إيزابيل إلليندي تنقل لزوجها عدوى الكتابة


*غدير أبو سنينة

يمتلئ الوسط الثقافي العربي بأمثلة على أزواج مبدعين استطاع كل منهم أن يترك بصمة خاصة به في عالم الأدب. النماذج كثيرة، وربما يكون من أبرزها أدونيس وخالدة سعيد، مريد البرغوثي ورضوى عاشور، محمد الماغوط وسنية صالح التي يرى كثير من النقاد أن اسم الماغوط طغى على اسمها كشاعرة.

لكن الحال يختلف في ما يتعلق بكاتبين ينتميان إلى الأميركتين، هما الكاتبة إيزابيل إليندي من تشيلي وزوجها الروائي الأميركي وليام غوردون الذي بدأ الكتابة في الستين من عمره بتأثير من زوجته.
وعن تأخره في تحقيق حلم الكتابة -الذي راوده منذ الصغر- يقول غوردون إنه سعى في شبابه لتأمين حياته، ولم يبدأ الكتابة إلا بعد وصوله إلى مستوى معيشي جيد يسمح له بذلك.
كشف الأسرار
بعد زواجين فاشلين تزوج غوردون بإيزابيل بعد سنوات سبع من لقائهما في كاليفورنيا عام 1987، جمع بينهما الألم الإنساني في المقام الأول، لأن كلا منهما فقد ابنته مبكرا، وقد كتبت إيزابيل روايتها الأولى “باولا” إثر موت ابنتها التي هزمها المرض، بينما سرقت المخدرات ابنة غوردون من حضنه وهي في الثامنة والعشرين من العمر.
يعترف غوردون بأن لإيزابيل الفضل في تعليمه كيفية وضع الصور الذهنية بطريقة معبرة ومرتبة على الورق، وكيف يخلق فضاء هادئا كي يتمكن من الاستماع إلى أصوات الشخصيات في روايته فقط.
لقد شجعته على كشف الأسرار في الكتابة، وقد صرح غوردون بأن مشاكل عائلية وقعت بينهما بسبب حديث زوجته عن العائلة وأسرارها، كما حدث إثر صدور كتابها “حصيلة الأيام”. وأضاف “إذا أردت أن تقرأ عني فاقرأ لإيزابيل، وإن أردت أن تعرفني فاقرأ كتبي”.
ولذلك نراه يستعير شيئا من حياة والده في روايته “القزم”، فوالده كما يقول “كان شخصا عظيما، لكنه “قزم” على المستوى العاطفي”. وفي الرواية ذاتها، يستعيد غوردون شيئا من طفولته وحياة أبيه النسائية الذي كان يخدع المكسيكيين بادعائه أنه “صاحب دين جديد”.
نشأ غوردون بالحي المكسيكي في لوس أنجلوس، وقد انتقل للعيش فيه مع والدته وإخوته بعد وفاة والده وهو في عمر السادسة، مما عرّفه على المجتمع اللاتيني أكثر، وهو مجتمع تكثر فيه الجريمة (حقل رواياته البوليسية).
درس القانون وامتهن المحاماة مدة 47 عاما، مما ساعده أكثر على كتاباته البوليسية، أما عمله ضابطا في الجيش الأميركي سابقا فإنه يفضل تجنب الحديث عنه، ورغم تأكيده عدم عزمه الكتابة عن حياته الشخصية فإنه يقول إن الكاتب غالبا ما يكون موجودا في أعماله.
تقدير وانتقاد
ثلاث روايات هي حصيلة ما كتبه المحامي الأميركي وليام غوردون من روايات بوليسية لاقت استحسانا وانتشارا جيدين في الولايات المتحدة، لكن اسم وليام غوردون سيتعرض دوما للظلم، إذ سيظل اسمه مقترنا باسم زوجته، خصوصا في أميركا اللاتينية.
وبفضل توصيات وتوجيهات إيزابيل إليندي بأن يتوجه للكتابة البوليسية خرجت روايته “ألم في الحي الصيني” عام 2006، ولأنه اعتقد أنه سيكون عمله الوحيد فقد اشترى لنفسه ألف نسخة من الرواية.
لاقت الرواية نجاحا كبيرا فتتالت أعماله، مثل: “القزم”، و”ملك العالم السفلي” التي ترجمت للإسبانية والبرتغالية وغيرها من اللغات، وسينشر له هذا العام “حيوات مكسورة” ثم “أروقة السلطة”.
يعتبر غوردون زوجته إيزابيل ناقدته الأولى، ومع هذا فهو يرفض أن ترافقه في الترويج لكتبه لأنها “صعبة جدا”، كما رفض اقتراحا للناشرة بأن يشترك مع زوجته في كتابة عمل أدبي، قائلا إن زوجته أشبه بـ”إعصار في زجاجة، وإن الاشتراك معها في عمل سيسبب الانفجار”.
وأضاف غوردون “نحن شخصان قويان، لنا عقليتان ومشاعر متصادمة، ومن المستحيل أن أشترك معها في كتابة عمل أدبي، كما أنها متسلطة”.
أما كاتبة “بيت الأرواح” فتعتبر زوجها غوردون الشخص الأول في حياتها الذي لطالما ساعدها ورعاها ودافع عنها.
________
*(الجزيرة)

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *