إبراهيم نصر الله
( ثقافات )
بكُم سيصعدون الجبل
معهم ستصلون القمة
هناك الكثير ولكنهم ههنا لا يريدون غير الأقلْ
جدّة قرب رأس الصغيرة تحكي حكاياتها
لم تزر ذات يوم طبيبا ولم تتناول دواءً
تدور كزيتونة في السهول وقبل صياح الديوك تشقُّ دروبَ الأملْ
وبصحَّتها يضربون المثلْ!
هناك الكثير.. ولكنهم ههنا لا يريدون غير الأقل:
صعودُ الجبل
منذ أشهر التقيت بطلة صعود الجبال الفلسطينية الصديقة العزيزة سوزان الهوبي، التي كانت أول امرأة عربية تصعد قمة إفرست. حدّثتني عن مشروع تنظيم رحلة إلى قمة جبل كلمنجارو دعما لجمعية إغاثة الأطفال الفلسطينيين التي يعود لها الفضل في علاج آلاف الحالات لأطفال فلسطينيين، سواء أكانوا مصابين بأمراض أو من أولئك الأطفال الذين تسببت قوات الاحتلال الصهيونية ببتر أعضائهم أو فقئ أعينهم، أو إحداث أضرار بليغة في أعضائهم الداخلية.
هدف الجمعية، الذي تم إنشاؤها خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وما رافقها من بطش همجي بأطفال فلسطين، هو معالجة هؤلاء الأطفال في الداخل، ونقل الحالات المستعصية لتقديم العلاج اللازم لها في الخارج.
أحسست فورا أن مشروع هذه الرحلة النبيلة ضروري ومهم، ولكن حين سمعت أن المتطوعين سيرافقون، في طريق الصعود إلى القمة التي تحتل المرتبة الرابعة بين جبال العالم ارتفاعا، سيرافقون أطفالا فلسطينيين بترت سيقانهم، أدركت أن المشروع أكثر ضرورة وأكثر أهمية، وانتابتني أحاسيس عميقة التأثير في حزنها وفي فخرها أيضا، إذ ثمة أطفال فلسطينيون سيحملون رسالتهم ويرسلونها إلى العالم كله من فوق قمة ذلك الجبل، وسيقولون لذلك الجيش الصهيوني الذي أفقدهم أجزاء من أجسامهم، بأنهم لم يُهزموا، ولن يُهزموا، وسيثبتون أنهم، بما تبقى لهم من أرجل، قادرين على أن يقولوا للبشرية: نحن أبناء هذه الحياة، أبناء شعب يقاتل من أجل حريته منذ أكثر من مائة عام، وأننا لن نُهزم.
ستكون مشاركتي، مثل مشاركات غيري من المتطوعين، الذين تحملوا نفقاتهم كلها، أن نصعد الجبل وأن نعمل ما استطعنا على جمع التبرعات لهذا المشروع، الذي يحلم المشاركون فيه بجمع مليون دولار لجمعية إغاثة الطفل الفلسطيني، عبر صفحات شخصية أنشأتها الجمعية لكل متطوّع، حيث سيحاول كل متطوع منا أن يجمع أكبر قدر من التبرعات عبر صفحته، وتوضع التبرعات مباشرة، من قبل المتبرع، في حساب جمعية الإغاثة.
لقد قدمت جمعية الإغاثة العلاج اللازم لمعتصم وياسمين، كما قدّمته لمئات غيرهما، وأدرك الاثنان ببصيرتهما الإنسانية العميقة، أن دورهما قد جاء لتقديم المساعدة لأطفال آخرين، في ظل وجود ضحايا جدد كل يوم، وضحايا لم يجدوا العلاج بعد، بين صفوف أطفال الفلسطينيين في الداخل والخارج أيضا.
لم تزل أمامنا أسابيع قليلة لصعود الجبل، فالرحلة تبدأ يوم السابع عشر من شهر كانون الثاني، يناير 2014، ولكنني منذ الآن أحس بذلك التغير العميق الذي يصيبني، وأنا أعد نفسي لمرافقة هذين البطلين لبلوغ القمة، للتعرف إليهما أكثر، للتعرف على جيل كامل من الأطفال الذين سعى الجيش الصهيوني بكل ما لديه من أسلحة الدمار أن يحرمهم من طفولتهم، من لعبهم، وأن يسد أمامهم دروب الأمل التي شقتها لهم أمهاتهم وجدّاتهم وآباؤهم وأجدادهم، والتعرف أيضا إلى عدد من النساء والرجال النبلاء، عربا وأجانب، الذي سيأتون من عدة قارات.
ولذا أتوجه لكم جميعا أيها الأصدقاء، حيثما كنتم، بأن تتقدموا للتبرع لهذه المشروع، فكل مبلغ، أيا كان حجمه سيكون ضروريا، سيكون خطوة يخطوها معتصم وتخطوها ياسمين نحو القمة، كما سيخطوها أطفال فلسطين نحو حريتهم، خارجين من واقع اليأس إلى شمس الحرية والأمل.
بكُم سيصعدون الجبل
معهم ستصلون القمة
موقع الحملة : https://www.z2systems.com/np/clients/pcrf1/campaign.jsp?campaign=98&fundraiser=4166&team=63&