سعاد الصيد الورفلي *
( ثقافات )
قبّلها …بعمق …فذابتْ ..واشتعلَ …فأحرق اللعبة ، وخرق نواميس أمس كانت القبلات بينهما زهرة ذبلت خجلا من تلك الشفاه التي لاتبرحها ، في حين فرق بينها وبين من تعشقه في ذلك البستان المليء بزهور الريحان ، خجلة هي- قبضتها المرتعشة أفشت كل أسرارها – قالت بهمس مليء بالحياء : خذني إليك ! توقف عن التواصل مط شفتيه قلب عينيه ، شعر بأنه تمثال واقف على باب المدينة وكل الغانيات يتوقفن ليملأن عيونهن المتسعات برؤيته ، زاد تدفق قلبه ..حك ذقنه الخالي من الشعر ، تظاهر باللامبالاة ، زادت رقعة الخيلاء في نفسه ، تقدم خطوات ، بينما وجمت هي في مكانها مطأطأة رأسها تنتظر جوابه وتبرر بألف تبرير ابتعاده، وأعادت : خذني إليك! التفت نحوها بوجه غير الذي اعتادته ! أين ذلك التودد ؟ والآهات التي شقت قلبها ؟ وفتت كبدها ؟؟ حتى استسلمت له بكامل كيانها ! لم تترك مساحة في جسده حتى سهلت له طريقا ليحرثها !! أسرعت لتغرس مخالبها في ظهره حينما انكفأ مدبرا ..قالت : اردد إليّ بضاعتي ..توقف والاستهزاء يغمره ..نظر نحوها وكأنه لأول مرة يراها ، تحركت لواعج قديمة في قلبه تذكر زهراء عشيقته الأولى كيف تمددت أمامه ..وحينما انقض عليها صفعته بعدما أخذت كل ممتلكاته ، توسل “أنْ ارددي إليّ بضاعتي وإلا ؟؟ لكنها خرجت ولم تعد.. كانت هذه الفريسة هي لعبة النقمة التي أراد أن يفرغها في أول أنثى تعرض له ، كي يشبع نفسه من حديث النقمة على زهراء تلك التي سلبت عقله وفؤاده متبوعا بكل ممتلكاته، ثم أردته قتيلا لايلوي على شيء ، ولايملك خلاقا تجاه كل أنثى ..عربد ..وأسرف ..وضحك وتلاعب وعصر أفئدة أغلب النساء لكنه لم يظفر بتلك الفريسة التي افترسته قبل أن ينشب مخالبه فيها. انتهت لعبته مع هذه التي عشقته وأهدته أنوثتها وعفتها ، فلم يألو جهدا في أن يخبرها دونما ورع أو تردد : أن اللعبة انتهت ..وأنها مجرد آلة أفرغ فيها شحنة كانت تدعوه لسلب شيء من أنثى النمرة تلك التي لم “تمكني” من نفسها بينما مكنها هو من كل شيء .
تركها ومضى ..وعادت تحمل بين أحشائها آثار لعبة من نقمة مقذوفة لأنثى النمرة ، كانت صورتها لاتفارقها ، فهي لم تكن بغبائها ، حينما اجتاحها قلبها الضعيف وشقت تلك الآهات فؤادها استلقت على صدره متوسلة أن يطفئ نار حنينها إليه…وتتوسل أن لايدعها بينما كان يخطط لسرقة محتويات أنثى ويوغل فيها برهة ويذوب يذوب ..ثم يعود منتشيا بروح الانتقام المعزز بنار الشهوة .
عادت لتقضي ليلتها تلك ناحبة حتى الصباح ..وفي الصباح تم الإعلان في الصحف عن أنثى ماتت منتحرة في غرفة مظلمة باردة وآثار ورود الريحان تساقطت من نهديها ، وتناثرت حولها.
سعاد الورفلي / كاتبة من ليبيا