زمن بقدمين متقرحتين


*ماتياس يوهانِّسِنْ/ ترجمة: مازن معروف


طائر سمنة صغير
من تحت جناحيك
أكنس الأوراق
ها أنذا الريح
وأحمل أحلامك
تجاه الأعالي
وأنذا الريح
في غصون الخريف التي
دون أجنحة
وأنذا الريح
في الهسهسة الناعمة
لأحلامك
فرح
بطيئة تقبل الزهور
بطيئة كما لو أنك آتية من مكان بعيد
سالكة منحدرات
مصوِّبة عينك تارة نحو الشمس
أو جائلة فوق المروج
التي رائحة الربيع فيها والعشب 
والزهور بطيئة تغادر المروج
ومعك تنظر ما بعد النهر
إلى حيث الجبال 
تعطِّر السماء الحكيمة 
ثم تعود إلى الصيف والشمس 
اللذين يسير شاطئ برمله الرمادي
في أعقابهما
والزهور بطيئة تقبل
بالعشب بالبحيرات بالمروج
مالئة عينيك 
بلحظات غير مهددة
تأتي معها نسمة لزيارتك 
تهب من أجلك
كدافع متقد للحياة،
أنت التي لم يبق أمامك
إلا صداقة مع الأرض
المنتظرة ابتسامة عشبة الحوذان
والندى الدرّي فوق هندباء مصفرة 
تتبعك هي الأخرى
تلوح لك
ثم ترحل مع الأزهار الأخرى. 
قصيدة أيل الشمس
أيل الشمس
الذي رأيته قادماً من الجنوب
كان يقوده رجلان
أقدامه
وطأت الأرض
أم قرونه
فَعَلَتْ في السماوات. 
(من قصيدة موضع الشمس القرن الثالث عشر)
الشمس التي رأيتها
شمس الأيل
قرناها وصلا السماء
والنجوم المضيئة،
من مداس نظيف لبصمة
نبعت ينابيع
وسماء زرقاء
بسطت نسور
أجنحتها
فوق البحر والبحيرات
في فصل الربيع:
صور 
تتوق إليها العين
عندما كان الزمن بقدميه المتقرحتين
ينثني في موجة
وصدَفة
حيث المحيط
مستيقظ،
أتيتَ فوق شاطئ أبيض هادئ 
تداولت الوقت
الموت
متحدِّيَيْكَ، أتيت
أيها المسيح
متتبعاً أرضنا: 
أبصرنا
الشمس تتبع أنهاراً
نحو الرمال، 
أيلاً يطأ مقذوفات البراكين،
الحقول والمروج، يسعى
للأرض، وشعاع الضوء الأزرق،
قرونه
بلغت السماوات
ومع النهارات
تبرعمت زهور
حيث وطأ، طيور أنشدت
في حقل الذرة الباهت
فيما لغتنا
احتُسِبتْ من حق الشجرة.
ولا يزال
يتبع الناس والأرض
أيل الشمس في فصل الربيع،
لا يزال
يضع كلمة الحياة
فوق لسان أمتنا،
لا يزال كما في الأيام الخوالي
حين الجبال أقفلت البحيرات
والنهار غرق في عيون 
يعوزها الضوء، تعاظم وداع
وجوه استعدت 
للرحيل،
ولا يزال
يتبع الناس والأرض
أيل الشمس
مؤذناً بفصول الربيع،
قرونه بلغت السماوات
حيث لامست 
شموعاً جديدة،
شمساً جديدة فوق 
حقل الذرة الذهبي. 
في ذكرى فالهاوس′ 
جثة كلب، فكرة سابقة لإنسان 
ملقاة
كي تتعفن في مكب أيام بائدة، أسنانه لآلئ بيض، 
على تلة فالهاوس
رجل يصلب ومقاولو الرأي العام منشغلون 
بإدخال مسامير دامية في جسمه. 
أي عادات هذه أي عادات،
حلزون بلا منزل
ببطء يزحف بين أحداث الزاوية القائمة 
ومخروط يكبر
كبرج كنيسة هالغريم
في تلة وحيدة لا كروان ماء فيها أو زقزاق
فيما عصافير سمنة تغني في وجار أخضر 
لحدائق التراجع المهملة، عصافير السمنة 
ترفرف في عينين ناعمتين
للزمن الماكر
أي زمن هذا أي عادات
الطريقة التي لا نزال نذهب بها
للبحث عن تلك الأيام المعطرة بالطفولة، أيضاً 
الأحداث المتقرحة القدمين للجمعة العظمية
مغلولة تحت ثقل عارضتين غير متصالبتين
لإشراق عيد الفصح
نذهب للقاء العظام المفتتة في ريش جيف
الذاكرة المهترئة، وبعد نسائم الريح الخضراء 
تضرب العشب الذي له صفرة حلزون
متنبهة لآثار الخريف النامية بافراط
كأن المياه والعصافير مدَّتْ جناحاً
نحو تماوج ماء فانٍ
وكأن ضميرك ينمو كما لو أنه نسي 
أن الوقت يأوي سنواته في عام واحد
أيامه البرّاقة في تلألؤ يذوي. 
_______
*
يعد الشاعر الآيسلندي ماتياس يوهانسن (1930) واحداً من أكثر الأسماء الشعرية المعاصرة تأثيراً في الحياة الأدبية والفنية وأيضاً السياسية. يحظى باحترام كبير في الأوساط الادبية في آيسلندا ودول الشمال عموماً. نال العديد من الجوائز الأدبية وكرِّم مراراً. وقد ترجمت قصائده إلى لغات كثيرة. كتابه الأول حمل عنوان ‘ضحك المدينة’ عام 1958. شغل منصب رئيس تحرير كبرى الصحف الآيسلندية ‘Morgunblai’ لفترة طويلة. 
_________
*( القدس العربي)

شاهد أيضاً

كأس وظلال

(ثقافات) كأس وظلال عبد القادر بوطالب تلك الظلال التي طوت تفاصيل أجفاني سارت خلفي ما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *