تعد تنتمي إلى ذلك المكان.
الحب
يستيقظ هيغنز صباح اليوم التالي ولا يجد اليزا. ينزعج ولا يعرف ماذا يفعل. يذهب إلى بيت أمه ليستشيرها، فيجد اليزا هناك تشرب الشاي معها. يطلب منها هيغنز أن تعود إلى المنزل، لكنها تعتذر وتخبره أنها ستتزوج فريدي..وهناك يكتشف أنه متيم بها.. ولكن لا جدوى. فهي لم تتجاوب.
شاعر غنائي
آلان جي ليرنير (1918م – 1986م). كاتب وشاعر غنائي أميركي. قدم مجموعة من الأعمال الأكثر شعبية في المسرح الموسيقي على صعيد العالم. وفاز بثلاث جوائز توني، وثلاث جوائز أوسكار. لديه عدد من المؤلفات والدراسات.
1956
ظهرت مسرحية آلان جي ليرنر “سيدتي الجميلة” للمرة الأولى، على مسارح برودواي، في 15 مارس 1956. إذ أخرجها موس هارت وألف ألحانها فريدريك لووي. قامت جولي اندروس بدور اليزا وريكس هاريسون بدور هيغنز. تجدد إنتاجها وإخراجها وتمثيلها سنة 1970 و1976 و1981 و1993 و2007. أشهرها إنتاج 1976:
في الأوبرا
2006 عرضت أوبرا “سيدتي الجميلة” في دار موسكو اوبريتا عام 2006، ودار الأوبرا الوطنية في استونيا ودار اوبرا استراليا في سيدني عام 2008. وفي دار اوبرا براسفو في رومانيا عام 2011. كذلك دار كيرك لاند للأوبرا في واشنطن ومسرح “شاتيليه” في باريس عام 2010. ودار ريد لايت للأوبرا في نيوجرسي عام 2012 ودار مانشستر للأوبرا سنة 2013.
في المسرح
1969 في الوطن العربي تألقت المسرحية برؤى مختلفة على منصات المسارح في معظم العواصم. أبرزها: مسرحية “سيدتي الجميلة” سنة 1969. تمثيل فؤاد المهندس وشويكار، التي كتب نصها سمير خفاجي وبهجت قمر. وأخرجها للمسرح حسين عبد السلام وأخرجها للتلفزيون أحمد توفيق.
في السينما
1964 فيلم “سيدتي الجميلة” 1964. إخراج: جورج كوكر. سيناريو: آلان جي ليرنير. تمثيل: اودري هيبورن وريكس هاريسون. فاز بثماني جوائز أوسكار، وبثلاث من جوائز غولدن غلوب وجائزة بافتا. واتفقت شركة كولومبيا بكتشرز مع شركة مع شركة (CBS)، على إنتاج جديد لهذا الفيلم الذي سيخرجه جون مادن وتلعب دور اليزا الممثلة كايرا نايتلي.
______
*( البيان )