مظفر النواب..تموز الشعر الشعبي


*محمد غازي الأخرس

مظفر النواب في شعره الشعبي من أكبر التحديات التي تواجه النقد فهو يكثف بطريقة نادرة الكثير من عناصر رأسمالنا الرمزي، كناياتنا واستعارتنا، مزاجنا وبيئتنا، طقوسنا وخرافاتنا، وقبل هذا كلّه، هو ربما يختصر شخصيتنا، قيمنا العنفية وطراوة أروحنا المناقضة لها. إنه يطرح مشكلا قريبا من ذلك الذي سببه المتنبي بالنسبة للثقافة العالمة.

لدى مظفر النواب ملحمة شعرية فذّة عنوانها “عله كد البريسم”، كانت تتوفر لديّ في الثمانينيات بصوته ثمَّ ضاعت ضمن ما ضاع من حياتنا. لكنني، في الأخير، استعدتها عن طريق صديقي علي وجيه قبل سنتين تقريبا. ولا أخفيكم أنني منذ أن سمعتها، قبل أكثر من ربع قرن، راودتني أمنية أن أكتب عنها شيئا. لقد سحرتني القصيدة وجعلتني أسيرا لها لدرجة أنه خُيّلَ لي أنها تختصر كل شيء يتعلق بمزاجنا وضميرنا.
اليوم، قد تكون ثمة فرصة لقول شيء ما عن هذه التحفة.
حداثة النواب
ينتمي نص النواب لما يمكن تسميته بقصيدة الرؤية، وهو، مع صلاح جاهين وعدد من الشعراء الشعبيين اللبنانيين، يحيل للأفق ذاته الذين انتمى له السياب وأدونيس وصلاح عبد الصبور، ولا أدلّ على ذلك من اهتمام نقادٍ كغالي شكري وعلي الشوك بنتاجهم ونقده وإلقاء الضوء عليه جنبا إلى جنب مع نصوص رواد الحداثة، ناهيك عن أفساح مجلات كـ”شعر” اللبنانية و”المثقف” العراقية فرصة لهم ليقدموا قصائدهم آنذاك.
واقع الأمر أن أفق الشعر الشعبي كان، قبل النواب والمتأثرين به، شبيها إلى حدٍ كبير بذلك الأفق التقليدي الذي كان عليه الشعر العربي قبل لحظة الحداثة حيث الروح الرومانسية تسود والاعتماد على طاقة الانفعال الذاتي هو المعول عليها، ومن ثم التعامل مع القصيدة كوحدات منفصلة تملك كل وحدة فيها تأثيرها بمعزل عن الوحدات السابقة أو اللاحقة. ما جرى على يدي النواب هو هذا بالضبط: تحطيم تلك البنية وإحلال بنية مختلفة بدلا عنها.
ثقافيا، ظهرت حداثة شاعرنا في لحظة فاصلة حاولت فيها الثقافة العالمة مدَّ جسر، وإن على حياء، إلى الثقافة الشعبية والتلويح لها بيدٍ يسارية كي تنظم إلى المشهد الحداثي المتفجر. وذلك ما جرى على أيدي أصحاب مجلة “المثقف” التي صدرت عام 1958 وبدأت منذ أعدادها الأولى في نشر قصائد للنواب باحتفاء واضح، إلى جانب قصائد البياتي وسعدي يوسف ومقالات علي الشوك ورحيم عجينة وقصص جيان وغائب طعمة فرمان وغيرهم. كان الأمر غريبا نوعا ما، فالثقافة العراقية كانت تميل آنذاك للفصل بين ما هو “شعبوي” وما هو نخبوي وبين ما يعد أدبا “رفيعا” وما يعد أدبا “وضيعا”، وكانت النقاشات محتدمة حول قضايا تنتمي لهذا الإطار كجدال النقاد والروائيين حول استخدام اللهجة العامية في السرد أو إدخال بعض المفردات الشعبية إلى النصوص كما هو موجود مثلا لدى السياب وسعدي يوسف.
ما جرى أن سبب الاحتفاء بصاحب “للريل وحمد” لم يكن راجعا فقط لتأثر العراقيين بما كان يفعله اللبنانيون والمصريون عبر انتباههم لرموز حداثة شعبية تسير بالتوافق مع حداثة الشعر والرسم والمسرح، بل لأن النواب كان غامراً، عبر بضعة قصائد صادمة، بفتح أفقٍ جديد في الشعر الشعبي لا يقل ثورية عما فعله جيل السياب. ولذا أستقبل الأمر بحفاوة لدرجة أن شاعرا كسعدي يوسف وجه رسالة لمجلة “المثفف” أشار فيها إلى أهمية ما يكتبه النواب، وكذا فعل علي الشوك في مقالة. ناهيك عن رمزية ما ألمحت له خطوة اتحاد الأدباء العراقيين بإرسال النواب وسعدي إلى الأهوار لدراسة مأثور الجنوب الشعبي، وهي خطوة غير مسبوقة إريد لها ربما أن تكون إعلانا عن بدء حقبة جديدة تتعاضد فيها الثقافة العالمة مع الثقافة الشعبية لصوغ خطاب حداثي جديد.
على كد البريسم
في القصيدة هذه تتجسد على نحو مثالي أهم خصائص شعر الحداثة بنسخته الشعبية الموازية لحداثة الرواد. ذلك من خلال تحطيم الصوت التقليدي الذاتي الميّال للرومانسية، واستحضار صوت مختلف تماما لشاعر رائي معقّد يجهد ليكون صوتا لجماعة ما. صوت رؤيوي ليس “عاميا” أبدا، يستثمر كل ما يخصُّ رأسمال الجماعة الرمزي من صور وأفكار ورموز أسطورية وصراعات طبقية وثقافية.
شكليا يبني النواب قصيدته، كما في”حِسِنْ الشموس” و”سفن غيلان ازيرج” وسواهما، وفق الآليات ذاتها التي يعمد لها شعراء الحداثة في بناء نصوصهم، فتجد الصراع الدرامي واضحا واستثمار آليات السرد وبناء الشخصية والإغراق في الوصف بطريقة التشكيل المتداخل العناصر، وقبل ذلك الركون لخلق الاستعارات المعقدة وبناء النص وفق انثيالات، ومونولوجات داخلية شبيهة بما يفعله السياب وسعدي وعبد الصبور. كل تلك الأساليب واضحة تمام الوضوح في النص حتى لتكاد تشعر أنها ترجمة “شعبية” لأحدى تحف الثقافة العالمة.
القصيدة باختصار تحكي بلسان امرأة عاشقة تتعطش للقاء حبيب غائب ـ حاضر، وهذه الثيمة سادت آنذاك بفضل الشعراء التموزيين الذين استلهموا أساطير الخصب والنماء الرافدينية القديمة وتوابعها في المسيحية، ويبدو أن النواب أراد نقل تلك التجربة الرؤيوية لمجال الشعر الشعبي. ثمة، بالأحرى، استحضار واضح لمزدوج الشعراء التموزيين الأثير؛ الأنثى العاشقة الظمأى والذكر الغائب المتحفّر، نعني الزوج إينانا ـ ديموزي الذي مثّل عماد الرؤية الجديدة في حقبة الحداثة. ولئن أتاحت الثقافة العالمة للسياب وخليل حاوي مثلا استحضار تلك الرموز بشكل مباشر (تموزـ عشتارـ المسيح) فإن طبيعة الثقافة الشعبية لم تسمح للنواب بكشف رموزه بأسمائها، وإلّا فأنّ صورة: (ومروز الريحان تهمهمْ/ لاذيالك حته الذبلانه/ حتّه المكسور بخاطرهه/ وعطشانه تـﮔلك عطشانه) تكاد تلمس المفهوم ذاته، أي مفهوم الخصب وعطش الأرض لمياه الحياة. لا بل أن النواب يوشك أن يماثل رؤية السياب بقوله: (يلممشاك بهونه وتردس/ عزبه وشباج من اعتابك/ وحده يعرس)، ذلك أن صفات الذكر الأسطوري الذي تردس (العزبة) لمجيئه وتكفي إطلالة من إحدى عتباته أن تكون عرسا، أن صفات هذا الذكر الأسطوري هي ذاتها التي كانت أرقّت السياب خصوصا في ديوانه “أنشودة المطر”. وبما أن عملية الإخصاب المنتظرة، بوصفها كناية عن الثورة، تتطلب وصالا بين الأرض وفارسها، فإن النواب يرسم مشاهد جنسية مرمزة وفق بصريات ريفية تحيل للأسطورة نفسها، أسطورة ديموزي وإينانا، حيث “الريج” ـ الريق ـ الذي هو كناية عن القبلة، بطعم “خيارة شاطي”، ولفعله قبل الوصال نكهة “رشة مزنه” على الأرض. ولكي يؤكد النواب هذه الرؤية يمعن في ترميزه الريفي الأخّاذ فيترسم الندى وهو يغطي “سواجي مهجورة”، لتعتدل بعده روح الأرض”المديوره” ثم يشتعل “طعم الهيلة” في كفّ الفارس ومعه تتفجر رائحة “الشمامة” و”ورد العلّه”.
ثم أن المشهد الأسطوري لا يكتمل حتى يلتقي العرسان، عرس الأرض وشبيهه المرتبط بالسماء، بقرينة استحضار خرافة “بنات نعش” الملائمة تماما بالنسبة لمتخيل شعبي كالذي يشتغل عليه النواب: (وعرس امك وامي ويتلاﮔن/ والسبعه يذبن ميتهن/ بالـﮔمره وخشلك يالهاون/ والـﮔمره بميّتنه تغرّزْ/ والضكك بحزام المرعز/ ﮔمرات ثلاثة ولا بيّنْ/ طارش منك نمشي لناره).
هذه الصورة المعقدة لا تنتمي أبدا لأفق الشعر الشعبي السابق على مرحلة النواب، ولعلها تبدو أعقد حتى مما دأب السياب على صوغه بخياله الجامح. ثمة رموز تنتمي للسماء وأخرى تنتمي للأرض، ثمة “كمرة” وتغريز في مياه الأرض، هاون يدق وحزام مصنوع من شعر الماعز، وبين هذا العنصر وذاك، يطالعك مشهد “بنات نعش”، النجمات السبع اللواتي يحملن أباهن الذي قتله “سهيل”، هن يدرن بجثة الأب مطاردات قاتله، رافضات دفن الأول حتى ينتقمن من الآخر. الخرافة تفيد أن أربعا من تلك البنات كن عذراوات يحملن الجثة في حين تسير ثلاث خلف النعش، إحداهن حامل، والأخرى يرافقها طفل صغير، والثالثة عرجاء. أما سهيل فهارب منذ الأزل إلى جنوب السماء، يظهر لعدة أشهر ثم يختفي متواريا عن النجمات.
مشهد عجيب يختصر صراعا أزليا وبحثا دائبا، عن قاتل وحياة، ومياه و”كمره”، ويتمٍ وانتظار زواج، مشهد يلخصه قتيل ـ حي لا يدفن ولن يدفن، بل جل ما يتمناه الصوت هو أن “السبعه يذبن ميتهن/ بالكمره. إنه الانتظار والحلم، انتظار العذراوات والأرامل للفارس الغائب.
مفهوم الغياب
نعرف جميعا أن ديموزي يغيب في الأسطورة ثم يعود، وبعودته تتفجر الينابيع بخصبها والسماء تشفي غليل الأرض العطشى، وهذا بالضبط ما تدور حوله القصيدة كلها، فالعاشفة تتوسل بفارسها أن يعود من غيابه المعذّب، الغياب المؤقت، الذي لابد أن ينتهي يوما، إذ لا بديل عن ذلك الفارس ولا مناص من الارتماء بين يديه و”التفتفت” في جسده كما يعلن في نهاية القصيدة. إنّه حاضر رغم سكوته: (يالساكت والتحجي طيوفك) وموجود ومرئي رغم غلالة الحزن: (وأدافع آنه وكل ﮔلبي نريد نشوفك). أنه الماء الذي يلوح من بعيد للطير: (كون الطير يشوف الماي/ ويشبع منه)، أو لعله الغيمة التي ترى في السماء ولا يمكن إلا الارتماء فيها ومعانقتها وتشرب قطراتها قطرة قطرة. انظروا له ماذا يقول بلسان عاشقته: (وافرش لك بالعتبه شليلي/ وثوبي الأسود/ يفتك حزنه ويفرح نيلي). الحال أنّ كناية فرش “الشليل” مستقاة من أعمق طبقات متخيلنا الجنسي، فـ”الشليل” هو الحضن والوصال يتمركز في قلب هذا الحضن، بل أن “العتبة” ذاتها تملك طاقة إيحاء جنسي لا تخفى، فهي تتعلق ببابٍ ما، والباب رمز انفتاح دار جديدة، وحياة خصبة. ليس هذا حسب، فالصورة تمضي في تفصيل شديد الخصوصية صارخة:( وتخضّر الرزه من دموعي/ وضحجة وبجيه تطﮔ بعيني)، والمقصود بذلك (رزة الباب) التي تحيل بمفتاحها و”سركيها” لفعلٍ شبيه بالوصال الجنسي، حيث فتحة ما يلجها مفتاحٌ لينفتح باب يفترش في عتبته فارس “شليل” امرأة متعطشة.
ثم أن النواب يستكمل المشهد التموزي قائلا والمتحدثة دائما هي إنانا حقبة الحداثة: (لو رديت انته وذاك انته/ وكسريتك فوك تفييلي/ اتبلل واتفتفت بيدك/ وبتالي زبونك المطرّز/ امسح ضحجاتي وبشليلك / موش مصدكه وموش مجذبه / وموش اﮔدر، أﮔدر احجيلك).
إنها الحيرة التامة والصمت المهول الذي يسبق دهشة اللقاء الأسطوري. ذلك اللقاء الذي لهث خلفه الشاعر الرائي، شاعر الحداثة، سواء كان “عالما” أو”شعبيا”.

القصيدة
عله كد البريسم
صفنتْ يملثّمْ بالموْزَرْ
والغارهَ تـﮔـولك للغاره
ولنْ بيرغْ وايدي عل الصفنه
ولو ﮔامت ريح تطﮔ ناره
وصفين الدﮔ بعضدينك
مشطين تزّتْ العبّاره
مودّعْ بالبارود العنبرْ
يلعينك شـﮔ الله بخنجرْ
وحزامك عل البشت الماطرْ
عربيد مناطر عل الورورْ
ومروز الريحان تهمهمْ
لاذيالك حته الذبلانه
حتّه المكسور بخاطرهه
وعطشانه تـﮔلك عطشانه
وزناد الكسريّه يتوّزْ
والضكك بحزام المرعز
يلممشاك بهونه وتردس
عزبه وشباج من اعتابك
وحده يعرّس
هونك هونك
كلش هونك
عدوانك بالزور نطاره
فييني بصدّات عيونك
جيتك أركض للدغّاره
وخذني بجفينك للمفرﮔ
أشبع موت وذبني حجارة
صدّاتك شذراتْ المحزمْ
والخزره بريسم وبشاره
وتسهرلك كسريّه تهلهلْ
بعيون المخفر هدّاره
ومن ديره لديره نوصيلك
وزلام بذجرك تتباره
وريجك طعم خيارة شاطي
ورشة مزنه
ويتشد بطلع الزهدية
من تشوفك ضك مشابكنه
وتتنده سواجي المهجورة
وثوبي تلف عليه طيوره
وتستعدل روحي المديوره
وضكني الجمرة بضك الدله
وطعم الهيلة يـﮔب بجفّك
والشمامة وورد العلّه
وعرس امك وامي ويتلاﮔن
والسبعه يذبن ميتهن
بالـﮔمره وخشلك يالهاون
والـﮔمره بميّتنه تغرّزْ
والضكك بحزام المرعز
ﮔمرات ثلاثة ولا بيّنْ
طارش منك نمشي لناره
وخزامت عرسي عل الشرجي
تشمشم بارودك وأخباره
وأهجس كسريتك بالحندس
كللي ـ شجم كسريّه معرس
هونك هونك
كلش هونك
عدوانك بالشط انطاره
*****
خلي الشبكه بعمر الورده
وشبكه النوبه
وشبكه النوبه
وحد ما نذبل حدر الغتره
وسجّة كحلك دﮔهه بعيني
يموت حسابي
وتطفه العبره
وكل شهـﮔه التشهـﮔهه بصدري
تدﮔ لك عشره
يالساكت والتحجي طيوفك
وأتدّافع آنه وكل ﮔلبي نريد نشوفك
واشبع منك؟
كون الطير يشوف الماي
ويشبع منه
كون الترفه
تحل ﮔذلتهه
وما تفتك بيبان الجنه
وكون أتمنه
وكون اتمنه وما مش حدر ﮔليبي عريضي
شجرن ﮔمرات الصبحية
وعطّ الجول بنفحة عنبر
وآنه الما نيمني عيوني
كل ليله ولنك ﮔالبني
وكاسر ماي الظنه بروحي
وما تنزل وتبور ظنوني
ونزلت للشط كل مكحله
تفرّ الجرفين بطرتهه
وشبعانه سوالف ومشابك
ليش انه بعشـﮔك سياحه
وكلهن طابـﮔ
موش حلفنه وكلنه نموت
وما نتفارﮔ
جا ليش بساع تفارﮔنه
جذاب امشينه مزعلينك
جا دلحـﮔنه
نفك لك كل بيبنان الجنه
وفوك الجنه وفوك الفوك
الفوك الجنه
مو بتوهدن، وياك هواي توهدنه
لو رديت أعلـﮔ دايرنه
وجياتك أفرش بيديهن
ضحجه وحنه
وافرش لك بالعتبه شليلي
وثوبي الأسود
يفتك حزنه ويفرح نيلي
وتخضّر الرزه من دموعي
وضحجة وبجيه تطﮔ بعيني
لو رديت انته وذاك انته
وكسريتك فوك تفييلي
اتبلل واتفتفت بيدك
وبتالي زبونك المطرّز
امسح ضحجاتي وبشليلك
موش مصدكه وموش مجذبه
وموش اﮔدر، أﮔدر احجيلك
بسّنج بسج يا روحي
وهمانه وما مش من رده
تظلين حبيبه عل السده
تظلّين تـﮔلبين عيونج
بالعبّاره وباليتعده
وقداحج يتناثر منج
والليلة طويلة ومطّاره
هونج هونج
كلش هونج
للشامت يضحك مشواره
وللمامش يضحك مشواره
_______
*العالم العراقية 

شاهد أيضاً

أول رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي

(ثقافات) أوَّل رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي: أركيولوجيا الصورة في رحلة ابن بطوطة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *