* عناية جابر
في جو احتفالي دافئ وحميم، جرى مساء أمس، ضمن فعاليات «معرض الكتاب العربي الدولي»، توقيع الروائية الكويتية ليلى العثمان، كتابها «حكاية صفية» الصادر حديثاً عن «دار الآداب»، في جناح الدار، بحضور عدد كبير من المهتمين والمتابعين. مع العثمان كان هذا الحديث:
في «حكاية صفية»، إصداركِ الروائي الجديد عن دار الآداب، ذلك الخوض الجريء في حكاية فتاة لمّا تبلغ السادسة عشرة، ما الذي أملى عليكِ هذه الحكاية تحديداً؟
هي حكاية أسرتني فنياً وعاطفياً. حكاية للقارئ الذي لم يقرأ كتابي بعد، عن فتاة بعمر المراهقة، تعيش في جو محافظ على عادة الأجواء العربية، يتملّك جسدها ذلك الشبق الذي لا تعرف السيطرة عليه. صفية عنيدة، تنحو دائماً إلى فعل الأشياء الممنوعة وغير المسموحة في مجتمعاتنا. صفية تحب اللعب مع الصبيان، الأمر الذي يودي بها في النهاية إلى الانحراف، والانتهاء في بيت للدعارة مصرّح به يدعى «بيت الوناسة»، وباختصار، هي تفعل ما يُمليه عليها جسدها، ما استدعى عقابها وحبسها من قبل والدها في غرفة لا تدخلها الشمس، ثم تسليمها إلى الدولة التي تتولى حبسها لمدة ثلاثين عاماً، تنتهي بعد موت الأب ورغبة الأخ بتخليص أخته من سجنها ليجد بدلا من الفتاة الجميلة التي كانت، امرأة قبيحة بانت السنوات على وجهها وهيكلها.
÷ في بعض رواياتك، يحضر الجنس بشكل طاغٍ، هل تتقصّدين هذا النحو؟ ولماذا؟
} المسألة غير قصدية تماماً. أنا أكتب بحرية بحسب ما تُمليه عليّ الحالة التي أخوضها روائياً. أبداً الجنس ليس غاية بحد ذاته، وإلا لكتبت منه الكثير ولكانت تفوقت مبيعاته على كل الكتب التي ننشرها الآن. أكتب بحرّية أجل، من دون تابوهات أو معوّقات، وأترك للحالة أن تأخذني إلى حيث يجب أن تأخذني، ولا أتقصد الإثارة هنا، بل العمل الفني اللازم والضروري لمطلق الكتابة.
÷ نلحظ أن أغلب إصداراتك، كانت عن «دار الآداب» هل يرتاح الكاتب بهذا المعنى، إلى دار نشر بعينها؟
أرتاح إلى النشر في «دار الآداب» وأعتبر أن لهذه الدار فضلاً كبيراً عليّ، منذ أيام الراحل سهيل إدريس الذي ربطتني به علاقة صداقة استمرت مع زوجته وأولاده. حين طبعت لي «دار الآداب» أولى رواياتي «الرحيل»، عرفت هذه الأخيرة نجاحاً ما عرّفني بدوري على القرّاء العرب. هذا مع العلم أني نشرت في دور أخرى مثل «الشروق» بمصر، وسواها من الدور، غير أنني أميل إلى «الآداب» لأسباب لها علاقة بتاريخها وجديتها.
÷ أسألك ككاتبة هنا، عن وقع رواياتك في الكويت ودول الخليج، والعالم العربي؟ ومن هم قراؤك؟
} بشكل عام أنا سعيدة بقرّائي. يقرأني الجيل القديم والجيل الجديد، الكبار والشباب في الكويت والخليج. بالنسبة إلى العالم العربي، عرفني جمهوره من حضوري الدؤوب إلى غالبية المعارض التي تُقام فيه، ومن إطلالاتي التلفزيونية. سوى أن ذلك لا يصنع شهرة للكاتب، المهم المادة التي تقدمينها. عرفني القارئ منذ نشرت «المحاكمة» (وهي عن محاكمتي الشخصية)، وهذا الكتاب مُنع في الكويت، كما مُنع «حلم الليلة الأولى»، ولي أيضاً «صمت الفراشات» و«خذها لا أريدها» وسواها من الإصدارات.
÷ هل تقرئين بدورك لكتّاب عرب، لمن تحبين متابعة أعماله؟
} أنا لا أفوّت عملاً لصنع الله إبراهيم، وأقرأ ليوسف زيدان ومحمد البساطي وبهاء طاهر بالطبع، وسواهم. أقرأ للكتّاب المغاربة مثل واسيني الأعرج وأتابع وأُحب كتابات الحبيب السالمي، كما أقرأ لروائيات تونسيات ومغربيات. من لبنان أتابع بشغف كتابات مي منسى، وإلهام منصور، وعلوية صبح التي أعتبرها مبدعة حقيقية، كما أقرأ لحسن داوود وربيع جابر، وأنا مُدمنة قراءة لرشيد الضعيف.
÷ ما الذي تغيّر في كتاباتك تقنياً، أو على الصعيد الفني الروائي منذ كتابك الأول إذا صح السؤال؟
} قراءاتي الكثيرة أتاحت لكتابتي التطور اللازم على الصعيد الفني الروائي. كل النقّاد الذين يكتبون عني يقولون هذا في كتاباتهم. تغيّرت كتابتي فنياً لكنها لم تتغير من حيث المضمون والهدف، أي أنني كاتبة ما زلت ملتزمة بجذوري وبماضي بلدي. لقد قدّمت للجيل الشاب عبر رواياتي وقصصي، كل تاريخ مدينة الكويت، الذي تظهّر معي بالتتابع في هذه الرواية وتلك.
÷ ما انعكاس الحال السياسية على كتابتك؟ الحال التي نعاني منها الآن ونعيشها؟
} قبل كتابة إصداري هذا «حكاية صفية» وأثناء كتابته، وبعد كتابته، عانيت كثيراً من وطأة الحال السياسية ما أوقعني في حال نفسية سيئة جداً، نتيجة حزني على المآل الذي وصلنا إليه في هذا الوطن العربي. لذلك ترينني كتبتهُ ببطء شديد، استغرق سنتين حتى انتهيت منه. الحال النفسية السيئة التي عانيت منها جاءت من الوضع السياسي كما ذكرت، ومن وضعي الخاص الصحي السيئ، ذلك أنني أجريت عمليتين جراحيتين كبيرتين. لكن ما ان جرى معرض الكتاب الأخير في الكويت، تحسّنت معنوياتي مؤخراً وخرجت من شرنقتي عندما لمست حب الناس لي، ولا أُخفيكِ أنني الآن بصدد عمل روائي جديد، فكرته موجودة برأسي وجاهزة للتنفيذ.
____
* السفير