* رائدة زقوت
( ثقافات )
نقَّل الَّصبيُّ نظره بين أفراد العائلة محاولاً إيجادَ دليلٍ واحدٍ فقط يؤكِّد صحةَ كلامِ والده، العيونُ لا توحي بأنَّ أصلَها كانَ من تلك القارةِ السَّوداء، بياضُ البشرةِ والذي كان السِّمةَ الأبرزَ التي تميِّزُ العائلة، الشِّفاهُ الدَّقيقةُ نوعا ما، والتي كانت مميزةً أيضاً، كلُّ الصِّفاتِ الجسديةِ لا تمتُّ بصلةٍ لتلك القارةِ المكتظةِ بالسَّواد ولا لبطلِها ذلك الذي قال الوالد أنَّ شجرةَ العائلةِ تعودُ بالجذورِ له، أعادَ الصَّبيُّ نظره مجدَّداً صوبَ والده وهو يتحدَّثُ بصوتٍ جهوريٍّ تصيبه بعضُ الهِناتِ بينَ الحينِ والآخر وتوقفُه نوباتُ تجشُّؤٍ منْ أثرِ الكحول.
أنهى الوالدُ درسه التَّاريخيَّ المنوَّعَ الذي يتحفُ فيه أفرادَ العائلةَ بكلِّ ما هو غريبٌ ومستهجنٌ من معلوماتٍ وأفكارٍ مسيطراً عليه السُّكْرُ، ومتحدثاً عنه أكثر الأوقات، أمرَ أطفاله بالذِّهابِ إلى النوم، وتوجَّه هو صوب غرفته ليكملَ سرده للزوجة.
لم يستطعْ الصَّبيُّ النومَ وهو يتصَّورُ نفسه عائداً لتلك الجذور، مكتسياً السُّمرة الإفريقية، يتقافزُ منْ مكانٍ لآخر طالباً الطَّعام، يمسكُ بالحجارةِ ليرميَ بها أعالي الأشجارِ ليصطادَ طعامه، تقلَّب في فراشه محاولاً طردَ تلك المشاهدِ من رأسه عندما سمعَ صوتَ والدِه يهدرُ خارجَ الغرفةِ بالشَّتائم والسِّبابِ على الوالدة، دفعه الفضولُ ليسترقَ النَّظر من ثقبِ الباب، شاهد والدته تسندُ والده المترنِّح، دقَّقَ النَّظر يا الهي ما هذا .. ؟؟ كان والده عارياً تماماً، أغمضَ عينيه خجلاً … ثم أعادَ فتحهما، ركَّزَ نظره على جسد الوالد المترَّنِّحِ، فتأكَّدَ أنَّ كلام الوالد صحيح، فها هو في هذه السَّاعة يعود لأصله البدائي، هكذا شاهده، فرك عينيه في محاولةٍ للتأكُّد مما يرى، لا محالة والده يعود لأصله الحقيقي – عارياً – … يتكأُ على أنثاه للقيام بمهمةِ التَّبول، شيءٌ واحدٌ فقط هو ما ينقصُ مشهدَ العودةِ للأصل: الـــــــــــذيـــــــــــل.
_______
*قاصة من الأردن