قال الشاعر والناقد د. حكمت النوايسة، إن الشاعر عاطف الفراية ظهر شاعرا ناضجا وعميقا ومكتمل الأدوات الفنية، وإنه لم يتدرج في مسيرته الإبداعية، وكان ذلك واضحا في مجموعته الشعرية الأولى “حنجرة غير مستعارة”، بما اشتملت عليه من قصائد عميقة ومركبة، مثل قصائد: السامري، رعاة على ماء مدين، حنجرة غير مستعارة.
وأضاف د. النوايسة في قراءة نقدية مرتجلة لقصائد الشاعر الفراية وتجربته الشعرية في ندوة استذكارية نظمها ملتقى السلط الثقافي في المكتبة الوطنية مساء يوم أمس، إن الشاعر الفراية كان يضطر بعد إصدار كل مجموعة شعرية للتوقف عدة سنوات عن كتابة الشعر، وهذا ما فعله بعد صدور “حنجرة غير مستعارة”، إذ توقف أربعة أعوام عن كتابة الشعر، وما فعله بعد صدور مجموعته “بركان الحمام”، إذ توقف خمسة أعوام أيضا، ليكتب بعدها “سيرة ذاتية للقميص”.
وبرر د. النوايسة هذا التوقف عند الشاعر الفراية، بأنه لا يريد أن يكرر نفسه، أو أن يهبط مستواه الشعري عن بداياته المهمة، التي فرغ فيها طاقة إبداعية كبيرة.
وفي مداخلته تطرق د. النوايسة لبعض الجوانب الإنسانية التي تعرف إليها في حياة الشاعر الفراية، وهو الذي كان قريبا من البدايات، مشيرا إلى أن صاحب الحنجرة غير المستعارة، كان يؤمن بمقولة الصعلوك النبيل، ويتخفف في علاقاته مع الآخرين من كثير من التقاليد التي يراها بالية، وظل دائما نصيرا للفقراء والمهمشين، وفيا لأصدقائه، حريصا على إدامة الوصل معهم في أحلك الظروف.
من جهته قال صالح الذنيبات، خال الشاعر عاطف الفراية وصديقه، في مداخلة له في الندوة إن الشاعر عاش حياة البؤس والحرمان، وقصائده نتاج معاناة وحزن حقيقيين، وهي قصائد عميقة ولم يكن عاطف يحب أن يقلد أحدا، بل كان طوال مسيرته الشعرية صوتا متفردا.
وذهب الذنيبات إلى قراءة مقاطع اختارها من قصائد صديقه وابن شقيقته عاطف، ليبرز من خلالها جوانب إبداعية أو إنسانية في مسيرة الشاعر.
الندوة التي أدارتها وقدمتها الأديبة زهرية الصعوب، أشادت فيها بالتجربة الإبداعية للشاعر عاطف الفراية، متوقفة عند محطات عديدة في حياته ومواقفه الإنسانية، وقرأت على الجمهور رسالة بعثت بها للندوة زوجة الشاعر الراحل الكاتبة أمل المشايخ ، التي تحدثت فيها عن رفقة واحد وعشرين عاما من حياة مشتركة حميمة، كان فيها عاطف زوجا وصديقا ووطنا، شاكرة أصدقاءه والقائمين على الندوة على هذه اللفتة النبيلة.
وكان رئيس ملتقى السلط الثقافي محمد حياصات رحب بجمهور الندوة، وتحدث عن أهمية إقامة مثل هذه الندوة الاستذكارية لشاعر مبدع ترك بصماته في المشهد الشعري الأردني المعاصر.
وتم عرض قصيدة “سيرة ذاتية للقميص” على شاشة عرض في القاعة، بصوت الشاعر الراحل.
وفي ختام الندوة، التي حضرها جمهور من الأدباء والمثقفين وأصدقاء الشاعر الفراية، دار حوار تركز حول الدور الإبداعي للشاعر الراحل، وعلاقاته الإنسانية الحميمة مع أصدقائه، كما أشارت إلى ذلك الشاعرة مريم الصيفي وآخرون ممن قدموا مداخلات في الندوة.