جانيت لوبلانك /ترجمة: محمد الضبع
قف على نهاية حبل معلّق. لا أستطيع الحفاظ على كل الكرات في الهواء. لا أملك الرضا. كيف أحافظ على الحب بيني وبين زوجتي وأطفالي، كيف أحافظ على هذا المنزل، وكيف أحافظ على شغفي؟ كيف أجد التوازن؟
إجابة قصيرة: لا تبحث عن التوازن.
إجابة طويلة: عزيزي، أنت حقًا وبكل تأكيد لا تحتاج للتوازن.
وأيضًا سأخبرك بشيء آخر: البحث المضني عن هذا التوازن المستحيل هو ضرب من الجنون.
التوازن هو مجرد مغالطة. هو مؤامرة كبرى صممت لتجعلنا نشعر دائمًا بأننا نفشل وأن حياتنا تتداعى. صممت لتبيع فيديوهات اليوغا وجلسات التأمل والتعافي وأجهزة توفير الوقت في المطبخ. نحن نحرص على ملء هواتفنا بالعديد من تطبيقات المهام كي ننجز أعمالنا يوميًا وكي نشعر بالرضا عن إنتاجنا، ونشتري أجهزة لنوصلها بالمقابض الكهربائية حتى تجعلنا نشعر كما لو أننا نعيش وسط غابات مطر صناعيّة.
القليل من السكون، الآن.
رجاءً …
برغم كل هذا نحن نعيش بشكل صارخ ومستمر دون توازن. نعبر الكون على حبل رفيع دون شبكة تنقذنا في الأسفل إن سقطنا. لا يوجد هنالك قدر كافٍ من الوقت أو المال أو العاطفة أو حتى الاهتمام لنحافظ على هذا التوازن في كل وقت.
ولكن إليك الحقيقة. لقد خُلقنا للمد والجزر. كالمحيط تمامًا. كأطوار القمر. كالحركات من الظلام إلى النور إلى الظلام مرة أخرى. لقد خُلقنا لنتغيّر ونصبح أنانيين ونعوي وتصيبنا الفوضى. لقد خُلقنا لنجد الجمال والحب المجنون ولنجد النعمة في منتصف آلامنا.
هذا هو قلب الحياة، هذا هو مركز المفارقة. ويخبرنا عادةً: فليذهب التوازن للجحيم، لأنه يبقينا في أمان. ماذا لو قطعنا الطريق على فكرة التوازن المستحيل وأعطينا أنفسنا شيئًا ينتمي لأرضيّتنا أكثر ولحقيقتنا البشريّة أكثر.
ماذا لو تركنا أنفسنا لنُفتن أمام جمال فقد الاتزان؟ ماذا لو اتفقنا على ترك الأشياء على طبيعتها، بتجاهل مفعم بالحيويّة والجموح؟
لأننا عندها سنكتشف المعنى، سنكتشف أنه متعلق باللحظات. لحظات من الخلق المحض، لحظات من الجنس المذهل. لحظات من حب الأم لطفلها. من الغضب الشديد. ومن شهوة تجعلك تصرخ: أريدك الآن. من وقوعك على رأسك في حب العالم. من شعورك بأن الأرض ستفسح المجال لأقدامنا. من الشعور بالحرية والجنون والصدق، ومن الشعور بالثقل والحصار لدرجة عدم قدرتك حتى على النهوض من السرير.
ونعم، وسط كل هذا، حتى في تلك اللحظات التي تشعر فيها بأنك تنزلق إلى أروع انحيازاتك. وفي السابق، ربما نويت أن تدعو هذا توازنًا. لتنجح في إخضاعه وتتحكم به وتبقيه مهما كان الثمن. ولكن الآن؟ لا. أنت عنيف بما يكفي، تنتمي لعناصرك بما يكفي، لا يمكن أن تتحول إلى شخص متوازن وأليف. وهذا مثير للغاية.
أنا متأكدة أن شريكة حياتك ستشجعك على أن تعيش باكتمال، أن تعيش خارج التوازن، خارج ذاتك المعتدلة، لتحافظ على الحب بينكما طوال الطريق.
لا يجب عليك أن تتبع أية تعليمات غبية لتحقيق التوازن. لا تنتظر سقوطك من على الحبل العالي، بل خذ قفزةً للإيمان. ثق بأجنحتك. الأرض المتقلّبة أسفلك تحييك، وتصبح منتعشة وصادقة. مثلك تمامًا.
________
* عن مدونة “معطف فوق سرير العالم”