دبي.. الوجه الثقافي


باسل أبو حمدة *

لطالما اختلط مفهوم العمل الثقافي في العالم العربي بين النشاط والمنتج الخاص بالمثقفين من مفكرين وأدباء وكتاب وأكاديميين ورجال صحافة وإعلام، وبين المفهوم العام للثقافة، الثقافة الجمعية التي يشكل الفرد ومنتجه أساساً لها، وهنا نعني الفرد الذي ينتمي إلى أي فئة بالمجتمع وليس بالضرورة لفئة المثقفين.

التحولات التي تشهدها منطقتنا من جهة، والشوط الذي قطعته دبي عربياً وعالمياً في إعادة تعريف مفهوم المدينة والمدنية ضمن معطيات العصر الراهن، تجعل من العمل الثقافي المؤسسي، ومهمة المؤسسات الثقافية تحدياً ملحاً لأسباب كثيرة أهمها، أن دبي، كمدينة وفكرة وعلامة فارقة، استطاعت أن تؤسس لنمط حياة وأعمال وسلوك اجتماعي نوعي يضاهي أنماط الحياة وسلوكياتها في المدن العريقة حول العالم، فانخرطت بقوة في خط موازٍ في مشروعها الثقافي والفني بأبعاده الانسانية المرتكزة على الموروث الوطني، ورافقت تجاربها الثقافية رحلة مدينة الأعمال والتعايش الاجتماعي، واستطاعت في زمن قياسي أن تقدم للعالم منتجا ثقافيا- فنيا اتسم بالثبات والخصوصية لاسيما في الحراك العالمي للثقافة والفنون عموما والفن التشكيلي والمسرحي والمعماري على وجه الخصوص.

لكن ذلك البعد الانساني الشامل لم يكن يعني أن التركيبة الثقافية لمدينة دبي قد شهدت بالضرورة اغتراباً حضارياً عن جسمها الثقافي وإرثها ومحيطها العربي، مثلما لم يعن أن تنسلخ عن عمقها الثقافي الإقليمي والجذور التي ضربتها من خلال أنشطتها الاقتصادية على المستوى العالمي.

باختصار، تحدي العمل الثقافي في دبي يتمحور حول ضرورة مواكبة ما حققته دبي في المجالات الأخرى، الاقتصادية تحديداً انسجاما مع إرثها العربي وواقعها العالمي، وأخيراً تعميم مفهوم الثقافة ليشمل مختلف أنماط الحياة بحيث لا يقتصر على المفهوم العادي للثقافة العربية الكلاسيكية، إن جاز التعبير، وهنا يبرز دور هيئة دبي للثقافة وندوة الثقافة والعلوم من بين مؤسسات أخرى في قدرتهما على تقديم المنتج الثقافي لجمهور عريض اعتمادا على مبدأ تحويل المنتج الثقافي إلى سلعة عالمية مع مراعاة الجانب الابداعي.


* البيان

شاهد أيضاً

الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر

(ثقافات)  الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر مصطفى الحمداوي يقول أومبرتو إيكو بإصرار لافت للانتباه: “لطالما افترضتُ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *