* الشيخ نوح
( ثقافات )
كانت مِلحفتها الملونة تشبه لوحة “الفردوس المفقود” تمشي على قدمين و يأخذ منظرها شكل قوام ممشوق تحرض تفاصيله اللغة على التورط في مغامرات تعبيرية باذخة الخصوبة؛ شديدة الإضاءة بألوان الطيف السبعة.. في كل التفاتة كانت نار الشهقات تندلع في رئتي كالحظ المفاجئ ولم أكن أستطيع كبت تلك الحرائق الزاحفة على بستان القلب الأخضر بلذة مكثفة مثل أحلام عاشق مصلوب على قارعة النسيان وهو يستعيد شريط المواقف الباهتة ويضيء شموع الذكريات عل لحظة هاربة تسطع في دهاليز جمجته و تسكب آخر قطرة تبقت من نبيذ الأمل لم يسعفه الوقت لارتشافها!
ما لي حين أقف أمام المرآة تبتلع ملامحي فلا أرى بوضوح غير تلك الابتسامة التي لم أستطع تأويلها وبقيت معلقة الظلال؛ رمادية التفاصيل كما كل الخرافات في ذهن طفل ذكي؛ فهل يا ترى كانت تقصد أن تقترف إثم عقابي بصورتها التي تخاصر الذهن كلما جنحت زوابعه للهدوء أم أنها لم تقصد إثارة كل هذه العواصف التي تجتاح جغرافيا القلب المشتعل و مجابات الذاكرة المسدودة الثقوب منذ لوحت بمنديل الوداع ذات مساء بُنّي بقي محفورا في تضاريس الوجدان.. وفي رائحة المكان؟
هي والسيجارة المزروعة في يدها السمراء كانت كل واحدة منهما تدخن الأخرى وكنتُ أنا أحسد كل نفس تأخذانه وكل قبلة تجترحانها.. آآآه!! ليتهما تدخنانني فهل دوائر الدخان المسافرة إلى اللاهنا إلا بنات حب وغيوم شوق بيضاء ستمطر يوما فتخضر هذه الصحراء جنات و أعنابا وتتدلى فواكه العشق و شهوات الجسد الذي كان مسلوقا على رمل القمع غير مقطوعة و غير ممنوعة!
يرمقني الفاكهاني و يستغرب من تسمّري هنا كأنني نسيت قلبي عنده و أنا مازلت هنا أتأمل التفاح الذي اخترتِ بعضه و أمرر يدي عليه لأن رائحة من عطرك الطاغي ما زالت تبارك المكان و تنتشر عبقا في امتدادات الذاكرة المغلقة!!
__________________
الملحفة: هي الزي الذي تلبسه نساء موريتانيا
* شاعر و صحفي من موريتانيا