*سعيدة تاقي
( ثقافات )
حملتْ فنجان الشاي إلى شفتيها بهدوء، كانت تعلم أنّ عينيه ترصدان خلسةً كل حركاتها. و كانت تتعمّد أن تكون أمامه في كامل الصّفاء الذي يبهره دون مجهود. تركت الفنجان بين شفتيها أطول من المعتاد. و حين وضعتْهُ أمامها على الصحن، داعبت بمنديل ورقي أثر تلك القبلة المسروقة. لون الزهر كان قد ترك شفتيه مفتوحتين على حافة الفنجان، و قطرة صفرة ذهبية تنساب نحو الأسفل.
لم تعتَـد شاي الصباح من قبل.. لكنها اليوم نكاية بالصحيفة التي يغازلها بين الفينة و الأخرى، أرادت أن تصيب قهوته اللاذعة ببعض الحيرة.
الصمت كان يمرُّ كثيفاً في الامتداد الضيق الذي يضمّهما.. لكن الصخب كان مثل البخار المتصاعد عن الفنجانين، أمراً حتميَ التوغّل.
“لن أقول شيئاً، بعد كلّ ما قُـلته.”.. ذاك ما كانت تفكِّر فيه.
“إلى متى ستواصل إضرابَها عن الحديث؟”.. ذاك ما كان يفكر فيه.
على صفحة عينيها النجلاوين كان الهدوء عنوانَ عاصفة احترقتْ على عجل.
و بين عينيه المُتعبتين، كان ينتصِبُ لهاثٌ، لم يستقِم حلمُه بليالٍ اقترفَها في مخيِّلته دون افتراض واقِعٍ ملائم.
_______
*كاتبة من المغرب