الأميرة ديانا تموت مرتين


*منير مطاوع
«إنه فيلم رديء وكئيب»، «سيئ للغاية لدرجة غير معهودة». هكذا هجمت الصحافة البريطانية ومعها النقّاد على فيلم «ديانا» الجديد.

بيتر براد شو ناقد في صحيفة «غارديان» كتب في تعليقه على الفيلم: «الحقيقة المؤلمة أنه بعد 16 عاماً من هذا اليوم الرهيب في عام 1997 تتعرَّض ديانا لميتة بشعة أخرى». فيلم غريب، إذاً، ومضطرب، أخرجه الألماني أوليفر هيرشبيجل، وكتب سيناريو الأحداث ستيفين جيفريز عن كتاب ألَّفته كيت سيل عام 2000 بعنوان «ديانا: حبّها الأخير» الذي يتناول حياة الأميرة في قصّة حبّ جمعتها بطبيب باكستاني!

كان الفيلم قد حصل في أول عطلة أسبوعية عرض فيها في بريطانيا على إيرادات بلغت 623 ألف جنيه إسترليني، ثم تراجع إلى المرتبة التاسعة، مما يؤكِّد عدم إقبال الجمهور عليه. كما هاجمت الصحف البريطانية مخرج الفيلم بعنف، وكتبت صحيفة «تايمز» أن الفيلم «فظيع وتطفُّلي». بل وحتى حسنات خان جرَّاح القلب الباكستاني، الذي شاعت علاقته بالأميرة ديانا، رفض الفيلم مؤكِّداً أنه يعرض صورة سيئة وغير حقيقية عن ديانا وعنه. وقال في تصريحات لجريدة «صن أون صنداي» إن الأصدقاء المقرَّبين فقط يعرفون طبيعة العلاقة بينهما. وتعهَّد بألا يشاهد الفيلم مطلقاً لأنه -كما يقول- قائم على افتراضات ونميمة، ومعظم ما جاء فيه غير صحيح ولا يتطابق مع الحقيقة، مضيفاً أن أهله: «أحَبّوا «ديانا» ولم يعترضوا على زواجنا كما ظهر في الفيلم». وتساءل: «لمصلحة مَنْ تمَّت صناعة فيلم يشوِّه صورة الأميرة، ولا يكشف أية حقيقة في حياتها؟ ولماذا لا تتمّ مقاضاة صنّاع الفيلم إذا كانوا حقاً يشوِّهون الأحداث وأبطالها بهذا الشكل؟».

هكذا سقط الفيلم وصنّاعه في عيون الجميع، وفشلوا في إنجاز عمل فني يليق باسم «ديانا» التي تُعتَبر الشخصية المحبوبة لدى أكبر عدد من الناس في بريطانيا وخارجها. ومن الطبيعي ألا تعلِّق مصادر القصر الملكي والعائلة الملكية البريطانية على فيلم ديانا، وقد لوحظ أن صنّاع الفيلم لم يوجِّهوا دعوات لمشاهدة عرضه الخاص لأي من أعضاء العائلة وأبناء الأميرة. وبرَّرت الشركة المنتجة للفيلم أن عدم توجيه دعوات إلى الشخصيات التي يدور حولها يرجع إلى ما يلقاه الفيلم من انتقادات عنيفة.

وعلى الرغم من حالة الحزن التي بدت على مخرج الفيلم، فقد أعلن أنه لا يشعر بالندم بالرغم من سوء استقبال الفيلم من طرف الجمهور في بريطانيا. وقال: «ان الانتقادات اللاذعة التي وُجِّهت إلى الفيلم كانت محزنة جداً، لكن حينما تصنع فيلماً فإنك لا تفكِّر في ردود الفعل». وفي الوقت الذي برر فيه هيرشبيغل بكون المراجعات الانتقادية كانت وراء نفور الجمهور، فإنه يأمل في أن «يحسم الناس أمرهم»، مصرِّحاً: «أعتقد بالنسبة للبريطانيين فإن الفيلم لا يزال تجربة مزعجة لم يتكيَّفوا معها بعد» خاصة أن شخصية ديانا- يضيف المخرج- من أكثر الشخصيات التي صوَّرها تعقيداً، وهي في نظره أكثر تعقيداً من هتلر الذي قدَّمه في فيلم «السقوط».

من جهة ثانية، فقد بدت البطلة البريطانية ناعومي واتس غير مقنعة بأدائها وبمشيتها وبقامتها، ومع أنها كممثِّلة اجتهدت وجازفت بتقديم دور شخصية بمواصفات ديانا وبمكانتها. فإن هذه المهمّة لم تكن بالأداء الذي يعكس صورة امرأة كانت الأجمل في العالم، والأكثر حزناً وشقاء وحباً من أكبر عدد من الناس حول العالم. وهذا ما يفسِّر تردُّد ناعومي في قبول الدور مَرَّتين، واعترافها بأن لعب دور أيقونة كبيرة يشكِّل ضغطاً هائلاً على الممثِّل. كما لم تُخْفِ خوفها من تجسيد شخصية أشهر امرأة في عصرنا بسبب كل المقارنات التي سيعقدها الناس. لكن المجازفة تحقَّقت بعد اعتذارين، وبرَّرت ناعومي قرارها في مقابلة مع صحيفة «مايل أون صنداي» بقولها: «شعرت أحياناً بوجود ديانا، حلمت كثيراً بها، ولم أكفّ عن التساؤل عما إذا كانت ستحبّ ما أفعله؟.. وقد بذلت جهداً كبيراً لتقمُّص الدور كما ينبغي، إلى درجة أنني سكنت قبالة قصر كنزينغتون، الذي كان مقَرّ إقامة الأميرة الراحلة، وقابلت أشخاصاً كانوا من معارفها».

النقاد السينمائيون كانوا الأكثر غضباً من الجمهور ومن الطبيب حسنات. أحدهم قال إن فيلم «ديانا» فَقَدَ بوصلته، واتَّجه نحو الطبيب الباكستاني حسنات خان أكثر مما ركَّز على الأميرة، فظهرت وكأنها تابعة له، تحيا من أجله، تتحرَّك بإشارة منه، وكل أعمالها الخيرية والإنسانية التي قامت بها إنما فعلتها بوحي منه. بل يمكن القول إن الفيلم مفصَّل على مقاسه هو، وكان الأفضل لو حمل اسمه منذ البداية، ليكون بطل حكاية «طبيب أَحَبَّ أميرة» كما كنا نرى في حكايات وأفلام الطفولة. لكن حتى في أفلام الطفولة الخيالية، نرى الفارس يضحّي، ويأتي بالمستحيل من أجل أميرته، بينما هنا سارت كل الحكايةفي الاتجاه المعاكس!

كما سجَّل النقّاد أخطاء كثيرة وقع فيها مخرج الفيلم وكاتب السيناريو، ذهبت إلى اتهامهما بالاستعانة بالخيال أكثر من الاستناد على حقائق ووثائق تخصّ حياة ديانا خلال العامين الأخيرين، أي قبل حادث مصرعها الأليم رفقة صديقها المصري دودي (عماد الفايد) في 31 آب/ أغسطس 1997 في حادث غامض تحت نفق «آلما» في العاصمة الفرنسية باريس.
_____
*الدوحة

شاهد أيضاً

“أثر على أثر” معرض لمفاضلة في المتحف الوطني

(ثقافات) “أثر على أثر” معرض لمفاضلة في المتحف الوطني برعاية العين د. مصطفى حمارنة ينظم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *