*عزالدين المناصرة
1.صبّارٌ وسط النار:
صبَّارٌ منكَ، ومنهُ، ومنّي
مزروعٌ في الأرض كطودٍ،
يشمخُ في الكون كَ جِنّي
صبَّارٌ أخضر
يرشف من حِنّاءٍ أرسمه
قهوائياً في فنّي
ينقصني يا سيّدتي
وطنٌ لا يشبه وطني
لكنْ لا يشبه أيَّ جحيم آخر.
صبَّارٌ من حجر الصوَّان البُنّي
صبّارٌ وسط لهيب النار يغني
ذلك أن فلسطين الخضراءْ
أكبر منكَ، ومنه، وأكبر منّي.
2. سلالم السيّد:
ألقى خطبةَ تهديدٍ للبشرية
كي تركع (سوريانا)، حسب التصريحات الهمجية
واستدعى في حضرته كلَّ ألاعيب السَحَرةْ
صعد (الأزرق جدّاً) نحو ذؤابات الشَجَرةْ
يحتاج الأزرق جدّاً أكثر من مرسمْ
يحتاج الأزرق جداً أكثر من سُلَّمْ
كي يرسم دربَ خلاصٍ لهبوط آمنْ
لكنَ الروسَ الحاميةَ الكنعانية
نَقَفَتْهُ بأحجار البريَّة
أنزله من رأس الشجرة سيفُ القعقاعْ
فتهاوى (الأزرق جداً) نحو القاع.
3. تغريدة سوريانا:
يستيقظ المطرُ
يستيقظ الدوريُّ والنارنجُ والتاريخ والوَتَرُ
فأراكِ من خلف الحدود جريحةً، والقلب ينفطرُ
يا شامُ، هذا الأحمرُ الدموي ينهمرُ
وأشمُّ ورد المرجة الخضراء والصحراء تحتضرُ
قد تهجم الأمم القديمة والحديثةُ،
تهجم الرايات، لا تُبقي، ولا تَذَرُ
أو ربَّما،
يستيقظ الزيتون والصفصاف والحور العريقْ
أو ربّما،
من نومها، هذي المنازل قد تُفيقْ
أو ربّما، قد ينطقُ الحَجَرُ
ليجيب فجراً، آهِ سوريانا، وسوريانا،
تقول: أصابعُ العرَّافةِ السمراء…
4. حفيد:
يا أيُّها الولد الهُمامْ
الغيمة البيضاءُ قد تأتي إليكَ
من البحار الزُرْقِ، متعبة القوامْ
أو قد تجيء من الكلامْ
إشربْ حليبكَ كي تنامْ
فالريحُ عاصفةٌ تُهمهمُ، والبُروقْ
قد تُشعل الغابات … يحترقُ الحمامْ
اشربْ حليبك كي تنامْ.
5 . كيراك:
كيراكَ … كيف الحال،
– غايةٌ
– وِشرْاكَ … كيف الحال،
– لا باسُ
– قد كان لي كاسٌ،
فانشقَّت الكاسُ
وكان لي ناسٌ
يوماً، وجُلَّاسُ
وكان لي وطنٌ
يسمو به الراسُ
كيراكَ … غايةٌ …
وشْراكَ … لا باسُ.
6. مذبحة
ربّما مالَ نحو الحديقة،
ثم رأى فجأةً قرب بئر السماءْ
سُربةً من عصافير هذا الفضاءْ
فرفطتْ روحُهُ حين هّشَّ عليها
فطارت تُصفّرُ عند المساء
هبط الليل فوق القرى،
حين نامتْ أغاني الحداءْ
حين فاجأَهمْ مطرٌ كالحصى في السُيولْ
رجعوا القهقرى من شقاء الحقولْ
فرأوا في المدى مذبحة
بعدها انفجر الأفّقٌ، والتمعتْ أسلحة.
فرأينا شواهدَهًمْ تتكلم كالأنبياءْ
هرب الفاعلون الذينْ…
أينما وجَّهوا ظلَّهمْ، ستظل الدماءْ
تلحقُ القاتلين.
7. لن أستطيع:
الجمالُ… إذا شئتَ تعريفَهُ بوضوحْ
سماحةُ وجه امرأةْ
وتناسقُ أجزائها في مرايا زمان الجُنوحْ
جاذبيةُ روح الجَسَدْ
فتنةٌ طافحةْ
تعمُّ زمان المكان الفسيح:
لي صديقٌ قديمٌ
يظلّ يُردّدُ قصّته: لقطةٌ،
(صورةٌ) لشقاوتهِ في ليالي السُهادْ
مَعَ (نجوى فؤادْ)
قال لي: يا صديقي، لقد مرَّت الأزمنة
قال لي: لو أتت من جديدٍ،
تُراقصُ حقل مرايا الفسادْ
ها أنا اليوم في رَدَهات الصقيعْ
حاصرتني الغيوم، وصورتُها
فوق حائط ذاكرتي المزمنة
تتمتع بالسلطنة.
قال لي: لو أتت من جديدْ
لو جَثَتْ ركبتاها أمامي، استجابتْ
لنجوى فؤادٍ… فلن أستطيع.
8. أكثر ما يعجبني فيك:
أنَّكَ لا تكذبُ،
إلاّ علناً فوق رؤوس الأشهادْ.
أكثر ما يعجبني فيكْ
أنك لا تسرقُ أموال الصدقات
إلاّ بعد صهيل الليل على العَتَباتْ.
أكثر ما يعجبني فيكْ
أنك تشفط في المزرعة الخضراء، كؤوسَ الصالاتْ
كي تأتينا منتوفَ الريشِ، لطيفاً وابنَ لطيفْ
كي تبطح عاملةَ التنظيفْ.
أكثر ما يعجبني فيكْ
أنك تتسلقُ فوق الجدرانْ
في صمت الليل الرنَّانْ
كي تصل لمزرعة الأسيادْ
لكنَّك تتدحدلُ ظُهراً في قاع الوادْ.
9. قراءة في كفّك سيدتي
يَتَحفّْتَلُ قرب الدائرة القصوى للنار
يتحفتل حول الأسرار
يتحفتل حول المائدة المنسية
يتمحّكُ بالأشجارْ
يتمايل سَحَراً كي لا ينهارْ
أثناء صراخ البريَّة
يتحفتلُ، فاحترسي من فخٍّ منصوبْ
بعدّ وقبل رموز علاماتٍ سحرية
هاتي كفََّكِ كي أقرأ أوشام المحبوبْ
هاتي كفك أقرصُهُ طوعاً، ثمَّ أتوبْ.
10. ربيعٌ يُنظَفُ هذا الربيع
ربيعُ الدماءِ،
ربيعٌ خريفٌ مريعْ
نريد ربيعاً،
ينظف هذا الربيعْ.
_________
*(القدس العربي)