مـــوت الــمـوت لحـوري الحــسـيــن


*جـيـب طـلال
( ثقافات )

(1

بـين مـا(كان) ومـا هـو (كائن) الآن؛ في المجال الإبداعي؛ تتـراءى  لك إبـداعـات نحتت وجـودها من الصـخـرالسيزيفي؛ مـن أجل ترسـيخ الفـن المسرحي؛ في الــنسيج المـجـتمعي؛وإنـماء الـفكـر المسرحي وإشـعاعه بيــن المريدين والمتعاطفـين؛رغـم الاكراهـات والمنـاورات وضـروب الحـصار؛غـيرالمعلـن أوالمـكشوف حـسب المـحطات الـتاريخـية والأشـخاص المسـخـريـن لـذلك؛ ، وفي نفـس اللحـظـة؛ تـسرد الذاكرة: أسماء ووجـوه طـواهـا النسيان واللامبالاة في تضحـياتها؛ ونـكران ذواتهـا؛ إذ الأمر لا يرتبط بتـمجـيدها بـل بتـمجيد الفـعالية المـنتـجة( آنذاك) ضـد الخـواء والصمت؛ لينبعث التـوهـج اللامحـدود مـن الرمـاد، وتحـقـيـق كــنــه التواصـل السحـري؛ الكـاشف للغمــوض وآلام وآهــات الوضع الإنساني؛ ومـا أحـوج المسرح ( الآن) لـتلك الطاقـــات المبدعـة؛ التي كانت لا تسعى لشـهرة أو رصيدا بنكـيا؛ بـقـدر ما كانت تحاول تـحـقـيق نشـوة ( الإنابة/البوح) عــن الأوضاع والتناقـضات المجـتمعـية وتـعري زيف الواقع؛ الذي يتم زيفه وتزييف قـيمة الإنسان وإنسانيتـه؛ومـواجهة الخطابات السياسوية؛ التي تـلمعه؛ من أجـل الاستـغلال والانتهازية؛ وهـنا فـمن الصعب إيفاء حـق (كـل) الـفعـاليات التي كانت تكابد وتـكافح فـوق الركح وخـارجه؛ كل حـسب طاقاته،في عـجالة أو ورقـة؛ وفـاء واعـترافا أنـهم كائنات مبدعة؛ كانت بيننا؛ ولـكن ذكـربـعض(منها)يعتبر نوعا من الإحـتفاء عـلى الأقـل بجـزء من ذاكرتنا الثقافـية المشتركة، واستحضار( ضمني)لعطاءاتها وإسهامهـا في إثراء رصيدنا الإبداعي :
كعبد الصمد الكـنفـاوي/ فـريد بنـمبارك/ م تيمد/ م مسكين/ع الكـريم بناني/ م التاجـر/ يحـيى بودلال/ التهامي الجمرقان/ زهـرة باكوش/ ع الرزاق مـراس/ محمد التويجر/إدريس المامون/ فاطمة شبشوب/ فـتيحة الحــيمر/ زكي العلوي/ مصطفى التومي/ ع القادراحشيوش/ محمود مـانـا/ زهـرة برازي/علي الجداوي/ م بنجـدي/ ع السلام الحبيب/م دراعـو/شامة المؤدن /ع الجبارتوريت /مصطفى الطاشرون/أحمد البورشدي/ فاطمة وكيلي / جمال البيضة/عـباس إبراهيم/الغالي الصقـلي/ع الله المعاوي/ع الرزاق بنعـيسى/ م قـيسامي / أحمد أمال /بنيحي العـزاوي/فـريد المدور/ يونس الفـيلالي/ /ع اللطيف الخولاقي /قـاسم العشيري/ إبراهـيم وردة/ لحـسن قـناني/عـمردرويـش/ م دحـروش/ م عـبابة/ع الواحد قـيصر/عـيسى لكويس/ رشيد بوفـارسي/م بيوض/ مريم الـعـوني / /كـريمة شمــوط/ لحـسـن لمراني/ /سعيدة المنظري/خديجة المحمدي/المكي الوزاني/خديجة العلوي /بشرى بنهران/ بوبكـر بوزردة/عـزيزالفـيلالي/ فـريد الصغير/م التلمساني/ م بومنديل/ فاطمة كبيبة/ م عـادل/حـسان بدور/مكروم الطالبي/م عـبد القـوي / إبراهـيم نشيخ/ الأبيض الشرقاوي/م بلعـربية/ع الله النظام/ أحمد الواجـيني/حـمودة أبـو الفـضـل/م الناصري/ / إبراهيم الريحاني/ المهدي وذغـيري/…/ حـوري حـسين ( أو)
مذنب الحسين.

(2) 
إنـه الاسم الحقـيقي لهـذا المبدع ؛الـذي(كان) يعـتبر ظـاهـرة استثنائية ومتـفـردة بـكـل المـقاييس في المسرح المغربي؛ بـحكم عـطائه الإبداعي المتميز؛ وعــصاميته المتـفـردة؛ وشغبه اليومي؛ الذي كان يبـدعـه بطـريقـته الخاصـة وتـصوراته الإيديولوجـية والـفـكرية؛ قـبل أن يؤثثه فـوق الـركح؛ لــيصول بعـنفـوان جـسـده النحـيف؛ الــذي كان يبدو( واهـنا) ولـكن ليس كذلك؛ بـل هـو أسلوب ( استرخاء) لتفـجـير ما يحاصر الجـسد ( الآخـر) وتركـيبته والمـكونات المحـيطة بـه؛ ليـكـون تركيبيا: شخصية/ شخصيات وعـنصراجماليا؛ مادامـت أعـمالــه أعـماله(كانت) تعـبـق منـها تجارب معاشة ومعيشية؛ ليـتقاطع الـجـسـد بسينوغـرافـية- العـرض- قـصد تعـرية الـواقع وبؤس الـفـرد أيـن مـا كـان لـتـحـقـيق صرخة الإحـتجاج عـلى ذلك ؛ والذي لم ينتجه(هـو)بـل هـو نـتاج اللآعـدالة اجـتماعـية والتهميش والبطش الممارس تجـاه الإنسان المقهور ليزاد قـهـرا؛ عـلما أن بيـئة وتنشئة الراحل- حـوري حـسيـن-1946 كـانت أكثر بـؤسا وقـسـاوة؛ بـكاريان سيدي عـثمان( الدارالبيضاء) أكـثر الأحـياء القـصديرية أسانة، وأوبئة ومـجاعة (أنـذاك) إضافة للحـصاروالقـمع الذي كـان يمارس عـلى الأحـياء المهـمشة؛ وهـذا مـرتبط بدراستـه المتـقـطعة والتي توقـفـت عـند حـدود الإعـدادي لأسباب مــعددة؛ أبرزها الفـقر المدقع وضيق حاجة أسرته فأمسى يتردد على دور الشباب لـينخـرط في العـديد من الـجـمـعيات :

ابتداء من(س1960) /الـعهدالـجـديـد/ اللـواء/ ليالي الشعـب/ العـروبة/ وفي هـاته الجمعيـة؛ وجـد إلى حـد مـا رغـبته الإبداعـية؛ مقابل ذلك صادف أحد المـهووسين بالفـن ودروبه؛ فـظــل يعـطـف عـليه؛ ويساعـده ويدعـمه في حـاجـياته الـيومية؛ لـكـن في الأوساط البيضاوية (كـان/ يروج) بـأن– حـوري الحــسين- كان يكـتب ويـنجــــز الأعـمال المسرحـية؛وتوقّع باسم ذاك(المحـسـن) الذي(أصبح) رئيسـا للـجـمعيـة،فـهاته الظاهـرة لايمكن نـفـيها في المشهـد المسرحي؛ ولكن انعدام الإثباتات والحجية، يبقى الموضوع( علامة استفـهام) وفي حالة الـراحـل؛ إذاكان( حـسن مضياف) قـيد حياته وفي وضعيـة نقاهة؛يصـرح: أنـه بدأ نشاطه الفـني مع فـرقة العروبة المسرحية سنة 1974، وكانت أول مسرحـية شارك فـيها بعنوان «سمفـونية الغـضب» وهي من تأليف المسرحي الراحل الحسين حـوري(1) مـقابل هـذا ففي بداية( السبعينيات) أسس رفقة – محمد دراعو- جمعية (الجمهور)لـكن لــم تـفـعـل إلى في(1975)إذن: فمتى كـان يكتب نصوصا لذاك (المحسن)؟ ولقـد أثرت هاته النـقـطة؛ بأن ما كــان يـروج (حوله) مـجـرد دعاية رخـيصة؛ لأنـها تقـرأ بشكـل مقـلوب؛ بأن( الراحل) كان استغلاليا[مقـنعا] وهـــو المعـــــروف ( آنذاك) بالـوفاء والإيثار؛ وبوهـيمية مـغلفة بالزهـد؛ والقـليل ممن يـعلم أنه تنازل عـن البطولة لشريط حلاق درب الفقـراء للمرحوم (م الركاب) ليسند ل(م الحـبشي) الذي هـاجـر الفـن؛ وفي جعبته قــضايا ومـلفات ضخمة عــن المشـهـــد الإبداعي.

مـــرآة الــراحـل
———

 التنـقـل الذي عـاشه (الراحل) بين الجمعيات نتيجة المزاج المتقـلب ،أعـطاه تـجـربة
واحـتكاكا بالممارسة الفاعـلـة والمتـفاعـلة بالأوضـاع السياسية المـلتهبة؛ قـبل أن يؤسس(مسرح الجمهور) لـيفـجـرفـيه؛ طـاقـته المبدعـة ؛ لـمواجهة واقعــه الـذي هـو واقع شرائح المجـتمـع؛ مما أبـدع أعـمالا ؛ تـعد مـرآة سـاطـعة؛ لحـقـيقة كـينونته؛ المـفـعـمة بالـقـلـق واليأس، وتـعـبير صارخ لصـدق تموقـفاته الوجـودية الناجمة عن رفــضه لواقــعه وتمرده عـليــه؛ من جـبروت الاستغلال واضطهـاد وإذلال إنسانية الإنسان البسيط والــمهـمــش والكادح الذي يحاول أن يؤمن بالكاد لقـمة عـيش؛ وبالتالي فـما أنـجـزه يمتاح من الـواقعي والمعاش؛ لـهمـوم الإنسان وقـسوة الحــياة؛ والتي تتـقاطع بما هـو- ذاتي/نـفـسي- بحكم التأثير والتفاعـل بحـركية الـواقع؛ تطوراته وأحـداثه؛ لكن كان يـغلف الذات؛ في سياق جمالية- الجسد/ الممثل- ناطقا بالمعطيات؛ وهـذا المنظوريحيلنا رأسـا لـقـناعـة( الـراحل) بأفكار وتصورات – برشت- حـينما يقـول هـذا الأخـير في مذكراته[..أتـكلم اعتمادا عـلى التجـربة؛ لأوكـد: أنه لن نخاف من أن نـقـدم للطبقة الشـعبية أشياء جـريئة…] لكن صياغـة الـجرأة تـختلف لـديه في سياق الشكـل الـجمالي؛كـتوظيف الركح دائما؛ إما بشكل دائري(أو) مثلت؛ منعكس عـلى اشتغال سينوغـرافي متشظـي ومـفـعم بالأقــنعة والدمى؛ والأحـذية والألبسـة و؛؛؛؛ كل مـاهـو بسيط؛ لكنه إيحائي بالصراع والقمـع والتـهميش؛ لكن مما يؤسف لـه؛ أن أعماله ( كلها) أصابها النهب والتلف؛ من عـدة أيادي؛ فـلو كانت متوفـرة؛ وتم تحـليلها عـبر المنهـج الاجـتماعي/ الإنساني/ التداولي/ لتبين( ماديا)لما فـيها من جـرأة نـاذرة ورؤية ما يـقع الآن(سياسيا) وهـذا ليس مزايدة؛ بـل ما ظل مخـزونا في الذاكرة من أعـماله؛ التي كانت تعبيرا عـن فترة زمنية موبوءة بالتناقـضات الفـكـرية والصراعات السياسية والحـزبية؛ البعيدة عـن هـموم الشعب ( مضمونا)وهـنالك (كانت) إشارات ذكـية لعـدة جـوانب غـيرمرئية فـي التنظيم السياسي الذي (كان)مـؤمنا بـه؛ وعايش عـن قـرب (كل) حركات منخرطيه وفعاليته؛ لكـنه أحـس بـأنه بمثابة- كركوزة- يدافع ويصرخ بالمواقـف؛ ويحـرك الهمم نيابة عـن الـحـربائيين؛ وما هـروبة إلـى ( المـحمدية) إلا نتيجة مـا ألت إليه الصراعات الـدموية والشرخ الذي أصاب التنظيم؛ بشكل مأساوي ورهـيب؛ وهـناك( الآن) مناضل من طينة ناذرة؛ يكشف أوراق تـلك المرحـلة بدقة مـتناهـية ،في إحدى( الجـرائد الوطنية)فاستقـرار( الراحل) بالمـحمدية، بعدما هـيأ لـه أحـد الفعاليات النزيهة في الشبيبة والرياضة؛ ومــناضلا كـفـؤا؛ الظروف الملائمة؛ وهـذا النبيل(هـو)- ادريس الـعـراقي- كان: مديرا لدار الشباب العربي؛ وعـن طريقه تـعرف عـليه- حـسين بـكري- مؤسس جمعية مسرح النـبوغ ؛ ليتم الاشتغال سويا؛ وبالتالي كانت النهاية التراجـيدية(الانتـحار) الذي لم يـأت عـفـويا؛ بل لـه ترسبات ومـقـدمات وآهـات سابقة؛ انطلاقا من وضعـه الاجـتماعي؛ المهـمش والبئيس؛ والحصارالممنـهج الذي عاشه من كل الأطراف و الجهات؛ وعـدم الاعـتراف الذي يستحقـه ويكفي هـاهـنا؛ إقصاؤه من عـضوية( اتحاد كتاب المغرب) وهـو يدرك ( أنه) كان مـلحقة أو فـرعا من فـروع التنظيـم ؛ وبالتالي فالإحـساس باللامبالاة لعـطائه وتضحـياته؛ عـوامل مترابطة برهـافة روحه؛ أدت لما أدت بـه ؛ والملاحظ أن عـناوين أعماله// سمفـونية الغضب /اغتيال مرزوق/زمن الأقـزام/ الحـرباء/ /إمبراطورية الشحاذين/ مجـنون المدينة / الهـوس / صرخة عـبدو/ درعـة لـن تـجـف/ عـبدو والكـراكيز/ الزمن الأحـدب / أين الرؤوس؟/ الطوفان/ لعجاج/ فـريفـرة/…./ تحمل الاقـتضاب؛وهـو نـوع مـن الاقـتضاء الدلالي؛ لـينسج شبكة عـميقة الدلالات؛ لحـظة موضعـة زمنية الكـتابة؛ والأحـداث البارزة في المحيط الاجـتماعي والسياسي؛(أنـذاك) الذي كانت تحـيط بـه أو يتفاعـل مـعها فـمثلا( مـجـنون المدينة) كتبها في1983؟؟؟ وفي هـذا التاريخ رحـل إلى
( المـحمدية)؟؟
وبالتالي فالفـنان المرحوم حوري الحسين كان ظاهـرة استثنائية وغـريبة في المـشهـدالمسرحي؛ وهـذا الاستثناء؛ كان عـلينا ألا ننسـاه؛ ولـن نـمارس عـليه النـكران حـتى بـعد نهايته؛ التي تحتاج إلى أشرطة وثائقـية؛ كـما صـرح بعـض من كان في مـعمعان التأبين؛ ومـا أكثرهـم؛ مـاقـالوا وقـالوا؛ ومـافعلواسوى إنشاء وتـحقـيق مـوت الموت لـروحـه؛ ولـيس وحـده؛ بـل بـعض الفعاليات المذكورة أعـلاه والتي رحلت إلى دار البقاء؛ أصيبت بداء ـ موت الموت-.

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *