*عزيز العرباوي
( ثقافات )
عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت صدر العدد 2 من المجلد 42 من مجلة عالم الفكر والتي يشرف عليها الأستاذ م. علي حسين اليوحة، حيث ضمت العديد من الدراسات الفكرية والثقافية يجمعها عنوان “آفاق ثقافية” شارك فيها العديد من الكتاب والباحثين العرب الذين تتعدد اتجاهاتهم الفكرية والأدبية.
وقد جاء في مقدمة المجلة ما يلي: “يجد القارئ أبحاثاً لا يجمعها محور واحد، بل تشكل رؤى ثقافية متعددة اخترنا لها عنوان ‘أفاق ثقافية’، وهي متنوعة ما بين الفلسفة واللغة والبلاغة والرواية، تجول في حديقة متباينة الأزهار، لكنها تشكل منظراً جميلاً متكاملاً، ومزيجاً من روائح زكية، وميزة هذه الأبحاث أنها لا تلجأ إلى الوصف أو النمطية المعتادة، بل إلى سبر الأعماق بالتركيز على المفاهيم. ويلاحظ القارئ أن بعض الباحثين تعاملوا مع تجارب بعض الرموز الثقافية العربية مثل: تجربة نجيب محفوظ، وتجربة طه حسين، هذا على المستوى العربي، ثم تجربة كل من ديكارت وشكسبير الفكرية على المستوى العالمي، وهي تجارب تجعل من العدد رحلة قرائية ثرية ومهمة”.
وفي هذا الصدد، جاءت دراسة الباحث المصري أحمد يحيى علي محمد التي تحمل عنوان “جيولوجيا السرد الروائي دراسة في رواية اللص والكلاب لنجيب محفوظ” الذي اعتمد على أنساق وظيفية عدة، تجليها مفردات القراءة والرحلة والرواية، حيث تشغل هذه الأنساق موقعاً وسطاً بين وعيين: منتج قد وصل إلى درجة التمام، والآخر يذهب إلى مبنى تجاربه وإعادة صياغته… أما دراسة الباحث الكويتي الدكتور أحمد عقلة العنزي التي عنوانها “البنيوية اللغوية عند دي سوسير” فيبحث في البنيوية والبنيويون اللغويون وعلى رأسهم السويسري دي سوسير الذي كان المؤسس الأول لما يسمى اللسانيات.
وفي دراسة الباحث المغربي في مجال الفلسفة الأستاذ عبد المجيد السخيري التي عنونها “الإشكالية الميتافيزيقية لمفهوم الامتداد في الفلسفة الحديثة… الديكارتية مثالاً”، يبحث في قضية الديكارتية باعتبارها عقلانية العصر الحديث وروح فلسفته، وفي الفكر والوجود، وفي التأسيس الميتافيزيقي للانتقال من وجود الفكر إلى وجود المادة، وفي وجود الامتداد بين وضوح الفكر والضمان الإلهي، وفي الامتداد بوصفه علامة على تمايز الجسم عن النفس، …. وغيرها.
أما الكاتب والباحث المغربي الأستاذ عزيز العرباوي فيبحث في دراسته المعنونة “الثقافة الشعبية وآدابها: قراءة في فنون الحلقة بالمغرب” في موضوع الثقافة الشعبية عامة بحيث يعرفها تعريفاً مفصلاً، ومحدداً خصائصها العامة، إضافة إلى تقريب مفهوم الأدب الشعبي عامة من خلال واقعية الأدب الشعبي والنص الأدبي الشعبي واللغة العامية كلغة للأدب الشعبي والأديب الشعبي والأدب الشعبي الأمازيغي، ثم ينتقل إلى مناقشة فنون الحلقة بتعريفها أولاً، وتحديد وظائفها، وتعريف فنان الحلقة والفرجة داخل الحلقة، ليمر بعد ذلك إلى الحديث عن ساحات شعبية عرفت فنون الحلقة طريقها إليها فيذكر ساحة جامع الفنا بمراكش، وبالحي المحمدي بالدار البيضاء، وبمدينة سلا، وبمدينة فاس، ومدينة آسفي، وأخيراً بمنطقة دكالة… أما المبحث الرابع والذي يخصصه للمسرح الشعبي، والخامس للأغاني الشعبية، والسادس للفرجة العيساوية والكناوية، والسابع لأنواع أخرى من الحلقة مثل حلقات مروضي الأفاعي والحيوانات، والألعاب الرياضية والبهلوانية، وبائعي الأدوية والأعشاب….
ويبحث الباحث المغربي الدكتور مصطفى الغرافي في دراسته “عن البلاغة… دراسة في تحولات المفهوم” موضوع البلاغة في التقليد الغربي، والبلاغة في السياق العربي من خلال البلاغة الإقناعية كالبيان والبلاغة الشعرية كالبديع، والبلاغ العام من خلال بلاغة الخطاب، والبلاغة في الدراسات العربية المعاصرة من خلال تقاطع التخييل والتداول والسخرية الأدبية بين التخييل والإقناع، والبلاغة وجدل الوظائف من خلال جدل الوظائف، وجدل القارئ والمقروء، وجدل البلاغة والحياة، وجدل البلاغة والسرد، وجدل التصوير والحجاج، وأفق البلاغة…
أما الباحث الإماراتي الدكتور بن عيس بطاهر فيبحث في دراسته “ظاهرة التعجب في كتاب الأيام لطه حسين… مقاربة أسلوبية” أهداف وسمات الأسلوبية في كتاب الأيام، وظاهرة التعجب في الكتاب نفسه، وإنتاج الدلالة ووظائف التعجب والتي حددها في: السخرية، التهويل، النقد، المبالغة، والتأمل.
بينما اهتم الباحث الكويتي الدكتور عبد الله الغيث في دراسته “تجسيدات أنماط السلوك الإنساني المعاصر في الملامح التشكيلية للفن التجريدي” بالاتجاهات المرتبطة بالتجريدية من خلال مناقشة الفن التجريدي والتجريد في الفلسفة والفنون والاتجاه التجريدي في الفن الحديث، ثم بالمرحلة التجريدية التعبيرية من خلال الحديث عن كانديسكي رائد التجريدية، وبالفن التجريدي الهندسي في ألمانيا والباوهاوس، وفي روسيا، وفرنسا، وإنجلترا، وبالصور التجريدية من حراك ذاكرة الجسد من خلال مفاهيم الشخصية/ الإنسان، والأقنعة، وتجسيد ألوان الصراع الإنساني، والرتوش، وبالرؤية التحليلية في المرحلة التجريدية التعبيرية، وبدراسة لوحات الأقنعة والفنون البدائية، ولوحات الصراع الإنساني وتماهي الخطوط والألوان، ولوحات الخطوط وأسلوب الفن الشعبي، ولوحات الرتوش والتناغم اللوني.
وفي النهاية، فإن مجلة عالم الفكر هي مجلة محكمة متميزة على مستوى تقديم ثقافة عربية راقية ومتفوقة فكرياً وإبداعياً. ويمكن الإشارة أخيراً إلى رغبة المجلة في مساهمة الكتاب والباحثين في مجالات معرفية أخرى، حيث تدعو الباحثين والكتاب العرب إلى “أن المجلة تعاني قلة مشاركات المتخصصين في بعض مجالات الفكر، مثل: الاقتصاد، والجغرافيا، والتاريخ، والعلوم البحتة، والقانون، وتضع هيئة التحرير ضمن تصوراتها المستقبلية الاهتمام بهذه المجالات كذلك…”.